منتخب مصر يعاني في مركز الرأس الحربة.. معاناة يعترف بها الجميع.
البعض يفسر الأمر بأن الأزمة عالمية في عدم توافر تلك العملة النادرة حالياً، أو التفسير الأخر بالاعتماد علي الأجنحة و رؤوس الحربة الوهمية في طرق اللعب المُفرضة حديثاً علينا!
بعد عماد متعب، عمرو زكي ومحمد زيدان أمام محمد أبو تريكة في جيل حسن شحاتة، لم يعد الأمر كذلك الآن.
باسم مسي يحقق انطلاقة رائعة رقميا مع المنتخب بتسجيله 6 أهداف في أول 4 مباريات، لكن تذبذب مستواه ليس مضمونا.
أحمد حسن كوكا يتألق خارجيا مع براجا ومن قبله ريو أفي، لكن في المنتخب لا تسير الأمور على هذا النحو، أما باولو المتألق جدا محليا فلم يفز أبدا بثقة كوبر مدرب المنتخب.
ووسط تلك الحالة من الرغبة في الاستقرار على مهاجم، يرصد لكم FilGoal.com تجربة أخرى سابقة، بحث فيها المنتخب عن المهاجم الأوحد،حتى تحقق له ما أراد.
الحدث كان في عام 1999، المنتخب المصري يستعد للعب في كأس العالم للقارات بالمكسيك نحت إمرة محمود الجوهري، دخل الفريق في دورة ودية في سول بكوريا الجنوبية ومعه كمهاجمين حسام حسن نجم النادي الأهلي ومهاجم مصر الأساسي وقتها، وعبد الحميد بسيوني نجم نادي الزمالك وهداف الدوري لموسم 98/99 و خالد بيبو نجم نادي الإسماعيلي.
الحديث وقتها في الشارع الكروي كان بأن الجوهري قد فشل في إيجاد بديل حقيقي لحسام حسن منذ بطولة بوركينا فاسو 98، وتجربة أسامة نبيه كبديل لم تفلح!، وعلي ماهر قضت عليه إصاباته المتعددة، و محمد صلاح أبو جريشة لا يتوافر فيه مواصفات المهاجم الدولي!
في مباراة مصر الأولي أمام كرواتيا، تقدمت مصر بهدفين لحسام حسن، أصيب حسام بعد الهدفين بشرخ في وجه القدم ليغيب عن كأس القارات.
حاول الجوهري تجربة أخرين في هذا المركز. عبد اللطيف الدوماني في مباراة اليابان أو علاء إبراهيم، وأسامة نبيه في ودية إستونيا و اليابان ومقدونيا والنرويج، وخالد بيبو في دورة كوريا الجنوبية مع عبد الحميد بسيوني، ولم يقتنع الجوهري بأيا منهم.
وقت إعلان القائمة المسافرة لكأس العالم للقارات، تم الإعلان عن ضم حسام حسن رغم إصابته مع عبد الحميد بسيوني وخالد بيبو ومحاولات لتوظيف حازم إمام في رأس الحربة لم تجد جدوي علي الرغم من تألقه في مباراة بلجيكا بهذا المركز في بروكسيل و إحرازه لهدف الفوز بلعبة جميلة، إلا أن الهدف كان انطلاقة من الخلف كعادته!
طوال معسكر الفريق في المكسيك قبل البطولة، كانت المحاولات علي قدم وساق لتجهيز حسام مع أخصائي العلاج الطبيعي علاء شاكر، بعمل تدريبات خاصة له تحت الماء لتقوية عضلات القدم المصابة، ولوحظ أن حسام طوال فترة الإعداد مازال يضع قدمه في الجبس، وتم فك الجبيرة الخاصة بالجبس قبل مباراة بوليفيا الأولي للمنتخب بسبعة أيام فقط.
وأوضح وقتها علاء شاكر بأن حسام جاهز لمباراة بوليفيا وليس السعودية كما أشاع الجميع، وعلي مسؤوليته، حسام تعافي تماما.
بدأنا المباراة الأولي أمام بوليفيا بتشكيل فيه حسام حسن أساسي، في الدقيقة 6 تقدمنا بهدف لياسر رضوان، في الدقيقة 8 تمريرة أكثر من رائعة من حسام لعبد الستار صبري، عبد الستار يضعها في الشباك لنتقدم بهدفين، وكالعادة تراجعنا للخلف، بوليفيا أنهت معنا الشوط بتعادل.
في بداية الشوط الثاني، تجددت إصابة حسام بالشرخ في وجه القدم، فلعبنا بعبد الحميد بسيوني بديلاً له، الذي أضاع فور نزوله فرصة بغرابة رغم انفراده بالمرمى، وكالعادة قام الجوهري بسحب حازم إمام ونزول هادي خشبة، ليتأكد الجميع من قناعة الجوهري بالتعادل في مباراة سهلة نظرياً وعملياً.
وعلي الجانب الأخر، المكسيك اكتسحت السعودية بخماسية مقابل هدف.
أمام المكسيك، بدأنا بنفس التشكيل، باستثناء حسام وكان بديله عبد الحميد بسيوني، التقدم مكسيكي بهدفين، عدنا في النهاية بهدفين في الشوط الثاني من تسديدة ياسر رضوان المرتدة من العارضة وتابعها إبراهيم حسن إلي أحمد حسن، والثاني بذكاء يحسد عليه لسمير كمونة لركلة حرة مباشرة.
مازالت نقطة الضعف في رأس الحربة!
في مباراة السعودية تكشفت كل العوار، صحيح أننا مازلنا حتى الآن نثير الشكوك حول الباراجوياني أوبالدو أكينو حكم اللقاء، طرد لحازم إمام وعبد الستار وكمونة، لكن التأكيد كان ضروري بأن المنتخب كان لا يلعب برؤوس حربة في هذه المباراة، وأهدرنا فرصتين ذهبيتين لأحمد حسن في وضع انفراد بالمرمي قبل الخماسية، وبعد خراب مالطة، لعب الجوهري بوليد صلاح الدين كرأس حربة بعد طرد الثلاثة، وتحصل بمفرده علي ركلة جزاء، وكانت مهمته فقط هي الاحتفاظ بالكرة!
مرزوق العتيبي صاحب الـ 19 عاما وجه صفعة كبيرة لكل مهاجمي مصر، وأحرز لوحده أربعة أهداف في تلك المباراة، رغم أنه لعب أساسيا بعد استبعاد خميس العويران لأسباب تتعلق بمخالفة الشريعة الإسلامية بالمكسيك.
عاد الفريق من المكسيك يجر الاتهامات وذيول الخيبة، وكل الاتهامات صوب الجوهري، بسبب نظرية المهاجم الأوحد "حسام حسن"، وعدم اقتناعه بباقي رؤوس الحربة بالدوري، مع دراسات تتهم الدوري بالهزال والضعف وعدم تقديمه مهاجماً قوياً.
بالتأكيد ما ورد في هذا التقرير، ليس تنبؤاً بهزيمة قاسية أو انكسار جديد، ولا يعتبر دق أجراس لناقوس الخطر، فقط هو استعراض لنظرية المهاجم الأوحد، والآن نحن نعاني من تلك الظاهرة، إلي جانب ظاهرة عدم توافر البديل الكفء.
بالتأكيد باقي المباريات الهامة المقبلة تحتاج لرأس حربة قوي متمرس، يحفظ منطقة الجزاء عن ظهر قلب ولديه رغبة شرهة في اللعب، وعلى كوبر أن يكون ذلك هو شغله الشاغل.