كتب : بسام أبو بكر
كنت في إجازة. أنتظر تولي أحد المدربين الأجانب المسؤولية خلفا لمانويل جوزيه الذي رحل لقيادة منتخب أنجولا.
وصل العديد من الترشيحات للجنة الكرة، وكنت أتواصل هاتفيا مع أعضائها لتنقيح الأسماء واختيار أفضلها. الوقت يمر ونخشى جميعا أن يداهمنا ونجد فترة قصيرة لإعداد الفريق.
في النهاية تعاقد الأهلي مع نيلو فينجادا. حسنا حمدا لله.
وحين انتهت إجازتي وعدت إلى مصر سألت عن فينجادا، وعرفت أن الرجل قرر الرحيل بعد 5 أيام فقط من الاتفاق معه ولم يتمم تعاقده مع الأهلي.
ماذا سنفعل؟
اتصل بي أحد أعضاء لجنة الكرة وقال لي: "استعد ستكون المدير الفني للفريق الأولي في النادي الأهلي :)".
أنا حسام البدري. وهذه الحلقة الرابعة من سلسلة FilGoal.com التي تروي أبرز محطاتي مع الشياطين الحمر.
وقتما عرفت الخبر انتابتني حالة غير معتادة من السعادة، كأن أحدهم شق وجهي من الفرحة.
سأكون أول مدير فني مصري للأهلي منذ عام 1993. شكرا يا رب.
أول ما فعلته أن اتصلت بوالدتي وطلبت منها الدعاء لي بالتوفيق، وعملت 24 ساعة يوميا على إعداد خطة العمل حتى يحقق الفريق أهدافه.
كنت سعيدا بثقة لجنة الكرة.
عملت مديرا فنيا في قطاع الناشئين، مدربا، مدربا عاما، مديرا للكرة بعد وفاة ثابت البطل، بل وطلب مني محمود الخطيب أثناء كأس العالم للأندية دخول مجلس الإدارة لأن النادي يحتاج لكوادر مثلي.
كل هذه خبرات، وكنت عازما على تسخيرها كلها للنجاح كمدير فني للأهلي، وظيفة أحلامي.
طبعا كان الكل ينتظر المتعة منذ أول لحظة وأنا أعلم أنني سأبدأ عملي بدورة ودية أواجه فيها برشلونة وسيلتك، هل من الطبيعي أن نحقق نتائجا إيجابية؟
لكني استفدت كثيرا من تلك البطولة. وأول قرار اتخذته كان تغيير خطة اللعب وتطبيق الدفاع بـ4 لاعبين.
لازلت أتذكر أول اجتماع لي كمدير فني مع اللاعبين. قلت لهم: "سيكون الوضع مختلفا واسلوب التعامل كذلك".
كان على اللاعبين إدراك أن التعامل مع حسام البدري المدرب العام سيختلف عن التعامل مع حسام البدري المدير الفني.
هناك أمور تناقشها مع المدرب العام، ولا تستطيع مناقشتها مع المدير الفني.
لهذا قلت للفريق: "سأظل قريبا منكم وأتمنى أن تظلوا قريبين مني لكن في حدود".
البعض لم يفهم تلك الرسالة، لكن لو كنت قد استسلمت لـ غاب الالتزام عن الفريق.
لهذا من تحدث عن "تكشيرتي" أوضح له أن علاقتي مع اللاعبين اختلفت وأصحبت أكثر جدية، لكني أقول له أيضا: "وما المضحك أثناء العمل؟".
على مستوى النتائج كانت الأمور تسير بشكل جيد، وتوج الأهلي بالدوري ثم بلقب السوبر وهنا بدأت مشواري كمدير فني.
لكن المشكلة استمرت لأن البعض لم يستوعب أن حسام البدري أصبح الرجل الأول في الفريق.
وهنا فضلت الرحيل.
في الحقيقة لم يكن ممكنا أن أتجاهل ردود أفعال الجماهير، حتى لو كانت فئة قليلة.
لهذا رحلت لأن الأهلي وجماهيره رقم 1 في حساباتي. وإذا لم أجد توافقا بين كل العوامل من إدارة وجماهير وحب ودعم للجهاز، فمن المستحيل أن أظل في مكاني.
في الولاية الثانية كان الفريق أكثر جاهزية لاستقبالي وكنت أكثر جاهزية للنجاح.
ويمكن تلخيص تلك الفترة في مباراة واحدة فقط لن أنساها في حياتي. مباراة الترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا.
انتهت مباراة الذهاب بنتيجة سلبية، هنا مباشرة تذكرت ما حدث في لقاء الصفاقسي حين كنت مدربا مساعدا لمانويل جوزيه.
انتهت مباراة الذهاب بين الأهلي والصفاقسي بنتيجة 1-1 في القاهرة. يومها وجدنا الجهاز الفني ولاعبي الفريق التونسي يحتفلون كأنهم توجوا باللقب.
ذهبت أمام الكل وقلت لهم نحن من سيفوز باللقب. كنت واثقا بنسبة 100%. وفزنا في النهاية.
اليوم يتكرر الأمر نفسه ضد الترجي. وأيضا بعد نهاية لقاء الذهاب كنت واثقا في الفوز بنسبة 100%.
أخطأ شريف إكرامي في لقاء الذهاب، لكني لم أتحدث معه تماما بعد المباراة بـ4 أيام.
ظلت كل كلماتي للفريق تتمحور حول ثقتي في إمكانيات الفريق جماعيا، وقبل السفر مباشرة تحدثت مع شريف وقلت له: "هل تذكر كم مرة أنقذت الأهلي؟ غالبا لن تتذكر لأن عدد الفرص التي أبعدتها لا يحصى".
في محاضرة قبل المباراة قلت للفريق: " أعرف قدراتكم وقدراتهم. ستفوزوا".
كنت أعلم أن لاعبي الفريق التونسي يستعجلون الفوز، ولهذا سيفتحون خطوطهم. حسنا فلنعمل على سرعة الانتقال إلى نصف ملعب الترجي.
استحوذنا وقدمنا أفضل كرة ممكنة. كانت من أجمل ليالي حياتي والأهلي.