تنفجر مشاعر البعض في لحظة ما لتتجاهل كل ما سبقها وما سيلحق بها من لحظات، تتضخم اللحظة الحالية و يتضاءل بجانبها الماضي والحاضر والمستقبل. يتوقف عندها التاريخ بميكروسكوب وكأنها المحدد الوحيد للحكم والمعيار الوحيد للتقييم.
معطيات اللحظة الحالية تقول أن عصام الحضري (43 سنة) هو حارس منتخب مصر الأمين والوحيد وسط عواصف التشكيك في أحمد الشناوي (25 سنة) تاثراً بمستوى رائع من الحضري في مباراة الكونجو مقابل تسبب الشناوي بخطأ فادح في هدف صن داونز الثاني في نهائي دوري أبطال إفريقيا
تعالوا نعود للخلف لنفتش عن لحظات أخرى بمعطيات مختلفة مر بها الحضري في طريقه ليكون حارس مصر التاريخي
هل تنقص تلك الأهداف من التقييم العام للحضري كحارس مصر التاريخي؟
بالتأكيد لا.. تلك الخطوط الشاذة قد تعُكر ولكنها أبدا لن تفسد لوحة بديعة قاتل الحضري في رسمها على مدار سنوات، ولكنها موجودة حتى اللوحات الجميلة لا تخلو من بعض الخطوط الشاذة شأنها شأن كل منتج بشري، العبرة فيه دائماً بالمحصلة العامة.
عودة للشناوي الذي تستقبل شباكه هذه الأيام وابل من طلقات الطعن والتشكيك والاتهامات
هل لحظة خطأ الشناوي الأخير أمام صن داونز هي اللحظة الوحيدة في تاريخه أم مر بلحظات مختلفة؟ تعالوا نغوص في الماضي "القريب جداً" ربما نجد لحظات أخرى
إذا لا الحضري ولا الشناوي ولا غيرهما حتى من الحراس العظام عالميا بمأمن من غدر الكرة و لكن من النضج والإنصاف أن نتعامل مع كل لحظة بحجمها ولا تذهب رياح النقد والإشادة يمينا ويسارا كلما مرت بنا لحظة جديدة، فاللحظات الحلوة والمرة لن تنتهي والتقييم العام يكون بمحصلة جمعهم معا.
منذ انضمام أحمد الشناوي لنادي الزمالك صيف 2014 كان سببا رئيسيا في كل ما حققه الفريق باستثناء كأس مصر 2015 والذي أُوكل لمحمود جنش بطولته المطلقة.
كان الشناوي سببا رئيسيا في الفوز بالدوري و تأهل الزمالك لقبل نهائي الكونفدرالية الإفريقية 2015 بحمله حلم الزمالك فوق كتفه والعبور به من جحيم ملعب الفتح الرباطي ثم إغلاق عرينه بجنوب إفريقيا ذاتها أمام أورلاندو بايرتس.
في دوري أبطال إفريقيا 2016 أنقذ الشناوي بمعاونة جنش حلم الزمالك في بجاية أمام جماهير جزائرية مرعبة ثم أغلق منافذ مرماه في بركة مياه أمام إنيمبا بنيجريا قبل المساهمة في اقتناص كأس مصر 2016 أمام الأهلي. الشناوي لم يكن مجرد لاعبا في كل ما سبق بل كان نقطة تفوق الزمالك على خصومه، كان اللاعب الذي يتمناه منافسو الزمالك سخطا على حراسهم.. كان دائما عنصر الحسم.
كل ما تم سرده من كلمات ولقطات هي أيضا لحظات ولكنها تتضاءل الآن أمام اللحظة الحالية لسبب فوق مستوى استيعاب كاتب هذه الكلمات و الجدير بالذكر أن الشناوي في كل ما سبق لم يتخل عن نفس الـ "attitude" الهادئ و نفس "اللعكة" في فمه هي شخصيته، هو أسلوبه، هي لعكته.. لا جديد.
أخيرا
هل يهدف هذا المقال لتقزيم الحضري في مقابل تضخيم الشناوي؟
الإجابة لا، فكاتب هذا المقال من المعتقدين بأن عصام الحضري هو حارس مصر التاريخي وبالتالي يبدو القياس عليه ممكنا عندما نتحدث عن حارس شاب يطمح ونطمح بأن يخلفه و لكن لنتذكر ـن تقييم الحضري جاء بتجميع اللحظات و لا الوقوف عند بعضها فقط.