ولم تكن الولايات المتحدة التي احتفلت وحدها بالذهبية رقم 1000، فبدأت المقارنات مع التاريخ العربي والسخرية من حالنا، وهو بالمناسبة يستحق السخرية ولكن أظن أيضا قصة الـ1000 ذهبية تستحق منك التمعن.
بداية، كل البطولات التي أقيمت في الماضي دائما ما تتعرض للسخرية أو التشكيك في أن السياسة أسهمت في تغير اتجاه تلك البطولات بداية من كأس الأمم الإفريقية التي دائما تتعرض للتهكم على عدد المشاركين في بطولات 1957 و1959، وكأس العالم والقصص الكثيرة عن التدخل السياسي في البطولات الأولى.
لذلك فالحديث عن التاريخ الأوليمبي لن يغير من الأمر فتلك البطولات احتسبت لمن فاز بها، ولكنه مجرد رصد لتناول البعض التقرير الخاص بفوز أمريكا بـ1000 ذهبية في البطولات التي بدأت من 1896 ومستمرة حتى كتابة هذه السطور.
دورة الألعاب الأمريكية
وسأتحدث تحديدا عن نسخة 1904 التي استضافتها أمريكا والتي كان بها العديد من اللقطات الملفتة التي تشير إلى كيف كانت تدار الأمور في هذا التوقيت.
تلك النسخة من الأوليمبياد شارك فيها 651 رياضيا من 12 دولة كان منهم 530 أمريكيا بنسبة أكثر من 80%!
وبالطبع شهدت البطولة تفوقا كاسحا لأصحاب الأرض بـ78 ذهبية بينما كان الألمان في المركز الثاني بـ4 ذهبيات! وحصد الأمريكان إجمالي 239 ميدالية مقابل 13 لألمانيا.
فمثلا الرماية لم يشترك فيها أي دولة غير الولايات المتحدة التي شاركت بـ29 رياضيا وتمكنت من الفوز بـ17 ميدالية منهم 6 ذهب.
كذلك الدراجات التي لم تشترك فيها أيضا إلا أمريكا وفازت بالذهب والفضة والبرونز بعد منافسة شرسة مع نفسها بين 11 رياضيا يرفعون علمها.
الطريف أن في سباق الدرجات كان هناك متسابق يدعى فرانك بيتزوني من مواليد إيطاليا ولكن كل السجلات تعتبره متسابقا أمريكيا بالرغم من أنه لم يحصل على الجنسية الأمريكية إلا في 1917 وهو إحقاقا للحق لم يحصد أي ميدالية.
أما الملاكمة فكان الوضع في الحقيقة غير، فاشترك من الولايات المتحدة 18 رياضيا تنافسوا مع نفسهم طبعا وحصدوا 19 ميدالية!
الكوميديا تتصاعد هنا، فجورج فينيجان حصد ذهبية وزن 47 كيلو وفضية وزن 52 كيلو! ونافس في وزن 47 كيلو ملاكما أمريكا آخر وكان يزن 49 كيلو أساسا! وفاز بالمباراة الوحيدة وحصد الذهبية كما حصد فضية الوزن الآخر بعدما خسر النهائي أمام الأمريكي الآخر وكانت المنافسة مباراة واحدة أيضا.
فتخيل أنك تشارك في مسابقة فتكون فيها الأخير بين اثنين فيتم منحك ميدالية فضية.
وهناك قصة في كرة الماء التي شاركت فيها أمريكا بثلاثة منتخبات! منتخب نيويورك ومنتخب شيكاغو ومنتخب ميزوري لتتويج الولايات الثلاث بالميداليات الأوليمبية! وإحقاقا للحق بعد ذلك تم اعتبار كرة الماء في تلك النسخة غير رسمية!
في الجمباز، شارك 111 أمريكيا لينافسوا 7 ألمان وسويسريا. في التنس، شارك 36 لاعبا من دولتين 35 أمريكيا وألماني. في المصارعة، شارك 42 لاعبا كلهم كانوا من الولايات المتحدة، كما الحال في كل الرياضات في تلك النسخة.
وأحيانا كان لا يتم توزيع ميداليات برونزية في تلك النسخة في بعض اللعبات، تقريبا كان لا يوجد لاعبا أمريكيا لرفعها.
أظن بعد هذا السرد أن الاسم المناسب لتلك النسخة هو دورة الألعاب الأوليمبية الأمريكية!
وحتى لا تتصور أن هذا الوضع كان السائد بسبب الفترة الزمنية فبالنظر إلى نسختي 1900 و1908 وغيرهما ستجد أن البلاد كانت ممثلة بشكل أفضل في المشاركة وفي الميداليات.
من الممكن أن ننبهر بالفارق العجيب بين الرياضيين الأمريكيين وغيرهم في الوقت الحالي، ولكن في الماضي أظن الأمر محل شك.
أود أن أوضح، الهدف ليس التشكيك في الاكتساح الأمريكي للألعاب الأوليمبية لأنه حقيقة. ولكنه مجرد رصد لقصة الـ1000 ذهبية.
للتواصل مع الكاتب على تويتر S_Abdelkader