سيناريو تخيلي.. حديث صلاح وأبو تريكة الأخير قبل مباراة غانا
الجمعة، 11 نوفمبر 2016 - 13:31
كتب : رامي جمال
"لا تبك أنت مازلت صغيرا والمستقبل أمامك لتحقيق الحلم".
فلاش باك – مدينة بسيون 10 فبراير 2006
بينما الصمت يخيم على الشوارع وفي منزل بسيط جلس الفتى ذو الـ14 عاما أمام التلفاز، تبدو على ملامحه القلق. على الشاشة لاعب يحمل قميص منتخب مصر، الرقم 22 تحديدا، يستعد لتسديد ركلة الجزاء الحاسمة في نهائي كأس أمم إفريقيا أمام كوت ديفوار، قلقه لم يدم سوى ثوانٍ قبل أن تقطعه صرخة "جووووووووووووول تسلم رجلك يا ماجيكو" واحتفال جنوني.
تمر سنتان ويتكرر الموقف لكن بشكل مختلف، نهائي إفريقي جديد، الإرهاق يسيطر على لاعبي مصر وفجأة تنشق أرضية الملعب عن محمد زيدان الذي يستغل خطأ سونج ويمرر الكرة لصاحب الرقم 22 الذي لم يتوان عن إهداء الفراعنة لقبا إفريقيا ثانيا على التوالي بفضل هدوءه في اللحظات الحاسمة. الآن الأمر تأكد له، أبو تريكة أصبح أيقونة ومثلا أعلى له.
يفكر الفتى لاعب المقاولون العرب آنذاك قائلا:"هل سأصبح يوما ما مثله؟ لا أعلم".
قبل أن يضحك خجلا في عقله الباطن ويواصل"مثله؟ مثله؟ هل أنا جيد كفاية لأكون لاعبا في الفريق الأول للمقاولون أصلا؟ هل سيرغب الأهلي أو الزمالك يوما ما في ضمي وأتوج بالبطولات معهما"؟
وأنهى صلاح تفكيره بأمنية"ليتني أحقق نصف ما حققه يوما ما".
ثنائي أدهش البرازيل
أولمبياد لندن 2012
لم يتأهل منتخب مصر للأولمبياد منذ المسابقة التي أٌقيمت في برشلونة 1992 والآن جاء الدور على جيل يضم العديد من المواهب في صفوفه لتقديم مباريات قوية.
ابتسم الحظ لصلاح واستطاع اللحاق بأيقونته في الملعب ومجاورته وبدأ التعاون المدمر للمنافسين بينهما.
ولكن قبل لندن التقى الثنائي مع المنتخب الأول وحينها طلب صلاح من أبو تريكة ارتداء رقم الأخير المفضل 22 على أن يرتدي الماجيكو 5.
ورد أبو تريكة ضاحكا"هتشتغلي فيها من الأول؟ هو لك الآن وعندما أعتزل فهو لك أيضا".
والآن حانت لحظة أحد أصعب المواجهات أمام البرازيل.
"منتخب مصر كان يمتلك فريقا قويا جدا وأرهقونا بشدة، مازلت أتذكر اللقاء حتى الآن، المنتخب كان يضم مجموعة مميزة مثل محمد أبوتريكة ومحمد صلاح" نيمار متحدثا عن مواجهة الفراعنة في الأولمبياد.
رغم الخسارة من البرازيل في افتتاح مباريات مصر في الأولمبياد بثلاثة أهداف لاثنين تسبب أبو تريكة وصلاح بإزعاج كبير للسليساو.
وأضاف نيمار"كان أبو تريكة وصلاح ثنائيا متفاهما جدا في الملعب، فاجأنا هذا الثنائي بتحركاته ونقل الكرة حتى تسجيل هدفين".
منتخب مصر خلال البطولة سجل ستة أهداف ساهم أبو تريكة وصلاح فيما بينهم في هدفين منهم، فالأول صنع للآخر مرتين.
نهاية الحلم في كوماسي
كوماسي 2013 – ذهاب المباراة الفاصلة لتحديد المتأهل للمونديال
وفي تصفيات كأس العالم 2014 سار الفراعنة بقوة وحققوا ستة انتصارات متتالية قبل المباراة الفاصلة وخلال التصفيات بشكل عام سجل الفريق 19 هدفا في ثماني مباريات ساهم فيها الثنائي في ستة أهداف.
صلاح سجل ثلاث مرات من صناعة أيقونته، وأبو تريكة سجل مثلهم من صناعة اللاعب الأعسر صاحب الـ22 عاما آنذاك الذي أصبح حديث سويسرا بسبب أدائه الرائع مع بازل.
وفي كوماسي في غانا يجلس أبو تريكة وصلاح في فندق إقامة منتخب مصر ويتحدث الأول للثاني قائلا:"هذه آخر مرة سأخوض فيها التصفيات فإن قُدر لي المشاركة في كأس العالم سأعتزل بعدها".
ليرد صلاح"مستواك يؤهلك للعب لعامين أوثلاثة، لا تفكر في أي شيء الآن فلنساعدك على تحقيق حلمك".
وما حدث الكل يعرفه مصر تسقط أمام غانا بنتيجة كارثية بستة أهداف لهدف.
وبينما الكل يشعر بالذهول مما يحدث ركض أبو تريكة باتجاه صلاح داخل الملعب ويضع يده على رأسه كي يهدء من روعه وبكائه ويقول له:"لا تبك أنت مازلت صغيرا والمستقبل أمامك لتحقيق الحلم".
ووجه له رسالة قائلا:"حقق لي ما لم أنجح فيه".
بعد المباراة وبينما الحزن يخيم على الجميع يذهب صلاح لغرفة أبو تريكة في فندق الإقامة، آخر شخص تحدث معه أبو تريكة كان صلاح في ملعب اللقاء وبعدها لم ينبس ببنت شفة وآثر البقاء وحده في غرفته مودعا حلم كأس العالم للأبد.
وتحدث صلاح"أعرف مدى حزنك، لا أحد يشعر بك أكثر مني، للمرة الثانية على التوالي تقترب من الحلم ولا تستطيع إدراكه، أعلم مدى صعوبة الموقف لا أجد ما أقوله لك حقا".
تنهد صلاح ثم استدرك"لكن كما طالبتني بتحقيق حلمك، أعدك بأنني سأفعل كل ما لدي لنتأهل للبطولة المقبلة سنذهب سويا لكأس العالم سترافقني هناك في روسيا".
سار صلاح باتجاه باب الغرفة وتحدث مجددا"سأفي بوعدي".
الخليفة كاد أن يسقط
لندن – يناير 2014
"محمد صلاح أول لاعب مصري في تاريخ تشيلسي" هكذا ركزت جميع أنباء الصحف المصرية على خبر انتقال صلاح من بازل للفريق اللندني الذي يقوده الاستثنائي جوزيه مورينيو.
لكن لحظة.. احترس صلاح يعود إلى الخلف.
ظل صلاح بعيدا عن المشاركة يلعب على فترات بعيدة وفي أغلب الأوقات حبيسا لمقاعد البدلاء وهنا بدأ النقد اللاذع له وأنه لا يصلح للعب في أوروبا وعليه العودة لمصر.
الدعم جاء من المثل الأعلي، أبو تريكة هاتف صلاح قائلا:"لا تعد إلى مصر أبدا وركز في مشوارك، أمامك حلم عليك تحقيقه".
صلاح تحدث عن علاقته بأبو تريكة في وقت سابق قائلا:"نحن على اتصال يومي هو يفيدني كثيرا ودائما ما ينصحني".
رحل صلاح عن تشيلسي معارا إلى جنة كرة القدم وبالتحديد لفلورنسا حيث يقبع نادي فيورنتينا وهناك عادت قدمه اليسرى لتعمل مجددا وتُبهر عشاق الفيولا أولا وكل من انتقدوه ثانيا.
عاد أبو تريكة للاتصال بصلاح بعدما قاد فيورنتينا للفوز على يوفنتوس في ذهاب نصف نهائي كأس إيطاليا بعد تسجيل ثنائية أحدهما كان هدفا مُبهرا وتحدث"كم كنت رائعا اليوم! كنت أصرخ مع كل تسديدة وتمريرة لك كما لو إنني طفلا صغيرا".
وأضاف"هل تتذكر ما قلته لك؟ أنت على قدر المسؤولية وتستطيع اللعب في أفضل أندية العالم".
صلاح رد سعيدا"لولاك لكنت الآن في مصر، لقد فكرت في العودة لأن التجربة كانت صعبة ولكنها علمتني الكثير".
عودة الفراعنة
الإسكندرية – ملعب برج العرب 29 مارس 2016
بعد الفوز على نيجيريا في التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 2017 ينطلق صلاح مهرولا عقب نهاية المباراة باتجاه غرفة خلع الملابس ويمسك بهاتفه ويرسل رسالة نصية لأبو تريكة"لقد عدنا إلى بطولة إفريقيا، مازلت على وعدي لك".
سبعة أهداف سجلها منتخب مصر في التصفيات ساهم صلاح في ستة منها بهز شباك المنافسين أربع مرات وصنع لزملائه مرتين.
أزمة جديدة تلوح في الأفق والكل يتحدث عنها وينتقد بسببها هيكتور كوبر المدير الفني للمنتخب المصري تُسمى "باصي لصلاح".
ومرة أخرى يظهر أبو تريكة ويتحدث قائلا:"لا تشغل بالك بأي شيء أتذكر ما قلته عنك عندما سجلت ضد فيورنتينا في عودتك الأولى لهم؟ قلت أن تتألق في ظل صعوبات وضغط كبير أنت لاعب كبير، أنت محمد صلاح".
وأضاف أبو تريكة موجها نصيحة لصلاح"لا تلتفت لأي شيء فقط أطالبك كما طالبك مدربك في روما سباليتي بأن تكون هادئا قبل اتخاذك قرارك لحظة تسديد الكرة لا تتسرع أبدا، تستطيع فعل أي شيء بقليل من التركيز".
هل تعلم تأثير صلاح مع منتخب مصر؟ شارك في 45 مباراة سجل 28 هدفا وصنع 16 آخرين أي أنه ساهم في 44 هدفا.
الإسكندرية - برج العرب 13 نوفمبر
الملعب ممتلء عن آخره والكل يرغب في رؤية مصر تنتصر على غانا بهدف الانتقام تارة وقطع خطوة أخرى نحو طريق التأهل لكأس العالم 2018 بعد غياب 28 عاما تارة أخرى.
يجلس صلاح وحيدا يمسك بهاتفه وهو ويضع عليه صورة شعار مونديال 2018 وأخرى لتلك التي كان يضعها أبو تريكة لكأس العالم 2014.
المحاضرة الفنية الأخيرة لكوبر تنتهي، الكل يستعد لارتداء ملابسه من أجل الإحماء، صلاح يتأخر قليلا عن الجميع ليرسل رسالة لأبو تريكة وهو ينظر لهاتفه بثقة "غانا لن تفعلها مجددا، حضر ملابسك الشتوية من الآن فكما وعدتك سنذهب إلى روسيا، حلمك سيتحقق وقد أمنحك القميص 22 الذي تحبه إذا أردت أن تشاركنا الحلم في الملعب :)".
----
ملحوظة: أكثر الجمل على لسان أصحابها هي حقيقية وقيلت بالفعل لكن تم وضعها في إطار السيناريو التخيلي.