كتب : محمد الفولي
يجب أن تكون الصورة التي تصل للفريق تنم على العقلانية في كل المواقف التي تواجهها المجموعة. هذا الإتزان هو ما يجعلك تحافظ على مسار الفريق. لا يجب أن تشعر المجموعة أنهم الأفضل حتى ولو فازوا بعشر مباريات متتالية، أو أنهم الأسوأ حينما يقضوا عدة أسابيع دون حصد نقاط.
لن تصدر أي انتقادات من طرفي تجاه اللاعبين اذا ما كان هناك التزام وتضحية من أجل النادي. اذا ما رأيت أن اللاعبين يؤدون ما عليهم سأدافع عنهم حتى النهاية، ولكن يجب أن تعرف كيف تؤنب لاعبيك ومتى.
التأنيب
حينما كنت مدربا لاستوديانتيس، واجهنا نويفا شيكاجو وكنا متقدمين بهدفين وأهدرنا فرصا قد تصل بنتيجة المباراة للفوز بخماسية ولكن الخصم تمكن من تسجيل هدف وفي النهاية اضطررنا لخوض لحظات سيئة في منعطف المباراة الأخيرة لأنهم ضغطوا من أجل التعادل وأضاعوا عدة فرص.
دخلت غرفة الملابس كما لو كنا خسرنا المباراة. رد فعلي لم يكن بسبب النتيجة لأننا فزنا بل بسبب ما فعله الفريق. أغلقت باب الغرفة وطردت كل من لا يجب أن يتواجدوا في تلك اللحظة. أسمعتهم كلاما قاسيا حول ما كنت أشعر فيه بهذه اللحظة. كانت مباراة يجب أن نفوز بها بأريحية ولكن الفريق عقد الأمور بسبب تصرفات لم تعجبني أبدا. أشكو فقط حينما أشاهد لاعب لا يقدم كل ما لديه ويحتفظ بشيء ما لنفسه. قلت لهم كل ما تبادر إلى ذهني في تلك اللحظة. هذا هو أفضل شيء. يجب أن تكون الأمور طبيعية وأن يسمعوا الأمور في وقتها دون مقدمات.
لا يهمني كيف ستصل المعلومات اليهم في تلك اللحظة ما أرغب فيه هو أن يتلقوا شعوري. أن يصل هذا الشعور إلى رأسهم لكي يقدموا في المرة القادمة كل ما لديهم ولا يقعوا في مثل هذه الأخطاء.
هناك حالة مشابهة وقعت حينما كنت أدرب ريفر. كنا نتصدر الدوري ونقدم أداء طيب للغاية في كأس ليبرتادوريس حيث أوقعتنا القرعة في مواجهة سان لورنزو. في مباراة الذهاب على ملعبهم خسرنا بهدفين لواحد وعلى المونومنتال تقدما بهدفين وكانت كل الأمور تبدو جيدة. طرد الحكم اثنين من لاعبي سان لورنزو. تخيل هذا: التقدم بهدفين في مباراة من 11 ضد تسعة وفي النهاية تعادلوا وخرجنا من البطولة. لم يكن يجب أن يهرب هذا اللقاء من بين أيدينا.
لم نتمكن من قراءة ما كنا نحتاجه في هذه اللحظة. وصلت إلى غرفة الملابس ولم أقل شيء. رحلنا في حزن وفي اليوم التالي اجتمعت مع اللاعبين وقلت لهم ما كنت أشعر لأنه في بعض الأحيان من الأفضل أن تنتظر بعض ساعات لتقول ما لديك لأن الفريق كان غارقا في حالة من الحزن. أتى الأمر بثماره لاحقا وفزنا بالدوري.
هيكل الفريق والاستحواذ
توجد ثلاثة مراكز مهمة: الحارس وقلبي الدفاع ولاعبي الوسط. المهاجمون أيضا لهم أهميتهم ولكنها أقل من وجهة نظري. أنا أريد حارس يعمل من أجل ألا يتلقى أهداف وليس من أجل الكاميرات. لا أحب الحراس الذين يتجملون من أجل ايقاف الكرات بطريقة تبرز شخصيتهم دون وجود ضرورة. الطبيعي أنه على المدى الطويل يرتكب هؤلاء الحراس الكثير من الأخطاء لأنهم يضعون نفسهم قبل الفريق. ينسون المجموعة وهذا ليس الطريق الصحيح.
بالنسبة لقلوب الدفاع المرآة التي يجب النظر فيها هو فرانكو باريزي (لاعب ميلان السابق). الجميع الآن يرغبون في صناعة اللعب من الخلف. توجد فرق لا تستطيع القيام بهذا الأمر بصورة نظيفة ويظهرون عيوبهم أكثر من مميزاتهم. باريزي يصنع اللعب من الخلف ولا يتفلسف. حينما يصعب مهاجم اللعب أمامه فإنه يشتت الكرة خارج الملعب. يجب أن تفهم اللعبة. توجد لحظات لا يجب أن تخاطر فيها.
بالنسبة للاعبي الوسط، أفضل مثال هو سرجيو بوسكيتس لاعب برشلونة. إنه ارتكاز عبقري. يلعب المباراة التي يحتاجها الفريق ويجعل الأخير منه لاعبا عظيما دون إثارة هالة من الاعجاب حوله.
لا أفضل الحديث عن مركز المهاجم لأنه في مركز يجعل ما يفعله الأقل خطورة على الفريق، وإن كان لا نقاش حول أن امتلاك فريق ما لهداف من الطراز الأول يجعل فرص تحقيقه الانتصارات أكبر.
أدافع عن من يلعبون كرة القدم وليس من يلعبون بالكرة. إنه أمر مختلف. الأصدقاء هم من يلعبون بالكرة لتمضية وقت ممتع. المشجع يلعب بالكرة ولا يلعب كرة القدم. نحن جميعا كان في حياتنا أناس يلعبون بشكل جميل للغاية.يراوغون ويناورون. يوجد الملايين منهم، ولكن من يستطيعون لعب كرة القدم قلائل.
هذا هو الفارق بين المشجع والمحترف. المشجع العادي يرغب في مشاهدة مراوغة تملأ عينه ولكن المشجع الأكثر ذكاء لا يهتم بلعب فريقه بشكل جميل، بل بتحقيقه للفوز. كلامي هذا لا يعني أنه اذا ما لعبت جيدا فإن مهمة تحقيق الفوز ستكون صعبة. هذا أمر واضح.
في المباريات عامة لا توجد مواجهات تصنيف "أ" و"ب". كل المباريات مهمة. لدي رأي هام أيضا بخصوص السيطرة على المباريات: على سبيل المثال يمكنني السيطرة على المباراة دون الاستحواذ على الكرة. هذا حدث معي أمام روبن كازان. سيطر على المباراة وكنت أنا من استحوذ عليها ولكنه فاز بهدفين.
--
هذه كانت الحلقة السابعة من كتاب "تأثير سيميوني – استراتيجية التحفيز".
الكتاب هو سيرة ذاتية يحكيها سيميوني ويترجمها FilGoal.com للمهتمين برحلة التشولو الملهمة.
اقرأ الحلقات السابقة
تأثير سيميوني – (1) كيف تقنع لاعبا بطيئا بأنه سيحقق لقبا لا ينسى
تأثير سيميوني – (2) ركنية روبن كازان و"حكاية" ما قبل النوم
تأثير سيميوني – (3) درس من لاعب والحظ والحكام والنظام
تأثير سيميوني – (4) الشغف وبداية الرحلة
تأثير سيميوني – (5) برود الألقاب وعشق الأتلتي والمدرب الغبي
تأثير سيميوني – (6) الفرق الكبرى وبيب جوارديولا ودور الإدارة