كتب : محمد الفولي
قلت منذ اليوم الأول أنني أرغب في الذهاب بأتلتيكو لمكانه الذي يستحقه وبطريقة اللعب التي اعتمد عليها طوال تاريخه. هذا الأمر كان يعني بالطبع هيكلة فريق قاتل في المرتدات وذي مخالب حادة في الدفاع؛ تنافسي ويصعب الفوز عليه. كنت أرغب في أن يعثر الجمهورعلى هويته التي تميز فريقه تاريخيا. أن يخرج من الملعب ويقول "هذا هو أتلتيكو مدريد".
من ضمن الأشياء الهامة أن أتلتيكو مدريد طوال تاريخه كان يتملك نجوم في الهجوم. اللاعب الـ"كراك". ترغب الجماهير دائما في استمرار هذا الأمر. الآن لدينا فالكاو. إنه معبود جمهور الـ"روخيبلانكوس" الذي يجد هويته فيما يفعله. الكثير من المدربين يفكرون في أنه يجب الحذر من هذا النوع من اللاعبين خشية وجود تأثير سلبي من قبلهم على مسيرة الفريق. بناء على خبرتي يمكنني القول أن الـ"كراك" هو أقل عناصر الفريق اثارة للمشاكل لأنه يمتلك قدرة السيطرة. النجم نجم في كل شيء: ذكي ويعرف كيف يختار ويقرأ المباريات أسرع من البقية. يحتاج للعب والفوز لكي يواصل كونه الأفضل ويعي حاجة الفريق ويرشد زملاءه. الأمر أشبه بعلاقة منفعة مشتركة.
النجم المفترض والمدرب
يجب أن تفرق بين النجم ومنتحل صفة النجم. هؤلاء أصعب. أعني بكلامي اللاعبين الذين يظنون أنهم أفضل من البقية بل ويعتقدون بأنهم يضيفون للمجموعة أكثر مما يقدمونه على أرض الواقع. يجب على المدرب العمل كثيرا معهم لارشادهم للطريق الصحيح. في هذه النقطة العمل لا يقع فقط على عاتق الجهاز الفني، بل اللاعبين أيضا لأنهم هم من يديرون الطريق الذي يرسمه المدرب. يجب أن يكون الهدف واحد والروح واحدة.
أهم توقيت بالنسبة لأي مدرب يكون في تلك الفترة الزمنية بين الدقيقة العاشرة والدقيقة الـ20 من الشوط الثاني. إنها فترة حاسمة ويجب عليه أن يقود المجموعة إلى حيث يرغب. في بعض المباريات ربما يتغير هذا التوقيت ولكن عامة في هذا الفراغ الزمني يجب أن يوجه لاعبيه إلى الشكل الذي يجب أن تسير عليه المباراة بداية من تلك اللحظة.
بالنسبة لي لا أتأثر اذا ما طالبتني المدرجات بتغيير هذا أو ذاك. ما يرشدني هو حاجة الفريق، لذا أجري التغييرات التي أراها ملائمة في التوقيت المناسب، وبالمثل لا أهتم بأخذ كلام ما يقوله الصحفي كمرجعية. وظيفتي هي تحليل الأمور بنفسي وعدم الاهتمام بما يقوله الآخرون.
نجوم الأتلتي
لا تفاوض حول المجهود. هذه واحدة من أكثر العبارات التي أستخدمها. أتذكر مقولة أخرى سمعتها من صديقي نيلسون فيفاس وانطبعت داخل ذهني. "حتى في القاموس، كلمة المجهود تسبق كلمة النجاح".
حينما وصلت للأتلتي كان نجما الفريق هما دييجو ريباس وأردا توران ولكن رأيت أن مجهودهما أقل مما يجب تقديمه للمجموعة. نفس الأمر كان يحدث مع أحد المهاجمين وهو أدريان.
كلهم كانوا من أفضل اللاعبين الموجودين بالفريق ولكن مجهودهم لم يكن بنسبة 100%. لم يكن يمكنني اللعب بهؤلاء الثلاثة لهذا السبب. كان يجب علي في البداية الاعتناء باحتياجات الفريق. وجود ثلاثة أفراد من أصل 11 لاعبا لا يقتلون أنفسهم في الملعب شيء سلبي للغاية بالنسبة للفريق.
في أول مباراة لي أمام مالاجا (يناير 2012) لم أشرك توران أو أدريان وأدخلت سالفيو وخوانفران. في تقديمي كمدرب للأتلتي كنت أرغب في أن يظهر كل لاعب شخصيته. الجميع وصفني بالمجنون لتركي أدريان وتوران على مقاعد البدلاء. هذه كانت رسالتي: إنها طريقتي في إدارة الفريق ولا يمكنك أن تلعب فقط بسبب اسمك.
تحدثت مع أردا وقلت له أنني أعتبره لاعبا استثنائيا ولكن عليه تحسين بعض الأشياء وقال لي "سأقدم لك قلبي". أرفع له القبعة لأنه التزم بكلمته. قلت لدييجو ريباس أنه لا يمكنه القيام بكل شيء في الملعب. كان يحاول أن يفعل كل الأمور. حاولت اقناعه بأنه سيكون حاسما بصورة أكبر اذا ما ركز في مهمة معينة وليس في العمل الذي يجب على الفريق بأكمله. قلت له بأنه اذا ما أنصت لي سيتحسن هو والفريق أيضا. بداية من هذه اللحظة ولدت المجموعة التي شيدناها. فريق موهوب للغاية ويسعى للقتال والاجتهاد.
دييجو ريباس منحنا هذه القفزة النوعية في الجودة، فحينما تغيب الأنانية يمكنك إنشاء فريق مجتهد وتضامني. الاتحاد يجعل الموهبة تبرز أو هكذا أرى الأمور.
--
هذه كانت الحلقة الثامنة من كتاب "تأثير سيميوني – استراتيجية التحفيز".
الكتاب هو سيرة ذاتية يحكيها سيميوني ويترجمها FilGoal.com للمهتمين برحلة التشولو الملهمة.
اقرأ الحلقات السابقة
تأثير سيميوني – (1) كيف تقنع لاعبا بطيئا بأنه سيحقق لقبا لا ينسى
تأثير سيميوني – (2) ركنية روبن كازان و"حكاية" ما قبل النوم
تأثير سيميوني – (3) درس من لاعب والحظ والحكام والنظام
تأثير سيميوني – (4) الشغف وبداية الرحلة
تأثير سيميوني – (5) برود الألقاب وعشق الأتلتي والمدرب الغبي
تأثير سيميوني – (6) الفرق الكبرى وبيب جوارديولا ودور الإدارة