حسناً ربما يمكنك أن تسمع هذه الكلمة في غضون اليوم والغد وبعد الغد في حلم الزمالك الجديد بإضافة السادسة، أو بمعني آخر، في طريق السعي نحو الأميرة الإفريقية أملاً في معانقة المجد الغائب منذ أربع عشر ربيعاً..

لكننا اليوم وفي تكرار للماضي الزملكاوي علي أمل ليس ببعيد سنحاول أن نقرأه و نتذكره ونسمع هتاف "هنا المغرب.. مساء الخير..!!" بذكريات رمضانية خالصة في الأجواء المغاربية عام 2002 حين استطلع الزمالك رؤية دوري أبطال إفريقيا وأكد علو كعبه علي الأشقاء.

الزمالك، تخطي عقبة تي بي مازيمبي الكونجولي في نصف نهائي دوري الأبطال 2002. بالطبع لم يكن مازيمبي بنفس القوة والسطوة والنفوذ علي مقاليد قارة أفريقيا مثلما كان منذ عهد سنوات قليلة من تلك اللحظة ولكنه خطوة كان علي الزمالك تخطيها بمساعدة العميد و الرقم 14 المتلألئ وقتها بخدمات إمام مدرسة الموهوبين وجهودات وليد صلاح عبد اللطيف و عبد الحليم علي.

أخبار متعلقة:

محمد إبراهيم: الابتعاد عن شمال إفريقيا أفضل ما في القرعة VIDEO: Zamalek soundly beaten by rampant Petrojet العروبة: قدمنا عرضا لصلاح يفوق ما تلقاه من مصر بالفيديو .. "هاتريك" الزمالك يحرم الأهلي من بطولة زايد للناشئين

حسناً.. النهائي الآن مع الرجاء والوضع في الدوري المصري ليس علي ما يرام، فالأهلي الجريح من مشاركته الأفريقية يلتهم المنافسين واحداً تلو الأخر بدون هزيمة حتى الآن في الدور الأول أو تعادل، جبهة الدوري الآن ليست علي بال محاربي القبيلة البيضاء.. صفحة سنعود إليها سريعاً.

أتي إلي الزمالك رجل يدعي كارلوس روبرتو كابرال، ليس صاحب سجل حافل مع الأندية التي دربها، ولكنه رجل يعلم من أين تؤكل الكتف.

الزمالك مع سابقه الألماني أوتوفستر، زمالك الكرة الجميلة ولكنه يسجل ثلاثة أو أربعة فيستقبل ثلاثة مثلما فعل أبناء سوهاج معه، إلي أن جاءت الطامة الكبري بخسارة القمة أمام الأهلي بسداسية مقابل هدف ولم يحافظ علي الدوري و لكن حسن مظهر الموسم ببطولة الكأس.

أما كابرال لم يعود الفريق علي مفهوم الكرة الجميلة التي تثير الإعجاب و تسحب الأهات من القلوب، فالرجل يتعامل مع المباريات بالقطعة. الأداء ليس شرطاً أن يكون جمالياً، المهم هو الفوز وصلادة الدفاع والحفاظ علي الشباك، وفي المباريات الكبري ما يهم أن يكون الأداء علي قدر أهمية واستعداد اللقاء.. وربما هذا هو الدرس الذي تعلمه مؤمن سليمان بعد 14 سنة.

بدأت الرحلة من القاهرة بالهدوء والسكون المصاحب لشهر رمضان كالعادة و لأول مرة يذق لاعبي الزمالك النوم العميق بعد أن كان قلب البعض يرتجف من الخوف في الاستبعاد من رحلة نصف الطريق للأميرة، القلق سيطر علي المعاونين مثل المدير الإداري مدحت عبد الصبور وطارق يحيي، إلا أن خبرة المدير العام محمود سعد حسمت أمور القلق وكأن الجهاز كان ينقصه متمرس مثله.

الأمر بالفعل احتاج لصرامة من محمود سعد.. حسناً إليكم أربع ورقات ببرنامجنا الكامل بالمغرب، من لم يلتزم فمعنا تذاكر عديدة لأول رحلة للقاهرة سنشحنه إليها مستبعداً إلي جانب ورقات تعويذة نسمي التداوي بالقرأن عبارة عن بعض الأيات القرآنية والأحاديث النبوية ووزعها محمود سعد وشدد بصرامة علي ألا يفرط أحدهم فيها، وقد تسربت للصحافة المغربية فاتهموا الفريق بحملة إعلانية بأنهم بذلك يقصدون أنهم بالمغرب يستخدمون السحر في الكرة و أن تلك الوريقات لإبطال مفعول السحر.

اصطحب كابرال زوجته من باب التفاؤل ولأول مرة تخلي عن الصرامة مع اللاعبين، فكان يسأل رضا سيكا عن عمره الآن، أخرج لهم قصاصات الجرائد البرازيلية التي أرسلها له أحد أصدقائه بالبريد وبها صورته وهو ذو سبعة عشر عامًا إلي جانب الجوهرة السوداء بيليه.

في المطار خطف حسام حسن الأضواء من الجميع، وتسابقت معه الصحف المغربية في التصوير وإجراء الحوارات قبل أن يرحل الفريق متجهًا للفندق استعداداً للمهمة الشاقة.

التدريبات شهدت منافسة حادة، رضا سيكا تألق بشدة أمام كابرال وجعل الاختيار صعباً ولكنه علي الأقل مضموناً مع بقاء سيكا كورقة رابحةـ تدخل بسيط من حليم علي عبد الواحد السيد بالتدريب كاد أن يفسد الأمر، ولكن طبيب الفريق يطمئن الجميع بأن وحيد سليم، بالطبع أخفي كابرال ملامح الفريق في التدريب و لم يهتم بالجمل الهجومية كثيراً، وبدا واضحا أن الهدف من الرحلة هو الخروج بأقل الخسائر وهو التعادل.

قبل انطلاق مباراة الذهاب مع الرجاء في المغرب، امتلأ الملعب قبلها بخمس ساعات بـ 75 ألف متفرج يزينون استاد محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، فضلاً عن أرضية الملعب المُغرق بالأمطار الشديدة التي زينت بهاء مدينة كازابلانكا، في كل شئ ماعدا الملعب الذي تهيأ علي شاكلة "الموت المُقفر" والقبر الساعي لالتهام المنافس الأبيض، كما التهم أبناء أبيدجان برباعية نظيفة في نصف النهائي واستدرجتهم الأمطار حبوًا نحو الإقصاء.

في كلمات هامسة وهادئة كعادة البرازيلي كابرال، همس إلي مساعده محمود سعد بضرورة تقديم احتجاج لدي مسؤولي الكاف علي إغراق الملعب بالمياه إلي جانب الأمطار من قبل مسؤولي الرجاء، لكن وقت الاحتجاج ذهب سداء وكان قد قدمه قبل المباراة بـ 24 ساعة أيضًا المندوه الحسيني ولم يهتم مسؤولي الكاف.

كابرال نادته النداهة وقتها ولكن بالنداء الحسن قبل الزفير نادته الساحرة البرازيلية كما وصف قبل اللقاء بشئ واحد، التأمين الدفاعي بثلاثي في وسط الملعب مكون من حسام عبد المنعم و محمد أبو العلا وتامر عبد الحميد. كانت تجربة لأول مرة بأن يتقدم حسام عبد المنعم من قلب الدفاع لمنتصف الميدان اعتمادا علي خنق منتصف ملعب الرجاء لإبطال بناء الهجمة المنتهية عند قدمي هشام بوشروان الخاضع لأوامر بشير التابعي، أو انطلاقات ظهيري الأجناب سامي تاج الدين والقاسمي، وكل ذلك رأيناه بجدية في تدريبات الفريق الفائتة مع التركيز علي تقارب خطي الدفاع والوسط ويقظة الثلاثي وائل القباني، مدحت عبد الهادي وبشير التابعي .

قبل المباراة بساعتين كان الأمر قد حُسم علي البدء بوليد صلاح عبد اللطيف و حازم إمام في الوسط ووحيداً حسام حسن في الهجوم، ولكن تراجع كابرال بحس الثعالب عن هذا قبل اللقاء بساعة لحساب أمر بسيط. حازم مهاري للغاية وأرضية الملعب مبتلة ولا يمكن أن يلعب في بركة الوحل تلك! ولذلك كان إقحام حسام عبد المنعم ضرورياً و ادخار حازم لموقعة الإياب.

تكلف تامر عبد الحميد بتكتيف الخطير زكريا عبوب، أما بوشروان فقد استلم رقابته بشير.

بدأ الشوط الأول وأطلق السنغالي فالا صافرته إيذاناً بالبدء. زئير الجماهير المغربية لا يهدأ مع هبوط خفيف للأمطار، سيطرة ميدانية للرجاء مع تسديدة هائلة من عبوب تعلو العارضة بقليل.

اللعب شيئاً فشيئاً بدا و كأنه يميل إلي التعاون بين الفريقين. تمريرات مقطوعة هنا وهنا، محاولات من القاسمي لإرسال الكرات العرضية ولكن بشير تعامل بشكل ممتاز مع بوشروان وأوقف خطورته تماماً مع استخدام بعضًا من العنف المشروع. الخطير صانع الألعاب محمد علي ديالو في غير مستواه تمامًا واستسلم لرقابة حسام عبد المنعم أما بوشروان فقد استبدله والتر ميوس البلجيكي مع زئير غاضب وناقم من المغاربة علي مستواه المتواضع.

كان وجود حسام حسن بالأمام ممتازاً خلال فعاليات اللقاء، فقد اضطر والتر لتخصيص ثلاثة مدافعين لرقابته إلي جانب المجهود الهائل الذي بذله وليد صلاح الدين في منتصف الملعب الأمامي، فانقطع خط بناء الهجمة من الخلف للأمام من الرجاء وأصبح الاعتماد ضرورياً علي الكرات الطويلة مع أرضية الملعب المنزلقة والتي سهلت مهمة المدافعين للزمالك و عبد الواحد خلفهم، احتكاكات قليلة بين فرانسوا و مدحت عبد الهادي داخل المنطقة ولكن لا جديد فالإحكام زملكاوي خالص. سامي تاج الدين كان النجم الوحيد للرجاء وكاد أن يحرز هدفاً قبل نهاية اللقاء ولكن تصدي رائع من عبد الواحد يبقي الأمر علي التعادل.

انتهت مهمة اللقاء العسيرة. التعادل في النصف الأول من النهائي علي الأراضي المغربية، شبح السكون الحاد يداهم ملعب محمد الخامس مع الهمهمات المشيرة لصعوبة المهمة في القاهرة، أما لاعبي الزمالك فتفرغوا لاحتفال سريع علي أرض الميدان. فعلها نجوم الزمالك بسلاح الذكاء لإيقاف السيل المطير كهجوم الرجاء أو أرضية الملعب السيئة.

كابرال أدلي بتصريح عقلاني، قال أنه يلعب الكرة منذ 40 عامً ويعلم بأن المفاجآت واردة، وأوضح أنه لم يلعب للفوز وإنما جاء للتعادل فقط وأنه يحترم الرجاء في القاهرة وسيستعد لهم جيدا.

والتر ميوس البلجيكي أدلي بجملة واحدة فقط: "سنكرر فوزنا خارج الملعب كما فعلنا في تونس 1999".

انتهي الفصل الأول من نداء القبر وهو الهتاف المشهور لجماهير الرجاء قبل لقاء الزمالك، والآن الصياح يتكرر بعد أربعة عشر عاماً (هنا المغرب.. مساء الخير)