كتب : محمود سليم
بالطبع هو ضرب من الجنون حينما تقارن طريقة لعب الفراعنة تحت قيادة هيكتور كوبر والتي يغلب عليها الطابع الدفاعي، وتغطية وغلق المساحات أمام الخصوم بطريقة وأسلوب لعب فريق برشلونة الإسباني بشكل عام.. الأمر كله يتعلّق باقتباس جزئية من أسلوب برشلونة الدفاعي حال فقدان الكرة وارتداد اللاعبين لوسط ملعبهم.
ففي برشلونة هُناك ليونيل ميسي الساحر الأرجنتيني الذي لا يمكنك أن تطالبه بالارتداد حتى منطقة جزائه من أجل تأدية الأدوار الدفاعية، وهُنا كان يُطبق الفريق أحد أمرين، إما أن يميل أحد ثلاثي الوسط (راكيتيتش) جهة اليمين خلف ميسي وهذا ما فعله النني أحيانا مع ارتداد السعيد وتريزيجيه بجوار طارق حامد.
والأمر الآخر هو عودة المهاجم لويس سواريز كجناح خلف ميسي لأداء الدور الدفاعي وهذا بالفعل ما قام به كوبر مع باسم مرسي وأثمر عن هدف الفوز الهدف الثاني، باسم ارتد وقام بالتغطية خلف صلاح في أكثر من حالة في بداية الشوط الثاني ليتفرغ الفرعون الصغير للانطلاقات السريعة خلف مدافعي الكونجو، وبالفعل تسلم تمريرة طارق حامد، وانطلق السعيد في دور المهاجم في ظل ارتداد باسم للخلف وأحرز الهدف..لاحظ بداية الهدف وتمركز صلاح وباسم والسعيد.
كما اعتمد الفريق بشكل كبير على اللامركزية في الثلث الهجومي في ظل الكثافة العددية الكبيرة لمدافعي الكونجو كان يخرج باسم للأطراف وينطلق السعيد وصلاح للمنطقة وأحيانا تريزيجيه.
كما وضح للجميع الاعتماد على التمريرات الطولية خلف مدافعي الكونجو الذين لا يجيدون التمركز ولا يملكون السرعة في خط الدفاع، وكنا قد لفتنا الأنظار لتلك الثغرة في تحليل ما قبل المباراة حيث استقبل فريق الكونجو هدفين من تمريرات طولية خلف الظهيرين في مباراة كينيا.
تفوق الكونجو في الشوط الأول على الأطراف جاء بفضل تحركات ثنائي الهجوم حيث يلعب الفريق بطريقة 5-3-2، فتواجد تريزيجيه مع الظهير الأيمن، ويقوم عبدالشافي بمقابلة أونداما الذي يلعب كجناح أيمن، فيما يتحرك المهاجم دوريه خلف عبدالشافي من دون رقابة، فلو قام جمال بالتحرك معه لبقى جبر بمواجهة بيفوما المهاجم الآخر وحيدا، وهُنا كان دور طارق حامد في تغطية تلك المساحة خلف عبدالشافي.
هذا الخطأ تكرر كثيرا في الشوط الأول حتى جاء الهدف بتحرك المهاجم الآخر بيفوما في المساحة خلف تريزيجيه المتقدم، ليقع عبدالشافي في موقف 2 ضد 1 مع تقدم أونداما لمعاونة بيفوما، وتحرك المهاجم الآخر دوريه في خلف على جبر على القائم البعيد ليستقبل العرضية.
ولكن الهدف لم يكن مسئولية تريزيجيه أو عبدالشافي أو حتى ثنائي الارتكاز، الأزمة الحقيقة حينما تفقد الكرة وأنت تتحول للهجوم، فيترك بعض اللاعبين مراكزهم وينطلقون..شاهد صلاح وتريزيجيه انطلقوا لاستقبال الطولية التي استخلصها دفاع الكونجو وفريقهم في حالة هجوم (أغلب اللاعبين في منتصف ملعب مصر).
قام ثنائي الارتكاز بالترحيل جهة اليمين حيث تتواجد الكرة وهو امر طبيعي، ولكن قام الخصم بتغيير وجهة اللعب في الجبهة العكسية حيث يتواجد عبدالشافي وحيدا ومن ثم تم إرسال العرضية وإحراز الهدف.
أما عن الهدف الاول للفراعنة فلم يكن كوبر معتاد على مثل تلك التحركات الهجومية بكثافة عددية كبيرة وخاصة الظهيرين، كان كوبر كثيرا ما يلغي أدواهما الهجومية طوال المباراة، ولكن في هذا الهدف تقدم الثنائي جابر وعبدالشافي معا، ولكن السبب الحقيقي هو تقهقر لاعبي الكونجو جميعا (10 لاعبين في الصورة لا يظهر اللاعب المراقب لباسم مرسي فقط في الخلف) بداية من ثنائي الهجوم جميعهم أمام منطقة الجزاء وداخلها ومع ذلك نجح صلاح في خطف الهدف.
ربما لا ترى المنتخب حتى الآن يقدم الأداء الأمثل ولكن هُناك بالفعل بعض اللمسات والبصمات الواضحة، كوبر لا يريد الدفاع برقابة رجل لرجل ولكن يبحث دائما عن العمل الدفاعي على المناطق وليست الأفراد ولكن لم يصل بعد بلاعبيه لتطبيق تلك الفلسفة بشكل مثالي، العودة للخلف وغلق المساحات ثم الانقضاض للضغط في مناطقك المتأخرة هو أمر سيخلق لك مساحة خلف دفاع الخصم الذي سيتقدم بالتأكيد خلف خطي الوسط والهجوم.
هُناك ركلتين ثابتتين تم تنفيذهما بشكل نموذجي يركد دور الجهاز الفني الأولى من السعيد لصلاح في الشوط الأول أنقذها الحارس، والثانية من صلاح للسعيد في الشوط الثاني سددها بعيدة تماما.