جميع من في الملعب يبكي ورجل واحد مشاعره ثابتة كما عهدناه، ما الذي حدث؟
هل خسر يوفنتوس الإسكوديتو في المباراة الأخيرة؟ لا فالأمر أفدح كثيرا، المباراة هي الأخير لأليساندرو ديل بييرو مع اليوفي..
مشهد الوداع كان حزينا كعادة لقطات الفراق دائما، ديل بييرو يخرج لآخر مرة من ملعب اللقاء، يخرج وقد سجل هدفا أخيرا وأخرج لسانه فرحا لأخر مرة بقميص الفريق الذي طالما حمل ألوانه.
الكل يبكي أمام الشاشات، جميع من بالملعب ذرف الدموع في وداعه، معلق المباراة توقف عن الحديث وحاول لملمة كلماته، حتى حارس أتالانتا ارتماءته الأخيرة كانت خجولة، يبدو أنه لم يقدر على منع ملك تورينو من وداع مملكته في الرقصة الأخيرة، حتى وإن كان ذلك بهز شباكه.
هذا ليس غريبا أبدا.. فريزوليني حارس أتالانتا سيبقى في ذاكرة التاريخ باستقباله لهذا الهدف دونا عن باقي إنجازاته مع عالم الكرة، والأمر ذاته سيبقى مع إيمانويل جياكريني، آخر من صنع الأهداف لديل بييرو مع اليوفي.
أليساندرو ديل بييرو يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ42.. نفس اليوم الذي تحتفل فيه ألمانيا بالذكرى الـ27 لهدم جدار برلين.
ألمانيا نفسها التي دمر ديل بييرو جدارا أخر لها في 2006 ممثلا في ينز ليمان، ربما ينسى عشاق الكرة فيها ذكرى جدارهم ويحيون معنا عيد ميلاد ملك تورينو.
"الرجل الحقيقي لا يترك زوجته أبدا" هكذا رد أليساندرو على سؤال صحفي عن سبب بقاءه في يوفنتوس رغم هبوطه للدرجة الثانية.
مسيرة أليساندرو مليئة بالإنجازات والبطولات، لكن ثمة أربعة تواريخ لن ينساها في حياته.
البداية
في كونيليانو ولد ديل بييرو، وهي إحدى مدن إيطاليا الصغيرة، وصل مدينة تورينو في عام 1993 وعلى طريقة الزواج الكاثوليكي قرر ديل بييرو عقد قران أبدي على السيدة العجوز يوفنتوس.
كان دائما رجل الحسم، عشقته الجماهير منذ لمسته الأولى على أرض الملعب في مباراة فوجيا بشهر سبتمبر عام 1993عندما أشركه لأول مرة المدرب جيوفاني تراباتوني، وتوجوه ملكا مع أولى أهدافه بقميص اليوفي في فريق ريجينا بعدها بأيام.
22 مايو 1996
المكان هو العاصمة الإيطالية روما، والمناسبة هي تحقيق ما لم يحققه مرة أخرى بعد ذلك.
يوفنتوس بطلا لدوري أبطال أوروبا للمرة الثانية في تاريخه على حساب آياكس أمستردام.
السيدة العجوز خسرت نهائيا وحيدا وفازت بأخر قبل عصر ديل بييرو، وفي وجود أليساندرو فازوا باللقب الثاني وخسروا 3 نهائيات أخرى.
في ذلك اليوم كان ديل بييرو حاضرا كعادته، ورغم أن يوفنتوس تقدم عن طريق رافانيللي وتعادل آياكس بهدف ليتمانين.
لكن النهاية كانت سعيدة لديل بييرو وانتصر بركلات الترجيح، ليفوز بلقب استعصى عليه تكراره مرة أخرى بعد ذلك.
5 مايو 2002
الليلة ليست ككل ليلة، فالفوز يصبح أجمل حين يأتي بعد فقدان الأمل.
أليساندرو ديل بييرو حقق مع يوفنتوس العديد من ألقاب الدوري الإيطالي، لكن يبقى إسكوديتو 2001/2002 هو الأجمل من بين أنياب إنتر ميلان.
بداية الموسم لم تكن موفقة للسيدة العجوز، فرغم أن الفريق استقدم جيانلويجي بوفون - بافيل نيدفيد وليليان تورام قبل البداية، لكن تأثير رحيل زين الدين زيدان وفيليبو إنزاجي لم يكن هينا.
يوفنتوس فشل في تحقيق الفوز بست مناسبات بين تعادل وخسارة منذ شهر سبتمبر وحتى نوفمبر، وبين تلك العثرات كان الأهم هو التعادل مع تورينو بثلاثة أهداف لكل فريق، بعدما كان الفريق متقدما بثلاثية.
تعادل لم يكن رائعا في المجمل بحكم النتائج المخيبة في تلك الفترة، لكن تأكدوا أنه كان اللقاء الأهم في الموسم وبفضله حُسم اللقب.
على الجانب الأخر، فإن روما وإنتر ميلان مع هيكتور كوبر مدرب منتخب مصر الحالي يتقدمان بشكل جيد ويحققان الانتصارات.
لا يتبقى سوى 5 مباريات والفارق 6 نقاط كاملة لصالح إنتر، ولكن يوفنتوس ورجال مارتشيلو ليبي لم يستسلموا بعد.
الفارق تقلص وفي المحطة الأخيرة من الدوري كانت المنافسة على أشدها.
إنتر ميلان 69 نقطة
يوفنتوس 68 نقطة
روما 67 نقطة
إنتر ميلان سيلتقي مع لاتسيو، والفريقان تربطهما علاقة قوية جماهيريا، أما يوفنتوس فسيلتقي مع أودينيزي وهما ليسا عدوان أيضا، وأخيرا فإن روما سيلتقي مع تورينو الذي لو كان الأمر بيده، فسيسجل في مرماه لينتصر روما ليخسر يوفنتوس.
يوفنتوس أنهى مهمته مبكرا وسجل هدفين في شباك أودينيزي لديفيد تريزيجيه وأليساندرو ديل بييرو.
مهمة يوفنتوس انتهت، لكن مصيرهم لم يكن مرتبطا بمباراتهم فقط.
إنتر ميلان يكفيه الفوز على لاتسيو لتحقيق اللقب، وهذا بدا قريبا حين تقدم كريستيان فييري بالهدف الأول.
لاتسيو تعادل سريعا، لكن دي باجيو تقدم مرة أخرى لإنتر.
وقبل نهاية الشوط الأول كان رد لاتسيو عن طريق بوبورسكي الذي أدرك التعادل القاتل لأبناء العاصمة.
الترتيب بين شوطي اللقاء
يوفنتوس 71 نقطة
إنتر ميلان 70 نقطة
روما 68 نقطة
شوط المباراة الثاني كان كارثيا، فلاتسيو سجل هدفين في شباك أبناء هيكتور كوبر عن طريق دييجو سيميوني وفيليبو إنزاجي.
الهزيمة كانت قاسية على عشاق إنتر ميلان. كوبر رفض مصافحة ألبيرتو زاكيروني مدرب لاتسيو حينها عقب اللقاء، ورونالدو انهار من البكاء على مقاعد البدلاء لأنه كان يعلم أنها المباراة الأخيرة له مع إنتر ميلان.
أما ماتيرازي فدخل في نوبة من الصراخ في لاعبي لاتسيو قائلا لهم: "قبل عامين ساعدتكم على حصد اللقب حين سجلت هدفا مع بيروجيا في الفوز على يوفنتوس، فلماذا تفعلون ذلك معي اليوم؟".
أما دييجو سيميوني وزملائه فاحتفلوا بالفوز كأنهم حصدوا اللقب.
نهاية اليوم لم تكن كبدايته. إنتر ميلان أنهى الموسم في المركز الثالث بعدما كان متصدرا، وروما الذي حقق الفوز على تورينو بهدف أنطونيو كاسانو تقدم للمركز الثاني، فيما كان أليساندرو ديل بييرو ورفقاؤه هم الأكثر سعادة بتحقيق لقب هو الأصعب في مسيرتهم.
4 يوليو 2006
المناسبة هذه المرة ليست بقميص يوفنتوس، إنما مع إيطاليا التي افتقدت أليساندرو باعتزاله اللعب دوليا في 2008.
لم يكن أكثر المتفائلين يرشح إيطاليا لبلوغ الدور ربع النهائي لكأس العالم 2006 قبل انطلاقه، خصوصا بعد فضيحة "كالتشيو بولي" التي انتشرت قبل أيام من البطولة.
ديل بييرو - فرانشيسكو توتي وجيانلويجي بوفون وباقي جيل العمالقة رأوا غير ذلك وتوجوا باللقب، لكن مباراة أليساندرو الخاصة كانت في قبل النهائي.
المباراة انتهت بالتعادل السلبي واحتكم الفريقان للوقت الإضافي، وهنا لجأ مارتشيلو ليبي للبديل أليساندرو ديل بييرو.
فور نزوله تبدل الضغط الهجومي من ألمانيا إلى إيطاليا، وسيطر المنتخب الأزرق على أرض الملعب.
وفي الدقيقتين الأخيرتين من الوقت الإضافي الثاني، كانت الكلمة الفاصل، إيطاليا تتقدم بهدف فابيو جروسو في الدقيقة الـ 118 وفي الهجمة التالية كان ديل بييرو يسجل الهدف الثاني ويخرج لسانه للألمان كعادة احتفالاته في عقر دارهم.
حب وولاء، عشق وانتماء، تضحية وعطآء، إذا قيل لك ما معنى هذه الكلمات فقل لهم ملك يدعى أليساندرو ديل بييرو.
اقرا أيضا.. مدرج في الجول - "أصحاب السنام".. سخرية إيطاليا من يوفنتوس التي حولها جمهوره إلى فخر