كتب : هشام إسماعيل
بعضهم نال قسطا من الاحترام بسبب رغبتهم في البقاء للنهاية حتى بعد الخسارة.
الإنجليزي ديريك ريدموند الذي أصر على استكمال سباق 400 في أولمبياد برشلونة 1992 بعد إصابته في العضلة الخلفية ليكسر والده الكردون الأمني ويركض معه حتى النهاية.
ريدموند ليس الوحيد الذي قهر الظروف الصعبة ونال احترام الجميع، ففي كل دورة ألعاب أوليمبية تجد الكثير من الرياضيين يحاربون الظروف من أجل الظهور والفوز.
دورة الألعاب الأوليمبية ريو دي جانيرو 2016 والتي ستنطلق بعد أيام قليلة، استطاع أكثر من رياضي أن يقهر تلك الظروف الصعبة من أجل الظهور يستعرضها معكم FilGoal.com.
يسرا مارديني
مطلع يونيو الماضي أعلنت اللجنة الأوليمبية عن الأسماء العشرة التي ستشارك في البطولة ضمن فريق اللاجئين من 4 بلدان مختلفة هي سوريا وجنوب السودان والكونجو الديمقراطية وإثيوبيا.
أصغرهم السورية يسرا مارديني صاحبة الـ18 عاما، فتاة هربت من الحرب في بلادها مع شقيقتها سارة حتى وصلت إلى ألمانيا أخيرا لتحصل على حق اللجوء ومن ثم اللعب في الأولمبياد.
لكن هذه الرحلة لم تكن بتلك السهولة تماما.
بالعودة لعام 2012 عندما كانت في الرابعة عشر من عمرها، كانت يسرا حاضرة في دورة الألعاب الآسيوية وكذلك بطولة العالم للمسافات القصيرة.
وكانت بطلة لمسابقات 200 متر و400 متر سباحة حرة وأيضا 100 متر و200 متر فراشة في بلادها سوريا قبل أن تتبدل الأمور تماما في حياة يسرا وعائلتها.
تقول يسرا "من الصعب أن تترك بلادك، صعب جدا ولكن منزلنا دُمر وفقدنا كل شيء.. فهربنا".
رحلة يسرا وشقيقتها سارة بدأت في أغسطس من عام 2015 عندما فروا إلى لبنان ومنها إلى تركيا، بعدها اضطرتا الفتاتان لاستقلال قارب مع 18 لاجيء آخرين من أجل الوصول لليونان، لكن القارب كان صغيرا والعدد الأقصى له هو ستة أو سبعة أشخاص.
تقول يسرا لصحيفة برلينر تسايتونج "الأمور كانت تسير بشكل جيد في أول 15 دقيقة حتى تعطل المحرك وبدأت المياه في الدخول للقارب".
وأضافت مارديني "قفزت للمياه مع أختي ومعنا شخص آخر وسحبنا القارب لثلاث ساعات حتى وصلنا لبر الأمان، في بعض الأوقات أسأل نفسي هل هذا حدث فعلا".
سارة شقيقة يسرا والتي تلعب السباحة أيضا تقول لصحيفة ديلي ميل "الأمر كان مخيفا في الحقيقة للأشخاص الذين كانوا معنا وليس لي، فقدت أردت أن يصل الجميع للجزيرة بأمان وهذا ما فعلناه الحمد لله".
بعد أن وصلتا إلى جزيرة ليسبوس في اليونان نجحت يسرا مع شقيقتها في الوصول لبرلين في شهر سبتمبر بعد شهر من الرحلة المرعبة ثم لحقا بهما والديهما وبعدها بستة أشهر حصلت الأسرة على حق اللجوء في ألمانيا رسميا.
حلم الأولمبياد
بعد أن عرف الجميع قصة الفتاتين وتم الإعلان عن منتخب اللاجئين وتم ترشيح يسرا، فقط كانت تحلم باللعب في الدورة المقبلة بالبرازيل ووصفتها "بفرصة تأتي مرة واحدة في العمر".
وأضافت "أريد أن يكون اللاجئون فخورين بي كما أنني أريد أن أشجعهم على فعل أمور عظيمة حتى لو مرينا بأوقات صعبة بعيدا عن ديارنا".
يسرا بدأت في التدرب في نادي فاسرفريند الألماني ساعدها مترجم مصري في الوصول إليه ثم أهلها في النهاية للعب في الأولمبياد في مسابقة 100 متر حرة.
شقيق منفذ تفجيرات بروكسل
فتى من أصول مغربية يدعى مراد الشعراوي تأهل في منافسات التايكوندو ليمثل بلجيكا في الأولمبياد المقبل في ريو دي جانيرو، الخبر ليس في الجملة الماضية قبل أن تستكملها بأنه شقيق نجيم الشعراوي منفذ تفجيرات بروكسل.
نجيم كان قد نفذ هجمات انتحارية في بروكسل في مارس الماضي والتي أسفرت عن مقتل 35 شخصا كما يتورط اسمه في هجمات باريس الإرهابية في نوفمبر من العام الماضي.
نجيم الذي ولد في مدينة أغادير المغربية قبل أن يهاجر مع أسرته لبلجيكا في سن صغير، وتشير التقارير إلى سفره إلى سوريا بهوية مزيفة عام 2013 للانضمام إلى داعش وأطلق عليه أبو إدريس.
عائلة نجيم فقدت الاتصال به منذ الوقت الذي سافر فيه إلى سوريا ولم يعد أحد منهم على معرفة ماذا يفعل الآن.
ويقول مراد في تصريحات قديمة "لم أكن أريد التصديق بأنه هو من فعل ذلك، لكنك لا يمكنك أن تختار أهلك".
وأضاف "نجيم كان شابا عاديا يقوم بأداء فروض الإسلام فقط لكنه تحول لراديكالي، كان ذكيا وودودا مع الجميع حتى أن كان يلعب كرة القدم أحيانا".
وتابع "لا أعرف لماذا تحول للإرهاب، لم نرى تغيرا عندما تحول لراديكالي بهذا الشكل".
الانتقادات
بالطبع كونه بطلا معروفا في لعبته والتي حقق فيها الميدالية الفضية بدورة الألعاب الجامعية الصيفية 2013 فإن مراد نال سخطا كثيرا بعد الإعلان عن هوية نجيم الشعراوي منفذ تفجيرات بروكسل في مارس الماضي.
لكن محامي مراد قال وقتها "إنه جنون أنهما ولدا لنفس العائلة وتلقيا نفس التعليم لكن أحدهما حول كل شيء للأبيض والآخر حوله للأسود".
وأضاف "هو ليس مسؤولا عن تصرفات شقيقه".
طفل مفقود
في 2005 أصبح السوداني ييتش بيل بلا منزل وبلا عائلة بعد أن غزت قوات قريته وأجبروه على العيش في مخيم للاجئين لعشر سنوات قبل أن يصبح مشاركا في أولمبياد 2016 مع بعثة اللاجئين.
لكن القصة أيضا بها تفاصيل مآساوية ودرامية أكثر.
في عمر الثامنة كانت الحرب الأهلية في جنوب السودان مندلعة، قبلها بعامين كان والده قد هرب وترك أسرته المكونة من زوجته و4 أبناء أكبرهم ييتش الذين استمروا في العيش لعامين معا حتى اضطروا جميعا لمغادرة المنزل.
يقول ييتش "لا أتذكر متى حدث هذا الأمر في أي شهر أو فصل من العام، لكن فقدان منزلك في هذا العمر يكون أشبه بتحطم العالم بأكمله.. رأيت نهاية حياتي وحياة أسرتي".
وأضاف "عشت مثل الحيوانات، اختبأت في الأدغال وكنت أظل بلا طعام لثلاثة أيام وأتسلق الأشجار من أجل الحصول على بعض الفواكه".
الحدود مع إثيوبيا كانت على بعد 19 ميلا وكانوا مضطرين للسير حتى الوصول إلى هناك، الأم لم يكن في استطاعتها تحمل إطعام 4 أبناء فقررت التخلي عن أكبرهم.. ظنت أنه في عمر العاشرة ربما يستطيع النجاة وحده.
ييتش لم يرى أسرته منذ ذلك الحين، لا يعرف هل استطاعوا النجاة أم قتلهم الجنود.
وصل ييتش في النهاية لمخيم لاجئين في كاكوما بكينيا وبدأ في ممارسة رياضة الجري، لم يكن الأمر بهذه السهولة أيضا بل يقول بيل أنه لم يجد أحذية أو معدات للتدرب لكنه واصل.
كينيا هي أحد البلدان المعروفة بتفوقها في رياضات الركض والماراثون، واحدة من أبرز رياضيها تيجلا لوروب بطلة العالم لديها مؤسسة لدعم الرياضيين الكينيين ومنحته الفرصة في 2015.
بعدها بعام اختير بيل من اللجنة الأوليمبية ضمن الـ10 رياضيين الذين سيمثلون بعثة اللاجئين في ريو دي جانيرو.