لا يستطيع أحد إنكار أ، جوسيب جوارديولا هو واحدا من أفضل مدربي كرة القدم ليس فقط في الوقت الحالي ولكن على مدار التاريخ.
الفيلسوف الإسباني نجح في إعادة إحياء طريقة لعب مدربه ومثله الأعلى يوهان كرويف وطورها لتصبح أسطورة لا تقهر خصوصا في فترته التدريبية الأولى مع برشلونة.
إبداعه في تحركات ومهام المهاجم الوهمي الذي أعتبره البعض ثورة في كرة القدم جعلته خط هجوم برشلونة مرعب للجميع. ضغط عالي مميز وشرس من الجميع مع تماسك دفاعي وترابط بين كل خطوط الفريق بمسمار هو سيرجيو بوسكيتس.
تقسيم الملعب إلى مربعات غير مسموح لأي لاعب بالتحرك خارجها والتزام تام بالتعليمات ونقل الكرة سريعا بتميرات قصيرة بداية من حارس المرمى إلى الثلاثي الأمامي صاحب الحرية في التحرك "قف في مكانك وستصل لك الكرة دون أن تبذل جهدا" وقاعدة الخمس ثواني لاستعاد الكرة من الخصم كلها مصطلحات تناقلتها الجماهير الكتالونية وعشقها محبي تفاصيل بيب جوارديولا.
ثم رحل جوارديولا عن برشلونة ليذهب إلى بايرن ميونيخ حيث واصل ابتكاراته وفلسفته التي لم تعجب معظم جماهير العملاق الألماني خصوصا أن المدرب وصل إلى فريق فائز بالثلاثية ولكنه فشل في تكرارها رغم تطويره للأداء.
حاول جوارديولا وضع فلسفته مع بايرن وتطويرها وتجريب الطرق المختلفة المبكترة من 4-3-3 فانتهى إلى 3-3-3-1 والاستغناء عن مهام قلب الدفاع الكلاسيكي واستبداله بلاعب قادر على نقل الكرة والتمرير بدلا من استخلاص الكرة بقوة وإبعاد الخطورة.
انتهت تجربة جوارديولا مع بايرن ميونيخ بانبهارات من جماهيره ومحبيه عن عبقرية مدربهم التي لن تتكرر وسخط جماهير بايرن ميونيخ بعدم الإستفادة من قوة الأسماء المتواجدة بالفريق للهيمنة على أوروبا واستخدامهم كفئران تجارب لأفكار وفانتازيا المدرب.
ذهب جوارديولا إلى مانشستر سيتي الذي يعتبر اختبار جديد لقدرات وأفكار المدرب وجماهيره مازالت تغني له ولنجاحاته أنه سيحدث ثورة في الفريق السماوي ظلت تتغنى بها في الجولات الست الأولى من الدوري الإنجليزي.
جماهير جوارديولا فاتها أن الفريق السماوي يعمل على استقبال المدرب الإسباني منذ ثلاث سنوات عندما تم إسناد إدارة الفريق الكروي إلى الرئيس السابق لبرشلونة بيجرستاين الذي صعد جوارديولا لتدريب الفريق الأول الكتالوني سابقا فكانت أولى قراراته الاستعانة بالمدرب بيلجريني نظرا للتقارب في أفكارهم من ناحية الضغط العالي والإستحواذ.
ذلك سهل الأمور على بيب الذي احتاج إلى وقت أقل من أجل إدخال سياسته داخل الفريق مع بعض التعديلات على أداء اللاعبين جعل الجميع يصفق له نظرا لتأقلمه السريع على أجواء الدوري الإنجليزي.
لكن كل شيء إنهار في أسبوعين بالتعادل مع سيلتك في دوري الأبطال ثم الخسارة من توتنام بهدفين والتعادل مع إيفرتون وهزيمة مذلة في دوري الأبطال مرة أخرى من الفريق الكتالوني برباعية.
لهجة جماهير جوارديولا تغيرت من الحديث عن عبقرية المدرب في البداية إلى إبعاد الشبهات عن مدربها فبدلا من التحدث عن مشاكل المدرب ذهب الحديث إلى التشكيك في قدرات لاعبي سيتي المتوسطة رغم أن الأخطاء الواضحة أتت من كلاوديو برافو الذي طلبه المدرب بالأسم وفيرناندينيو الذي يتغنى به المدرب بعد كل مباراة.
البعض اعتبر قدرات لاعبي سيتي متوسطة رغم أن جوارديولا بالنسبة لمحبيه "قادرا على تطوير أداء اللاعبين" لكن رغم ذلك فهو يريد لاعبين على مستوى أعلى من الأسماء المتواجدة حاليا وتغير جلد الفريق.
تلك النقطة التي تهاجم بها الجماهير جوزيه مورينيو العدو اللدود لجوارديولا فدائما ما يعتبره محبي جوارديولا "مدرب أموال" نظرا لأنه دائما ما يقوم بالتعاقد مع أسماء تنفذ طريقة اللعب التي يريدها وهو نفس الجماهير من مدربها.
ذلك نفى أيضا عن جوارديولا إمكانياته في تحقيق كل شيء من لا شيء فهو مثل كل المدربين يبحث عن من ينفذ طريقة لعبه ويدفع المال لشرائه وهو الطبيعي في كرة القدم ولا يعاب على أحد.
إضافة إلى ذلك فالمدرب المجدد والمطور دائما لا يبدو أنه وجد حلا منذ بدايته التدريبية وحتى الآن في مشاكل طريقة لعبه وتفكيره.
يعلم الجميع أن جوارديولا وفرقه تعاني تحت الضغط العالي ولحسن حظ الفيلسوف لا يوجد سوى عدد محدود من الأندية القادرة على تنفيذ تلك الطريقة التي تحتاج إلى لياقة بدنية وتركيز كبير طوال دقائق المباراة.
بجانب الهجمات المرتدة التي دائما ما تكون خطيرة ودون طريقة لإيقافها بالنسبة لجوارديولا وتلك المشاكل لم يتم حلها من 2008 وحتى الآن بالنسبة للمدرب وانتقلت معه أينما حل في إسبانيا وألمانيا وأخيرا إنجلترا.
ولا يبدو أن جماهير المدرب تريد الاعتراف بأنه يخطئ مثل بقية البشر ولديه عيوب محاولين جاهدا رفعه بعيدا عن مكانته البشرية فالأخطاء من اللاعبين وليس طريقة المدرب وإمكانيات اللاعبين هي التي لا تناسب تفكير المدرب.
كان لجوارديولا الوقت لتغير جلد مانشستر سيتي في الصيف والتعاقد مع فريق جديد بميزانية مفتوحة ودعم لا نهائي من إدارة لا تبخل بشيء ولكنه هو من أراد هذه المجموعة وهو صاحب الإختيارات وهو من يتحمل المسؤولية.
بالنسبة لجماهير مانشستر سيتي جوارديولا لم يقم بالكثير فالفريق لم يكن يعاني هجوميا حتى يٌقال تطور الفريق على ذاك المستوى وإن كانت تحركات اللاعبين وتمركزهم وطريقة نقل الكرة قد أختلفت ولكن الفاعلية مازالت كما هي.
بينما كان الفريق يعان على المستوى الدفاعي لكثرة الأخطاء ولبطئ المدافعين وجوارديولا لم يتحرك لإصلاح تلك العيوب بل إن أداء الفريق الدفاعي أصبح أسوء عما قدمه الفريق الموسم الماضي.
أما بالنسبة لجماهير المدرب فهو قلب كيان الفريق وحوله من الأسيوطي سبورت إلى أقرب من برشلونة بأسماء متوسطة كسيرخيو أجويرو وكيفين دي بروين وفيرناندينيو وجودوجان وأفضل مدافع إنجليزي شاب جون ستونز وأوتاميندي محط صراع الأندية الأوروبية الكبرى الصيف قبل الماضي وليروي ساني موهبة ألمانيا الأولى.
يعتبر مدرب عبقري بكل تأكيد وإسهاماته في كرة القدم لا يمكن نسيانها لكن محاولة وضعه فوق مستوى الخطأ من جماهيره يبدو أمرا غريبا خصوصا أن عيوب الفيلسوف واضحة للعيان والقضاء عليها معروف طريقتها، لكنه يحتاج إلى إمكانيات خاصة غير متواجدة سوى في عدد محدود من الأندية مثل بايرن ميونيخ وبرشلونة وتوتنام لحسن حظ جوارديولا.
بيب مدرب عبقري ولكنه بشري يخطئ ويصيب ولديه مميزات كما لديه عيوب ويحتاج إلى الأموال والتدعيمات والأسماء الكبرى لتحقيق الإعجازات والإنجازات كما هو حال الجميع ويمتلك القدرة على تطوير أداء المواهب الشابة إن كانت مميزة ولكنه غير قادر على صنع "الفسيخ من الشربات".