كتب : إسلام محمود
مورينيو في مهمته الجديدة مع مانشستر يونايتد، والتي كان مقدرا لها أن تكون عاجلا أم أجلا، سيواجه عدة تحديات سواء على مستوى المنافسة وتغيير عقلية الفريق والعودة للألقاب أو على صعيد المواجهات مع مدربين هزمهم وخسر امامهم في حروب كلامية أو على العشب الأخضر.
مورينيو ليس على وفاق مع آرسين فينجر، لم يكن صديقا لبيب جوارديولا، ولم يحترم كلاوديو رانييري، والأخير هو البطل الثاني للقصة التي سنسردها الآن في ثلاثة فصول.
الفصل الأول – بداية قوم عند قوم نهاية
أرينا أوف شالكة المعروفة الآن بفيلتنس أرينا، الملعب الخاص بنادي شالكة في ألمانيا والذي احتضن نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2004.
بورتو يواجه موناكو في نهائي غير متوقع، 3 أهداف من كارلوس ألبيرتو وديكو ودميتري ألينيشيف لاعبو الفريق البرغالي الملقب بالتنانين كانت كافية لمدرب ليس من الصفوة في أوروبا يدعى جوزيه مورينيو ليتوج بالبطولة.
الجميع يحتفل في الملعب ويحتضنه وهو يتقدم في خطوات هادئة بطيئة بنظرات واثقة كأنه كان يعرف النتيجة مسبقا فلم يشعر بالمفاجأة ولم يبتسم.
على الجانب الآخر من القارة العجوز، تشيلسي يسير بخطوات ثابتة مع المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري، المركز السادس مرتين ثم الرابع ثم الثاني خلف فريق أرسنال اللا هزيمة يعني أن الفريق يسير بشكل صحيح.
لا لم يكن ذلك كافيا للمياردير الروسي رومان أبراموفيتش الذي اشترى النادي في 2003 وبدأ في ضخ الأموال لجعل فريقه بطلا.
المنافسة فقط لم تكن كافية والطموح اختلف، رانييري لم يكن على قدر طموح أبراموفيتش وحان موعد الرحيل، والبديل؟ بطل أوروبا جوزيه مورينيو.
"أملك لاعبين مميزين، ولدينا مدرب مميز، أرجوكم لا تنعتوني بالمغرور لأنني لا أقول سوى الحقيقة، أنا بطل أوروبا، لست شخصا اعتياديا، أنا رجل استثنائي" كان هذا ما قاله مورينيو وقت تقديمه مدربا لتشيلسي.
"المنزل لم ينتهي بعد، فقط الأساسات والأرضية، لقد بدأت هذه المهمة وكنت أرغب في إنهائها" هذا ما قاله رانييري لرئيسه أبراموفيتش قبل أن يرحل مرغوما مقالا قبل نهاية مدة عقده بـ3 سنوات مفسحا المجال للاستثنائي لتحقيق لقب الدوري لعامين متتاليين والسيطرة محليا على الدوري الإنجليزي.
الفصل الثاني – الفاشل يحقق المعجزة وكارثة استثنائية تطيح بالبطل
أثناء فترة مورينيو التدريبية في إيطاليا مع إنتر ميلان كان رانييري مدربا ليوفنتوس وروما.
وتعليقا على ما قاله رانييري بأنه ليس مورينيو ولا يحتاج للفوز ليشعر بالثقة في نفسه قال الاستثنائي: "نعم أنا شخص متطلب وأحب أن أفوز لأكون واثقا بنفسي، ولهذا ستجد أنني قد فزت بالعديد من البطولات".
وأكمل "على الجانب الآخر رانييري لا يبدو أنه يحتاج للفوز، كم يبلغ من العمر؟ 70 عاما؟ لم يفز فيهم سوى بكأس سوبر وبطولة أخرى صغيرة وأصبح عجوزا للغاية ليغير طريقة تفكيره".
وأضاف "لقد كنت أتعلم اللغة الإيطالية خمس ساعات يوميا لعدة أشهر لأستطيع التعامل بشكل جيد مع اللاعبين بينما رانييري أمضى 5 سنوات في إنجلترا ومازال يعاني ليقول صباح الخير ومساء الخير!"
عودة لإنجلترا، تشيلسي بطل الدوري الإنجليزي لعام 2015 في ولاية مورينيو الثانية، الأمور تبدو على ما يرام، الزُرق يملكون نجما عالميا كإدين أزار تلهث خلفه كبرى أندية العالم وهناك على الجانب الآخر من البلدة ليستر سيتي الذي نجا من الهبوط بأعجوبة وقرر الاستعانة بخدمات الإيطالي العجوز –الفاشل- كلاوديو رانييري، خبر ليس هاما للبطل مورينيو.
إذا كنت تشيلسي ما أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ إصابات؟ فقدان الصدارة؟ الدخول في صراع الهبوط؟ الإجابة الثالثة هي الأصح.
تشيلسي بدأ الموسم بشكل كارثي فخسر الدرع الخيرية أمام أرسنال، هزيمة مورينيو الأولى أمام فينجر، بدأ الدوري بمستوى سييء، هزيمة تلو الأخرى ليحقق الفريق 11 نقطة من أول 12 مباراة.
تشيلسي في المركز السادس عشر ويفصله مركزين ونقطة واحدة عن الهبوط بعدما كان بطلا للدوري قبل 7 أشهر.
الاستثنائي يتعرض لانتقادات كبيرة ويوصف بالفشل لأول مرة في مسيرته، التصريحات تزداد حدة من "لا يمكننا إنهاء الموسم بدون هزيمة" لـ"هناك حملة مدبرة لإسقاط تشيلسي" مرورا بـ"ليس لدي ما أقوله، أنا آسف ليس لدي ما أقوله".
التاريخ الآن 14 ديسمبر 2015، تشيلسي يواجه ليستر سيتي، الفريق الذي يقدم مستويات كبيرة في الدوري وينافس على صدارة الدوري فيما يهوي منافسه البطل الجريح نحو القاع.
كتيبة رانييري انتصرت بهدفين للثنائي رياض محرز وجايمي فاردي ليصعد للمركز الأول برصيد 35 نقطة، المدرب الإيطالي يثني على لاعبيه وتركيزهم في اللقاء ويصفهم بالحالمين، يبدي سعادته بالانتصار على البطل، ويرفض الحديث عن الفوز بالدوري إذ أن الهدف هو ضمان البقاء وتحقيق 40 نقطة فقط.
الوضع مختلف بالنسبة لمورينيو، البرتغالي أصبح مهددا بالإقالة وصرح بعد اللقاء
وقال: "أمضيت ثلاثة أعوام مع تشيلسي سابقا وثلاثة أعوام الآن، أنتم تعرفونني جيدا أنا لا أخاف التحديات، أود البقاء وأتمنى لو أن أبراموفيتش يريد بقائي".
وأكمل "أشعر أيضا بالخيانة من قبل لاعبي فريقي، لقد ظللنا نتدرب على خطة لقاء ليستر لمدة 4 أيام ولم ينفذ أي جزء منها على أرض الملعب"
كيف تغير الوضع ليتحدث رانييري بثقة البطل ومورينيو بحسرة المهزوم؟ لا أحد يعرف، لكن الأكيد أن الهزيمة أمام ليستر كانت المسمار الأخير في نعش الاستثنائي مع تشيلسي.
3 أيام فقط بعد الخسارة كانت كافية ليعلن أبراموفيتش استغناؤه عن خدمات مورينيو والاستعانة بالصديق الهولندي جوس هيدينك بدلا منه.
الانتقام كان قاسيا من رانييري الذي لم يكتف بإطلاق الرصاصة الأخيرة على مسيرة مورينيو مع تشيلسي، لكنه أكمل ما بدأه ليتوج بالدوري ويعود لستامفورد بريدج، الملعب الذي طرده ذات مرة، بطلا متوجا في ممر شرفي.
الفصل الثالث – انتقام أم احترام؟
"لقد فاز بجائزة مدرب الشهر، لكنه يجب أن يفوز بها مدرب أول ستة أشهر فهو مدرب النصف الأول من الموسم" مورينيو يتخلى عن كبريائه ويمدح رانييري للمرة الأولى –وربما الأخيرة- بعد تصدر ليستر للدوري الإنجليزي في مفاجأة للكل وقتها.
الطاولة انقلبت، الاستثنائي بلا عمل منذ ديسمبر ورانييري الملقب بـ"تينكرمان" –أي العامل غير البارع- يهزم الكل ويتصدر الدوري ويحققه لينحني له الجميع احتراما.
ننتقل لمدينة مانشستر، فريقها الأحمر يمر بموسم متقلب، وصل لنهائي كأس الاتحاد الإنجليزي لكنه أضاع فرصة ذهبية لتحقيق مركز مؤهل لدوري أبطال أوروبا بعد خسارة قاسية أمام وست هام، منصب المدرب الهولندي لويس فان جال على المحك حتى في حالة فوزه بالبطولة، والبديل؟ قد يكون أو لا يكون جوزيه مورينيو.
في تسارع مثير للأحداث يونايتد يحقق اللقب بالسيناريو الدرامي الذي يفضله، بعد يومين يتعرض فان جال للإقالة، وبعد 4 أيام مورينيو يصبح المدير الفني الجديد للفريق رسميا.
الآن وقد حقق الاستثنائي حلمه وخلف السير أليكس فيرجسون، متأخرا 3 سنوات ولكن خيرا من ألا يخلفه أبدا، ستقابله تحديات عديدة، العودة للبطولات، إثبات خطأ الجميع بعدم اختياره خليفة للسير منذ سنوات، الاعتماد على الناشئين والمحافظة على تراث الشياطين الحمر، لكن التحدي الأبرز سيكون كلاوديو رانييري.
يقولون أن الانطباعات الأولى تدوم، مورينيو سيبدأ مسيرته رسميا مع مانشستر يونايتد بطل كأس الاتحاد بلقاء الدرع الخيرية أمام بطل الدوري، ليستر سيتي، بقيادة العجوز كلاوديو رانييري، الذي توج أخيرا ببطولة كبرى وتخلى عن لقب الرجل الثاني الذي لازمه طوال مسيرته لكثرة احتلاله للوصافة وفشله في الفوز بالألقاب.
"انتظروا حيوانا جريحا يرغب في الرد على كل من انتقدوه" هكذا تحدث ريو فرديناند لاعب مانشستر يونايتد السابق عن تعيين مورينيو مدربا ليونايتد.
في الوقت ذاته سيرغب رانييري في مواصلة نتائجه الجيدة أمام من وصفه بالفاشل بعدما فاز أمامه مرتين وهُزم في مباراتين وتعادلا سويا في مواجهتين.
التحدي الأكبر بين الاستثنائي وصانع معجزة ليستر.. من سيخرج منتصرا في الفصل الثالث من روايتهما؟