موهبة لفتت الأنظار داخل إيران وخارجها تتبلور في هذا الهدف ضد قطر خلال بطولة أمم آسيا التي أقيمت في شتاء 2015. كان قد أكمل للتو عامه الـ20.
لمحة من جمال كرة القدم الخالص. تعرفوا على سردار آزمون.. أو ميسي الإيراني.
ربما تكون الألقاب المقارنة ظاهرة شعبية بين جماهير كرة القدم اليوم، على الرغم من انتشارها بكثافة مؤخرا الا أن التأثير الضار التي بإمكانها أن تلحقه بمسيرة اللاعبين الصغار لم يتراجع.
ستجد أن انتوني مارسيال هو هنري الجديد، جونكالو جويديس هو رونالدو الجديد، الا أن حالة سردار آزمون مختلفة قليلا.
كان آزمون بحاجة فقط لأن يخرج معارا من روبن كازان إلى روستوف ليبدأ اقتران اسمه باسم أفضل لاعب في العالم، ليونيل ميسي.
منذ اعتزال علي دائي لم يظهر على الساحة الكروية الإيرانية مهاجما في مثل خطورته وثبات أدائه. مهاجم كلاسيكي يعرف أقصر الطرق إلى مرمى الخصم، انهائه للهجمات دقيق جدا، وضرباته الرأسية أهم ما يميزه ربما.
مقارنة آزمون بدائي ستكون ظالمة للثنائي، لكننا نستطيع أن نؤكد أن الشاب الإيراني سيصل لنفس مكانة الأسطورة دائي، أو ربما سيتخطاه أيضا. بدأ سردار مسيرته الدولية أصغر بخمس سنوات من علي دائي عندما خاض مباراته الدولية الأولى، مع الوضع في الاعتبار معدل تهديفه الحالي مع منتخب ايران الأول أيضا – 16 هدفا في 22 مباراة فقط.
يلعب سردار (21 عاما) في مركز الهجوم. يستطيع التحكم بالكرة بقدمه اليمنى واليسرى، مراوغ جيد، يجيد ألعاب الفضاء على الرغم من بنيته الجسدية المتوسطة، وانهائه للهجمات هو أفضل ما يميزه.
هناك أيضا تلك المفارقة الغريبة – لعب آزمون الكرة الطائرة عندما كان صغيرا حيث كان والده يلعب لمنتخب ايران للكرة الطائرة، كان سردار بارعا لدرجة جعلت منتخب تحت 15 عاما يستدعيه للعب لصفوفه حتى وهو يمارس كرة القدم بالتوازي. ربما اعتياده على القفز طوال الوقت حسب ما تطلبه اللعبة هو سر تفوقه في ضربات الرأس.
كان سردار هدفا لأعين كشافي ومدربي أندية استقلال طهران، برسيبوليس، وانتر الإيطالي في يناير 2013 لكنه على الرغم من ذلك فضل أن يغامر في رحلة إلى المجهول إلى الشمال، روسيا، حيث يلعب فريق روبن كازان الذي اختار الانضمام له.
ليس هناك سر وراء اختياره لكازان، فقط وجود مدرب (كوربان بيردييف) يتحدث نفس لغته (الفارسية) كان كافيا بالنسبة له خاصة مع صغر سنه، مثل تلك الأمور تساعد أكبر نجوم كرة القدم على التأقلم سريعا، فما بالك بلاعب في السابعة عشر من عمره.
قبل خروجه إلى روسيا، كان آزمون قد قدم عروضا مبهرة مع الفئات العمرية المختلفة لمنتخب بلاده إيران جعلته هدفا لتلك الأندية السابق ذكرها، حتى أن ناديه صباهان قدم له عرضا للانضمام للفريق الأول.
خلال 6 مباريات مع منتخب ايران تحت 17 عاما، استطاع سردار أن يسجل 7 أهداف. أما فترة توهجه الحقيقة كانت مع منتخب تحت 20 عاما، خاصة حينما شارك في بطولة أمم آسيا تحت 19 عاما، حيث ارتدى شارة القيادة لأول مرة.
اجمالا، خلال فترته مع منتخب تحت 20 عاما، لعب آزمون 18 مباراة سجل خلالها 19 هدفا. بالطبع كان على مدرب الفئة العمرية الأعلى أن يستدعيه لفريقه، حيث لعب مع المنتخب الأولمبي 4 مباريات سجل خلالها 4 أهداف.
بدا الشاب الصغير وكأنه ماكينة لا تتوقف عن احراز الأهداف. بالقدم اليمنى، اليسرى، أو حتى بالرأس، سيسجل سردار آزمون في أي وقت.
خرج سردار بآمال كبيرة نحو الشمال، الا أن توقيت وصوله لروبن كازان (الانتقالات الشتوية) لم يجعله يظهر مع الفريق الأول في أي مباراة. لعب فقط 8 مباريات مع الفريق الرديف حتى انتهى الموسم.
سيظهر سردار للمرة الأولى خلال موسم 2013/14 وسيشارك مع روبن كازان في 4 بطولات مختلفة، الدوري والكأس في روسيا، والدوري الأوروبي على المستوى القاري.
الحصيلة النهائية أسفرت عن 17 مشاركة وخمسة أهداف وثلاث تمريرات حاسمة لزملائه. ليس سيئا لهذه الدرجة.
كوربان بيردييف الذي كان قد أقنع آزمون بالقدوم إلى روسيا كان قد رحلة منذ فترة، وتولى رينات بيليالتدينوف المهمة; مدرب يفضل الانضباط التكتيكي عن اللعب الحر وإعطاء المساحة للإبداع، الأمر الذي عجّب بخروج سردار من كازان.
وعلى الرغم من تألق الشاب مع منتخب بلاده في أمم اسيا 2015 كمهاجم صريح، الا أن بيليالتدينوف كان يصر أن يشركه في مركز الجناح الأيمن أو كمهاجم ثان خلف رأس الحربة.
ما حدث بعد ذلك كان انتقاله في فبراير 2015 إلى نادي روستوف الذي كان يصارع من أجل البقاء في الدرجة الأولى على سبيل الإعارة لثلاثة شهور ونصف. وجد آزمون مدربه السابق هناك، كوربان بيردييف، كانت فرصة جيدة ليتحدث بالفارسية من جديد وليبدأ بداية جديدة.
يحكي ساردار عن تلك الفترة قائلا:
"في فترة ما أثناء وجودي في روبن كازان شعرت بأنني أفتقد الحافز ومن ثم فقدت تركيزي وهكذا قررت أن أنتقل إلى روستوف.
كنت أعلم أن كوربان بيردييف هناك، لقد كان مدربا جيدا ويعلم تماما كيف يخرج أفضل ما لدي. لقد كان متواجدا عندما ذهبت إلى روبن كازان لأول مرة لذلك علاقتنا جيدة وكان هذا أحد الأسباب التي أدت إلى انتقالي لروستوف"
جدد نادي روستوف تعاقده مع آزمون وروبن كازان بعد انتهاء فترة الإعارة الأصلية ليتم تجديدها موسما كاملا. عاد للإيراني الكثير من الاستقرار، بالإضافة إلى وجود بيردييف الذي عمل على تطوير اللاعب في مركزه المفضل، المهاجم الصريح.
انها معجزة. روستوف الذي لعب مباراة فاصلة لتحديد الهابطين للدرجة الثانية خلال الموسم الماضي أنهى موسمه التالي في المركز الثاني!
نجح روستوف أيضا في الإبقاء على خدمات سردار مقابل 2.5 مليون دولار بعقد نهائي بدلا من الإعارة.
لعب آزمون 54 مباراة مع روستوف في الدوري والكأس ودوري ابطال أوروبا مسجلا 16 هدفا منها 3 في دوري الأبطال، بالإضافة إلى 4 تمريرات حاسمة.
"أشجع ريال مدريد، لكنني أعشق الدوري الإنجليزي. اللعب هناك سيكون بمثابة الحلم بالنسبة لي"
إلى أي مدى بإمكانه الوصول، وإلى أي مدى سيصل؟
تكمن الإجابة في شخصية اللاعب دوما وقدرته على التطور. ما نراه في آزمون لا يستهان به: الذهاب إلى روسيا في سن السابعة عشر وبناء سمعة حسنة هناك يستلزم بالضرورة القدرة على التأقلم وشخصية قوية، هناك نجوم كبار ذهبوا إلى روسيا بعد اكتساب كل الخبرة لكنهم لم ينجحوا في التأقلم.
حلمه الكبير أن يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهناك العديد من التقارير الصحفية في إنجلترا أكدت في وقت سابق اهتمام ارسنال وايفرتون بخدمات اللاعب. في الحقيقة، ترتيب إيران في تصنيف فيفا جيد نوعا ما وهو ما سيسهل عليه خطوة ورقة العمل التي تمنع الكثيرين من تحقيق حلمهم.
يبدو الدوري الألماني كحل ممتاز أيضا، شاهدنا بعض الإيرانيين يلعبون هناك وأشهرهم بالطبع الأسطورة علي دائي، الا أنه لم يصمد هناك. بإمكان سردار أن يلعب في البوندسليجا ويتخطى شهرة دائي هناك بكل سهولة.
أما الحل الأمثل فيكمن في الصبر، المزيد من التعلم والتطور في روستوف لن يكون سيئا، مع الوضع في الاعتبار أن روسيا ستنظم كأس العالم القادمة، ما سيوفر له ميزة اختبار الأجواء الروسية التي يعلمها هو جيدا.
الأمر متوقف فقط على نجاح إيران في الوصول إلى نهائيات البطولة وإذا ما حدث ذلك نستطيع أن نتخيل مستقبل آزمون بعد انتهاء البطولة وتهافت الأندية للحصول على خدماته.