محمود عصام

بلوج أهلاوي – من العتبة جينا ومن شبرا

"كرة القدم لعبة بسيطة, 22 رجلا يطاردون الكرة و في النهاية يفوز الألمان"<br>
الأحد، 26 يونيو 2016 - 14:40
"كرة القدم لعبة بسيطة. 22 رجلا يطاردون الكرة وفي النهاية يفوز الألمان"

هكذا شرح الإنجليزي جاري لينكر قيمة المنتخب الألماني و فلسفته التي يحافظ عليها. فلسفة القدرة علي الفوز في مختلف الظروف.

ينطبق الأمر محليا علي النادي الأهلي بصورة كبيرة بل يتطابق إلى حد كبير والدليل علي ذلك الفارق الشاسع في البطولات بينه وبين أقرب منافسيه.

ولكن بالطبع تختلف الظروف كثيرا بين نادي مصري ومنتخب ألماني. تختلف ظروف الاستقرار و الإمكانيات والفنيات بالطبع . إذن ما العامل الذي مكن الأهلي من المحافظة على مكانه وفلسفته؟ الإجابة.. "من العتبة جينا ومن شبرا"

يجلس كريم بجوار أبيه على مائدة الإفطار بعد صيام يوم طويل. تنظر والدة كريم إلى الإثنين باستغراب. فقد مر أكثر من عشرة دقائق وكلاهما لم يتناولا سوي لقيمات صغيرة.

قطع الصمت صوت الأب

- تناول طعامك . لا داعي لكل ذلك.

- ستة أهداف في مباراتين . هناك داعي على ما أعتقد.

- حدث أكثر من ذلك ولم نهتز.

- ربما. ولكن لم يكن الفريق دون روح ولم نكن نحن في المنزل يا أبي . لم نكن في المنزل أبدا يا أبي.

مر ساعتين حتى علم الجميع أن التدريب القادم سيحضره جماهير الأهلي في استاد التتش. حينها فقط بدأ كريم و والده في الابتسام وعادت لهما الحياة. فهما على ثقة بالرهان الذي لا يخيب.

بعد يومين كانا في طريقهما للتتش.

الشوارع كأنها تنبت ورود حمراء تتجمع و تسير سويا لكي تنبت ورود أخرى من جديد.

جماهير الأهلي في كل مكان تسير نحو الجزيرة. المترو يرتج بأغاني تشجيع الأهلي. ميدان رمسيس ربما فقد معالمه بعد أن استقبل سيارات محافظات عدة أوردت إليه جماهير تنتمي للأهلي بكل شغف. يسير الجميع من كل صوب نحو استاد مختار التتش بالجزيرة.

الآلاف في الملعب. المدرجات تمتليء. الجماهير أكثر من أن يتحملها الملعب. الهتاف ليس حكرا علي أحد ولكنه يتمحور حول روح الأهلي. قيمة الأهلي. لا يوجد هتاف للاعب أو لمدرب أو لرئيس.

لافتة رفعت لكي يراها الجميع " قاتل من أجل الكيان "

كان يصرخ كريم بجوار والدة مرددا إحدى الهتافات الشهيرة عندما تلاقت عيناه بأحد لاعبي الأهلي الجدد. وقتها فقط أدرك كريم أن الدوري سيعود في المباراة المقبلة. كان اللاعب ينظر لكريم في رهبة وشغف يليقان بلاعب في الأهلي.

لا تستطيع عيناك أن تدرك لونا سوى الأحمر اليوم.

يصرخ الجميع فيك ألا تخذلهم.

يتضاعف الحماس أثناء الغناء للأهلي لعلك تتذكر المشهد فيما هو قادم.

تهتز الأرض من حولك . فتدرك قيمة شعار تحمله على صدرك.

اليوم إما أن تفهم قيمة الأهلي وقميصه الذي ترتديه. أو لا ترتديه أبدا.

هذا ما جعلني أفضل الأهلي عن أي شيء. تلك الروح التي أراها في لاعبيه. مصدرها هذا الصوت الذي لا يهدأ.

كل الأمور كانت ستتغير لو كانت تلك الجماهير معنا. لا أعرف إن كنت سألعب المباراة القادمة أو لا ولكنني لا أملك سوى أن أقدم كل ما أملك كي لا أخذل كل هؤلاء.

تلاقت عيناي بأعين ولد صغير يهتف بجوار أبيه على ما يبدو. كل هذا الشغف يحملني المسئولية. لا مجال للخذلان في أروقة هذا النادي.

هذا هو ما يمكن الأهلي من المحافظة على مكانته وفلسفته عبر الأجيال. الجماهير التي تأتي من كل صوب في الوقت الصحيح كي تؤازر الأهلي حتى يستعيد فلسفته سريعا.

بالطبع الأهلي ليس الفريق الوحيد الذي يملك جماهير وإن كانت جماهيره الأكثر عددا. ولكن الفارق الجوهري هنا هو في عقلية تلك الجماهير. فهي لا تختصر النادي في مهارة لاعب ولا تهتف من أجل لاعب بعينه بسبب مهارته. فبينما تؤكد جماهير أندية أخرى أنها تستمتع بمشاهدة فريقها دون النظر للبطولات فجماهير الأهلي تتمسك دوما بإنك إن كنت تملك المهارة فلتسخرها لخدمة الأهلي لا لنفسك وإلا فمكانك ليس في النادي الأهلي.

"من العتبة جينا ومن شبرا

يا أبو الفانلة حرير حمرا

فنان ولعبك رجولية

يا نجم الكورة المصرية"

هذا الهتاف الذي ألفه خصيصا المشجع الأهلاوي الشهير عم حسين عفيفي لمحمود الخطيب ثم هتف به جماهير الأهلي مرة أخرى لأبو تريكة يستطيع أن يلخص الأمر كله. ربما الخطيب وأبو تريكة ليسا الأكثر مهارة من بين لاعبي الاهلي ولكن الجماهير وضعتهم في مستوى أخر من التشجيع لتفانيهم في حب النادي الأهلي.

كلاهما توجها لتدريب الأهلي قبل مباراة الإسماعيلي لكي يؤكدوا على قيمة الأهلي للجميع.

وبالمناسبة. كلاهما كان أول من صافحاه - قبل أي لاعب - هو عم حسين عفيفي.

من العتبة جينا و من شبرا