كتب : عمرو عبد المنعم
ارتسمت علامات الحزن على الوجه الذي لم تغب عنه الابتسامة دائما، الغضب والضيق يظهر عليه وبصوت متأثر بكل هذه الظروف قال "انتظروا مفاجأة رادس".
خرجت هذه الكلمات من فم محمد أبو تريكة عقب نهاية مباراة ذهاب نهائي دوري أبطال إفريقيا لعام 2006 أمام الصفاقسي التونسي بالقاهرة.
يستمر معكم FilGoal.com في تقديم سلسلة أنا محمد أبو تريكة.. وهذه الحلقة الخامسة. عن ليلة رادس التاريخية.
كل ما يلي ورد على لسان أبو تريكة، ينقله FilGoal.com من أرشيف حوارات قديس الكرة المصرية.
التعادل في القاهرة
فعلنا كل شيء في كرة القدم ولم نسجل إلا هدفا واحدا فقط، وإذا كان الحظ معنا كان عماد متعب وفلافيو سجلا هدفين وتغيرت النتيجة تماما.
الشوط الأول انتهى في القاهرة وينتظرنا الشوط الثاني في رادس، البطولة لا تزال في الملعب، إذا كان الصفاقسي نجح في التعادل معنا في القاهرة، فلا مانع لدينا من تحقيق الفوز في تونس والعودة لمصر بالكأس، الجميع يعرف أن المباريات النهائية دائما ما تحمل المفاجآت.
احتفال لاعبو الصفاقسي بلقب البطولة بعد مباراة القاهرة كان سببا في فوزنا. تركوا المباراة وركزوا في تخيل مشهد الاحتفال بالكأس.
نسوا أن الأهلي يقاتل في الملعب حتى أخر ثانية لتحقيق الفوز.
قبل السفر لتونس
شخصيا أصعب يومين في حياتي كانوا بعد مباراة الذهاب، الوقت كان يمضي ببطئ وكنت أشعر بحزن كبير بعدما رأيت جماهير الأهلي حزينة للغاية بسبب التعادل.
الاستعداد للمباراة من قبل الجهاز الفني كان على أعلى مستوى بداية من التخطيط واختيار طريقة اللعب المناسبة للمباراة، حتى الجماهير في مصر التي لم تتوقف عن الدعاء لنا أو العدد القليل الذي أصر على السفر لتونس رغم التكاليف المالية المرتفعة.
حتى الإعلام المصري في هذا التوقيت كان يساند ويدعم الأهلي بقوة ويحفز اللاعبين على الفوز بالبطولة.
رسم مانويل جوزيه سيناريو لسير اللقاء ونحن في مصر وقبل السفر لتونس، كل توقعاته كانت في محلها.
خضنا بعض التدريبات السرية في القاهرة قبل السفر لتونس وشرح لنا جوزيه طريقة اللعب وتشكيل الصفاقسي المتوقع وقال لنا أنه يأمل في انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي وفي الشوط الثاني سيجري تغييرات هجومية.
شعرت بالتفائل بشكل كبير. كنت أثق في قدرة الأهلي على الفوز في تونس وتحقيق لقب البطولة وذلك لسببين.
الأول هو أن ملعب رادس اسمه الحقيقي ملعب 7 نوفمبر وهذا هو يوم عيد ميلادي، والسبب الثاني أن المباراة كانت تقام يوم 11 من شهر 11 نوفمبر، وإذا جمعت الرقمين سيكون الناتج 22 وهو رقم قميصي مع الأهلي.
لحظة دخول الملعب
قبل المباراة بساعتين وجدت الأجواء جميلة والملعب مميز وفي أفضل حال وحالة الطقس جيدة، وكل هذا جعلني استمتع كثيرا وأزال القلق والتوتر.
وعندما دخلت أرض الملعب لإجراء الإحماء شاهدت صورة الدخلة التي رفعتها جماهير الصفاقسي وعليها صورتي وأنا أقدم لهم كأس البطولة.
وقتها تحدثت مع الكابتن حسام البدري حول هذه الدخلة وقال لي "لازم ترد عليهم يا تريكة".
الصورة بالنسبة لي كانت مستفزة للغاية ومهينة ويجيب أن نراعي شعور بعضنا البعض.
وبالفعل استطعت الرد في الملعب، لكن ردي كان لجمهور الأهلي العظيم بجلب البطولة لهم وإسعادهم بعد أيام عصيبة منذ انتهاء مباراة الذهاب.
المساندة من مجلس إدارة الأهلي كانت كبيرة لنا ونصف أعضاء المجلس حرصوا على متابعة المباراة من المدرجات وهذا الأمر جعلنا نشعر بالأمان والثقة.
تعليمات جوزيه
تعليمات مانويل جوزيه لنا كانت أن نتناقل الكرة بيننا على الأرض ولا نلعب كرات طويلة أو عشوائية حتى نستطيع السيطرة على المباراة ومجريات اللعب وهذا يقلل من عزيمة لاعبي الصفاقسي.
سدد فلافيو كرة قوية واصطدمت بالعارضة، شعرت باليأس لثانية واحدة وأننا لن نفوز بالمباراة، لكني وجدت عماد متعب بجواري فقلت له "سنسجل هدف الفوز".
في الدقائق الأخيرة قرر جوزيه الدفع بوائل رياض بدلا من محمد صديق، ومشاركة وائل رياض في المباراة منحتني حرية أكثر في الملعب، لأن وجود أكثر من لاعب يستطيع نقل الهجمة بشكل جيد في وسط ملعب المنافس يمنحك أفضلية وهذا ما فعله شيتوس في الدقائق التي لعبها.
في هذه الفترة كان الأهلي يخوض المباريات بقوة في الشوط الأول ويسجل عدد كبير من الأهداف، لكن الأداء كان يتراجع بعض الشيء في الشوط الثاني.
لكن الحال اختلف في هذه المباراة الأداء تحسن كثيرا في الشوط الثاني وسيطرنا على المباراة بشكل كامل. الحمد لله أن الصفاقسي اقتنع أن الأهلي يلعب الشوط الأول فقط ولم يفكر في الشوط الثاني.
لعبنا مباراة قوية وأهدرنا الكثير من الفرص خاصة في الشوط الثاني. كل الأسباب التي تؤدي للفوز فعلناها قبل المباراة، بداية من تولي الكابتن حسن حمدي رئاسة بعثة الفريق في تونس وحضوره التدريبات بشكل يومي وظل متواجد معنا في كل لحظة حتى وقت الطعام كان يجلس معنا ليحفز اللاعبين.
ما قبل الهدف
قبل الهدف فكرت للحظات كيف حضر الأهلي إلى تونس وهو بطل إفريقيا وكيف سيعود لمصر دون هذا اللقب.
كيف سيكون حال الجمهور الكبير الذي ينتظرنا وينتظر أن نقاتل لتحقيق الفوز بالبطولة، وكيف سيكون حال زملائي في الفريق بعد كل هذا المجهود الكبير الذي بذلوه في مباراتي الذهاب والعودة؟.
بالتأكيد هذا اليوم هو أسعد أيام حياتي على الإطلاق، كنت أريد ألا ينتهي ويستمر كثيرا رغم أنني عشت أيام متوترة وحزينة بعد مباراة الذهاب على غير عادتي.
طوبة الفرحة
في الدقائق الأخيرة من المباراة كانت الكرات الطويلة هي الحل الوحيد أمامنا، طلبت من شادي محمد أن يرسل كرة طويلة على حدود منطقة جزاء الصفاقسي، وبالفعل لعبها طويلة على رأس عماد متعب ثم فلافيو ثم جووووووووووووول.
لا أسدد كثيرا بقدمي اليسرى لكني لم أفكر وسددت الكرة مباشرة.
سددت الكرة وأنا لا أفكر في أي شيء لكني شعرت بإلهام أنني يجب أن أسدد.
بعد الهدف لم أتذكر ماذا حدث سوى أنني توجهت إلى مقاعد البدلاء لأحتفل معهم.
لا أعلم من بجواري من اللاعبين.
ظللت في حالة فرحة وعشت حلما جميلا، لكني استيقظت منه على طوبة ألقاها مشجع تونسي على حافلة الأهلي أثناء العودة من الملعب للفندق.
الطوبة كادت أن تصيبني أنا وزميلي محمد صديق وحسن مصطفى.
لا أحد يستطيع كتابة سيناريو محدد لهذه المباراة بهذا الشكل بتوقيت الهدف في الدقائق الأخيرة.
عن الخطيب
وبسؤال محمد أبو تريكة عن أن هدفه في الصفاقسي يشبه هدف محمود الخطيب الشهير في كوتوكو الغاني رد قائلا "هدف الخطيب أجمل بكثير، كان من تسديدة صاروخية بالقدم اليسرى في الزاوية العكسية وهذه كرة صعبة للغاية".
لا أحب القول أنني من جلبت البطولة للأهلي لأن الجميع بذل قصارى جهده وشاركوا في تحقيق الفوز.
لولا تألق زملائي ما كنت سجلت هدف الفوز بالبطولة.