"لا تسدد".. كانت تلك صرخة شقت الصمت في مدينة ليفربول في الدقيقة 56 من مباراة فريق المدينة ضد ميلان في إسطنبول في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2005.
الصرخة لم تكن في ليفربول فقط، بل في إسطنبول نفسها. كيلي دالجليش نجلة أسطورة ليفربول كيني دالجليش تقول في شهادتها عن الملحمة في الفيلم الوثائقي "ليلة ما في مايو" إنها صرخت "لا تسدد".. إلا أن فلاديمير سميتزر سدد وسجل.
القصة من بدايتها معروفة لذا سنقصها باختصار، ميلان سجل 3 أهداف في الشوط الأول. ولكن في الدقيقة 54 سجل ستيفن جيرارد رأسية في مرمى ديدا، وبعدها بدقيقتين استلم سميتزر تمريرة ديتمار هامان وينظر للمرمى ويسدد على مرمى ميلان.
قبل المباراة، كان اللاعب التشيكي يعلم قرار رافا بينيتث بعدم تجديد عقده. عمليا اللاعب كان يعرف أنها مباراته الأخيرة بقميص ليفربول.
"ما بين شوطي اللقاء، قال لنا بينيتث ارفعوا رؤوسكم. أهم شيء أن لا تستقبلوا أهدافا أخرى، ومن يعلم، إذا سجلتوا هدفا ربما نعود للقاء". سميتزر، في الوثائقي نفسه.
اقرأ أيضا – إلى مؤمن سليمان.. هذا ما قاله بينيتث للاعبي ليفربول بين شوطي "ملحمة إسطنبول"
محاولات رسم خطوط شبه بين عودة ليفربول في 45 دقيقة أمام ميلان ورحلة الزمالك في ملعب برج العرب للعودة في 90 دقيقة قتلت بحثا منذ صافرة نهاية مباراة الذهاب. لن نكررها هنا. ما سنفعله هنا هو التأكيد على أن مهارات لاعبي الزمالك وحدها لن تحل الأسئلة التي يصبح عليها وينام جمهور الزمالك منذ مساء يوم السبت الماضي، الحل في أن يبحث كل لاعب عن "فلاديمير سميتزر".
سميتزر لم يكن أبدا اللاعب الهداف مثل ميلان باروش أو رمزا مثل جيرارد أو حتى ترسا في وسط الملعب مثل ديتمار هامان، بل بالعكس كما سردنا أعلاه.. سميتزر كان على وشك الرحيل من ليفربول بعد 6 أعوام من التسديدات الطائشة والتمريرات الخاطئة التي تشوبها بعض اللقطات الجميلة في مباريات معدودة.
سميتزر من الأساس لم يشارك أساسيا في المباراة بل حل بديلا للمصاب هاري كيويل في الدقيقة 32 في وسط نيران جحيم يعاني منه ليفربول في ملعب أتاتورك.
اللقاء قبل تسديدة سميتزر لم يكن مثلما صار بعده. تسديدة سميتزر جددت الإيمان ومنحت الثقة وكسرت المنافس.
ألونسو سجل التعادل وبعدها اتجهت المباراة لركلات الترجيح، وعندها سأل بينيتث سميتزر "هل تريد التسديد؟" ليرد حينها "نعم".. الباقي كله تاريخ معروف. ليفربول بطلا لأوروبا في ملحمة لا تنسى.
لن يتذكر الكثيرون سميتزر عندما تذكر ملحمة إسطنبول.. لم يصنع المجد وحده بل كان طوبة في حائط فوز لا ينسى.
يقول مؤمن سليمان: "ليس لدي حلول فنية سحرية لقلب نتيجة التأخر بثلاثية.. ولكننا سنقاتل ونتفادى أخطائنا أمام صن داونز".
أن تكون فلاديمير سميتزر لا يتطلب سحرا.. بل رجولة ونكران ذات وتحدي للخوف وللظروف سيصنعون السحر في برج العرب. لا مكان للفردية أو محاولة صنع المجد منفردا.. في استاد الجيش إما يخسر الزمالك كله أو يحصل على البطولة.
وعندما يطلق باكاري جاساما صافرة انطلاق مباراة النهائي سيسود الصمت أرجاء مصر ما عدا استاد برج العرب.. لن يسير الزمالك وحده مثله مثل رفاق سميتزر. وأمام أعين نفس الحكم كان الزمالك قريبا من عودة مشابهة أمام النجم الساحلي.
في الثامنة والنصف من مساء الأحد، قد لا يصح الكلام عن الفنيات والتكتيك وما إلى ذلك.. مكانها سيحل الرجولة وبذل الذات والتحدي.
"أعرف تماما ما ينتظرني هنا في مصر". هكذا تحدث بيتسو موسيماني مدرب صن داونز، ولكن تلك المقولة ستكون غير حقيقية وسيفاجأ بما سيشاهده إذا واجه 11 فلاديمير سميتزر مدعوما بـ70 ألف حنجرة لن تصمت إلا بعد الإكتفاء من الإحتفال بالسادسة.
ومن يدري، قد يكون لرجال الزمالك فيلما كهذا لو صنعوا المستحيل في برج العرب..