20 سنة فينجر – كيف تغيرت كرة القدم في إنجلترا من أول مران

20 عاما يتمها أرسين فينجر مدربا لأرسنال، ستقرأ كثيرا عن "كيف غير فينجر كرة القدم في إنجلترا" أو عن الثورة التي أحدثها وجود البروفيسور الفرنسي في قيادة أحد أهم أندية إنجلترا.. ولكن هل تعرف حقا كيف كانت تلك الثورة؟<br>

كتب : فادي أشرف

الجمعة، 30 سبتمبر 2016 - 21:43

20 عاما يتمها أرسين فينجر مدربا لأرسنال، ستقرأ كثيرا عن "كيف غير فينجر كرة القدم في إنجلترا" أو عن الثورة التي أحدثها وجود البروفيسور الفرنسي في قيادة أحد أهم أندية إنجلترا.. ولكن هل تعرف حقا كيف كانت تلك الثورة؟

تقول الفلسفة الشرقية إن المرونة تهزم الصلابة، ربما لم يقرأ خريج كلية الإقتصاد وعلوم الإدارة في جامعة سترازبورج المولود قبل 66 عاما كلمات كونفشيوس أو لاوزي أو مينشيوس أو غيرهم من الفلاسفة الصينيين، ولكنه عرف تمام المعرفة أن ذلك المبدأ سيكون سببا في تغيير وجه كرة قدم صلبة وعنيفة يتم لعبها على الجزيرة التي ولدت عليها اللعبة.

"قبل 20 عاما، عرفني فينجر إلى العضلات القابضة في وركي" هكذا يبدأ أدريان كلارك لاعب أرسنال السابق قصته التي سردها لمجلة "FourFourTwo" عن أول حصة تدريبية للرجل الفرنسي الذي أتى لتدريب أرسنال قادما من ناجويا الياباني.

أدريان كلارك لعب في كل درجات الدوري الإنجليزي، بدء من أرسنال عام 1991 كناشيء قبل أن ينهي مسيرته في نادي مارجيت في الدرجة السادسة عام 2004.

كلارك كان محظوظا – كما يروي – بوجوده في أول حصة تدريبية قادها فينجر في لندن كولني، مركز تدريبات أرسنال، حينها عرف أن هناك عضلة ما بين مفاصله هي المسؤولة عن مرونة حركة المفصل نفسه.. ذلك وأكثر تعلمه كلارك من فينجر رغم عدم مشاركته مع الفريق الأول لأرسنال في حقبة فينجر، ويفسر أيضا ما فعله فينجر في كرة القدم في إنجلترا ويستحق تسميته بـ"الثورة".

"كل لاعبي أرسنال، سواء كانوا من الفريق الأول أو لا، تجمعوا ليشتركوا في المران الأول للمدرب الجديد إعلانا لبداية جديدة في أرسنال".

هناك دائما توتر يصحب أي موظف في التعامل مع مدير جديد والأمر واحد بالنسبة للاعب الكرة مع مدربه الجديد.. ولكن تخيل وجه كلارك وزملاءه عندما نزلوا لأرض الملعب ليجدوا 30 سجادة مخصصة لممارسة اليوجا وعدد مماثل من الكرات الطبية ومئات من العواميد المثبتة على الأرض.

"ماذا يحدث هنا بحق الجحيم؟ هكذا كنا جميعا نفكر في صمت".

تفكير جديد

يروي كلارك كيف تغيرت التدريبات بين فترتي جورج جراهام وبروس ريوك – المدربين السابقين لفينجر في أرسنال، ونعم أرسنال كان له مدربين قبل فينجر :) – وبين بدايات فترة فينجر.

"في الـ6 أعوام التي مضيتها في أرسنال كلاعب محترف كنا نبدأ التدريب بالركض الخفيف حول الملعب، قبل أن نتوقف لبعض الإطالات ثم نبدأ التدريب السليم، وبالسليم هنا نقصد مباريات السيطرة على الكرة بين فريقين قوام كل منهما 8 لاعبين، إلا أن ذلك لم يعد يحدث".

يضيف كلارك "أول يوم له قام فينجر بتدريبات الإحماء بنفسه، وأصبح واضحا أن تلك الـ15 دقيقة التي لا نعتبرها جزء من التدريب لكسلنا فيها صارت جزء من الماضي، الموضوع أصبح جديا الآن".

"من نصف ساعة لـ45 دقيقة، أتذكر أن خضعت لتدريبات إطالة لعضلات لم أعلم إني أملكها بطريقة لم أختبرها من قبل. الأمر كان مزيجا بين تدريبات بيلاتس الألمانية في اللياقة البدنية (الذي تساعد ليس فقط على بناء المرونة، بل أيضا القوة والتحمل والتنسيق في الساقين والبطن والذراعين والظهر) وتدريبات البليوميتريكس (التي تعمل على دفع العضلات لأكثر جهد ممكن)".

يتندر كلارك على طول قامة فينجر – 191 سم – قائلا "تدريب العضلات القابضة لمفصل الورك "أتذكر فينجر، بقدميه الطويلتين، ركبتيه ليسا على الأرض ومبتعدين عن بعضهما البعض لينزل بجسمه للسجادة تحته، يقبل الأرض ثم يصعد. حاولنا تقليد التدريب الذي فعله بمنتهى السهولة لتتعالى صرخاتنا من الألم ليبتسم ويقول.. ستكونون أكثر مرونة بعد ذلك".

هنا أدرك كلارك أن أرسنال كما يعرفه تغير تماما، ما لم يدركه أن الكرة في إنجلترا تغيرت مع هذا اليوم. مرة أخرى، المرونة تهزم الصلابة.

حديث كلارك – الذي لم يلعب سوى 9 مباريات مع الفريق الأول تحت قيادة فينجر - كان على التدريبات البدنية.. فكيف جعل فينجر كرة أرسنال أكثر متعة؟

"كل فقرة من التدريب كانت محددة بوقت معين لا يمكن كسره، تدريبات الكرة تكونت من تمرير كثيف حول (مانيكانات) مع تحرك اللاعبين. التدريب كان يركز على تعاملنا مع الكرة وتحركاتنا. في البداية اشتقت لمباريات الحفاظ على الكرة ولكن بعد أسبوعين الجميع كان سعيدا. نشعر بمرونة وأننا جزء من طريقة رائعة للعب كرة القدم".

ويستكمل كلارك "بعد أعوام من العمل مع جراهام وريوك، اللذين كانا رجلان صلبان أصحاب شخصيات قوية، وجدت أن ذلك المدرب الجديد الذي لم نسمع عنه من قبل كان مختلفا. رجل هادئ وتشعر بطيبته قبل الحديث معه، ذلك بعيدا عن حبه للكرة الجميلة. أسلوبه في التركيز على التمرير الجميل بدلا من الصلابة في التدخلات واللعب المباشر كان أمر صاحب شعبية كبيرة في النادي".

هل تعلم أن فينجر رأى 279 مدربا يأتون ويرحلون في الدوري الإنجليزي وهو باق في مكانه؟ جزء من تلك الاستمرارية كان قدرته على اكتشاف المواهب.

أول 3 صفقات لأرسنال في عهد فينجر كانوا 3 فرنسيين. ريمي جارد والصغيرين باتريك فييرا ونيكولاس أنيلكا.

"لعبت في أول مباراة لهما مع فريق الرديف. فييرا الذي لم يبدو وكأنه يبذل أي جهد في أن يكون ممتازا بالكرة أو دونها، أو أنيلكا السريع لدرجة لم أراها بعيني من قبل.. كانا رائعين. لعبت مع لاعبين مثل دينيس بيرجكامب وإيان رايت وتوني أدامز وبول ميرسون ولكن فييرا وأنيلكا الأصغر مني في العمر كانا يمتلكان قدرات أشعرتني بأني محدود الموهبة".

كلارك هنا يتحدث عن فييرا صاحب الـ20 عاما حينها وأنيلكا صاحب الـ17 عاما.

"الناس الآن يصفونها بثورة فينجر، وهذا الوصف حقيقي. أشياء كثيرة تغيرت في أرسنال في وقت قصير جدا".

الأمر لم يكن حول تدريبات الكرة فقط، ولكن كلارك يوضح أن المكملات الغذائية من الفيتامينات دخلت للفريق الأول، مع مشروبات طاقة من الفاكهة للفريق الرديف، الأمر كان ثوريا حقا في 1996.

"لم نكن نذهب للمنزل بعد انتهاء التدريب في الواحدة ظهرا، بل أصبح هناك جلسات تدليك. مواعيد الوجبات تغيرت وأصبح الفطور التقليدي من البطاطس المقلية والأومليت وخبز التوست أصبحوا جزء من الماضي. أصبحنا نتناول الفراخ المسلوقة والأسماك والخضراوات".

تلك الأمور كلها في التدريب، مع فلسفة التمرير والتحرك جعلت أرسنال لا يوقف حسب كلارك، وحسب النتائج والكرة الإنجليزية التي تسيدها أرسنال فينجر حتى من 1997 حتى 2005 مع ظهورات نادرة لمانشستر يونايتد.

"في 20 عام، لعبت لأرسنال ورحلت ولعبت في 6 أندية أخرى مع 10 مدربين مختلفين واعتزلت وعملت في مجالات خارج الكرة وبدأت شركتي الخاصة وعملت في شركات أخرى وعدت لأرسنال لأعمل في قناة النادي.. كل ذلك وفينجر مازال مدربا لأرسنال. أن تفعل ذلك الأمر لموسم واحد أمر صعب، ولكن أن تفعله لمدة 20 عاما أمر لا يصدق".