#نهائي_الأبطال .. سياسة و كورة (3) – في أية جهة سيجلس ديكتاتور إسبانيا في سان سيرو ؟

هل كان الجينرال فرانكو حاكم اسبانيا الأسبق يتدخل في كرة القدم ؟ ماهي أبرز الأحداث التي شهدت تدخلاً منه ؟ هل كان له دور في حصول عملاق أوروبا ريال مدريد على دوري الأبطال في خمس مواسم متتالية ؟ أم كان مشجعاً عادياً للميرينجي ؟ ما هي طبيعة علاقته بقطب العاصمة الثاني أتليتكو مدريد ؟ وهل ما يثار حول تدخله لصعود الأتليتي للدرجة الأولى دون وجه حق صحيح ؟<br>

كتب : حسين لطفي

السبت، 28 مايو 2016 - 14:52
هل كان الجينرال فرانكو حاكم اسبانيا الأسبق يتدخل في كرة القدم ؟ ماهي أبرز الأحداث التي شهدت تدخلاً منه ؟ هل كان له دور في حصول عملاق أوروبا ريال مدريد على دوري الأبطال في خمس مواسم متتالية ؟ أم كان مشجعاً عادياً للميرينجي ؟ ما هي طبيعة علاقته بقطب العاصمة الثاني أتليتكو مدريد ؟ وهل ما يثار حول تدخله لصعود الأتليتي للدرجة الأولى دون وجه حق صحيح ؟

أسئلة كثيرة وشائعات أكثر ستُجيبك عليها الحلقة الثالثة من سياسة كورة.

"سياسة وكورة" سلسلة جديدة يقدمها FilGoal.com عن أبرز الأحداث والمناسبات الكروية التي شهدت تدخلات سياسية ، وستسلط الحلقة الثالثة من السلسلة الضوء على طبيعة علاقة الديكتاتور فرانكو بكبار العاصمة الاسبانية ريال و أتليتكو مدريد بمناسبة نهائي دوري أبطال أوروبا.

سياسة وكورة - ما بين كرة القدم وصليب هتلر المعقوف

سياسة و كورة (2) – رحلة إلى إقليم الباسك

في البداية من هو فرانكو ؟

فرانكو هو قائد عسكري تولى مقاليد الحكم في إسبانيا في أكتوبر من عام 1936 بعد انقلاب عسكري على الجبهة الشعبية التي كانت تحكم البلاد حينها.

الرواية الأكثر شيوعاً

جميع الروايات التاريخية أقرّت بتدخل فرانكو في الرياضة الاسبانية سواء بسبب عشقه لأحد قطبي العاصمة ، أو لأسباب ومصالح سياسية أخرى لا يعلمها أحد سواه والمقربون له من حاشيته ، وسوف نستعرض في السطور التالية القصة الأكثر انتشاراً عن فرانكو و الريال و الأتليتي.

بداية القصة تعود إلى تأسيس نادي أتليتكو مدريد عام 1903 على يد مجموعة من الطلاب الباسكيين الذين يدرسون في مدريد ، وكان هدفهم هو إنشاء فرع آخر لناديهم أتليتك بلباو- الذي تأسس عام 1898- في العاصمة ، وأطلقوا عليه "أتليتك مدريد".

وبالفعل بدأ النادي في المشاركة في البطولات الرياضية وازدادت قاعدته الجماهيرية بعد انضمام قاطني المدينة الذين لا يميلون إلى ريال مدريد.

ومع هذا التطور ، أراد مشجعو الأتليتي انهاء تبعية ناديهم للفريق الباسكي ، ونالوا مرادهم عام 1921 حينما أعلنت إدارة الروخي بلانكوس استقلال النادي عن أتليتك بلباو بسبب انتمائه للتيار الانفصالي.

نقطة التحول جاءت عندما تولى فرانكو مقاليد الحكم في اسبانيا ، ونتيجةً لأنه كان عضواً مؤسساً في أتليتكو مدريد ، انضم للنادي بعد ذلك أعضاء القوات الجوية الاسبانية وأصبح اسمه Athletic Aviacion de Madrid ، وتمتع بعد ذلك بدعم السلطة في اسبانيا كونه فريق جيشها ثم أصدر فرانكو قراراً بتغيير اسمه إلى أتليتكو مدريد بدلاً من أتليتك بسبب رغبته في إلغاء أي كلمات تنتمي للغة الباسكية - وهو القرار الذي طُبّق على أتليتك بلباو أيضاً- وتم تصعيد الفريق إلى الدرجة الأولى مجاملةً و محاباة.

*المعلق عصام الشوالي يقر بتشجيع فرانكو لأتليتكو مدريد خلال تعليقه على ديربي مدريد في إياب موسم 2010-2011 ضمن مباريات الجولة 29 على ملعب فيسينتي كالديرون.

وخلال إحدى مباريات ديربي العاصمة بين الريال و أتليتكو أثناء حقبة الخمسيات ، كان فرانكو ضمن الحضور ، واحتسب حكم اللقاء ركلة حرة لنجم ريال مدريد بوشكاش ، فنفذها بكل براعة وأسكنها شباك خصمه ، لكن الحكم قرر إعادتها ، لينبري لها النجم المجري مرة أخرى ويسجلها بسهولة ، وهو ما لفت انتباه فرانكو الذي نظر إلى أحد مساعديه وقال له :"ريال مدريد يمكن أن يجذب أنظار العالم كله إلينا ، وهو ما سيساعدنا على إنهاء العزلة الدولية السياسية المفروضة على اسبانيا بعد الحرب".

ومنذ ذلك الحين تغيّرت دفة دعم سلطة اسبانيا من أتليتكو مدريد إلى جاره الريال ، الذي مثّل لفرانكو أداة للقوة والسيطرة على القارة العجوز خاصةً مع توهج الميرينجي وتحقيقه لدوري أبطال أوروبا في خمس مواسم متتالية من 1955 إلى 1960.

ويمكننا أن ننهي الحديث في هذا الصدد بمقولة فرانكو في بداية الستينات :"دعونا ننسى أتليتكو في الوقت الحالي ، ريال مدريد هو أفضل سفارة حظينا عليها في أوروبا".

ماذا قالت لغة الأرقام ؟

تولى فرانكو الحكم في اسبانيا في أكتوبر عام 1936، وتوقفت بطولتا الدوري و الكأس بسبب الحرب الأهلية التي نشبت آنذاك وتم استئنافهما بعد انتهاء الحرب عام 1939 ، وفارق فرانكو الحياة عام 1975 ، أي أن البلاد كانت تحت حكمه فعلياً في الفترة ما بين 1939-1975.

إذاً ماذا حقق الجاران اللدودان خلال فترة حكمه ؟

أول نادي فاز ببطولة الدوري في عهد فرانكو كان أتليتكو مدريد ، وحققها لموسمين متتالين 1940 ، 1941 وتوقفت انتصاراته حتى بداية الخمسينات ليحرز الليجا في موسمين متتاليين أيضاً 1950 ، 1951 ، ثم اختتم عهد فرانكو بثلاثة ألقاب أخرى في مواسم 1966 ، 1970 و 1973. (المجموع = 7 ليجا)

أما عن كأس الملك فقد توّج الهنود بأربع بطولات إبان حكم الديكتاتور في مواسم : 1960 ، 1961 ، 1965و 1972 ، وعلى المستويين الأوروبي والعالمي أحرز الأتلتي كأس الانتركونتنينتال (كأس العالم للأندية سابقاً) مرة واحدة عام 1974، وكأس أوروبا لأبطال الكؤوس عام 1962. ( عدد الألقاب الإجمالي : 13 لقب)

ومن فريق فيسينتي كالديرون إلى فريق سنتياجو برنابيو ، تأخر الريال 14 عاماً حتى ظفر بأول دوري له وفرانكو على سدة الحكم في موسم (1953-1954) وأتبعها بلقب آخر موسم (1954-1955) ثم بطولتي (1956-1957) و (1957-1958) ، ومع بداية الستينات أحرز الميرنجي خمس بطولات متتالية من موسم (1960-1961) وحتى موسم(1964-1965) ، وثلاثة ألقاب أخرى من موسم (1966-1967) وحتى موسم(1968-1969) ، قبل أن ينهي مدة فرانكو ببطولتي (1971-1972) و (1974-1975). (المجموع = 14 ليجا)

*ديربي مدريد في موسم 1962-1963 الذي فاز بلقبه ريال مدريد

وتوّج اللوس بلانكوس بستة ألقاب للكأس مواسم : (1945-1946) ، (1946-1947) ، (1961-1962) ، (1969-1970) ، (1973-1974) و (1974-1975).

وكما أشرنا من قبل فقد حقق الريال خمس القاب متتالية لدوري أبطال أوروبا من موسم (1955-1956) حتى موسم (1959-1960) وأضاف إليهم لقب وحيد موسم (1965-1966).

ولم يتبقَ في سجل بطولات ريال مدريد أثناء ولاية فرانكو سوى لقبين أحدهم هو كأس سوبر اسبانيا بنسخته القديمة عام 1947 ، وكأس الانتركونتنينال عام 1960 ، أي أن إجمالي ألقابه هو : 28 لقب.

المواقع الرياضية العالمية

موقع FourFourTwo تحدّث عن علاقة فرانكو المزدوجة بناديي مدينة مدريد في تقرير نُشر بتاريخ 7 يناير 2015 تحت عنوان :"لماذا كل شيء تعرفه عن ديربي مدريد قد يكون خاطئاً؟" ، وكل ما يلي جاء على لسان التقرير.

"قد يعتقد البعض أن لقب الملكي قد تم منحه لريال مدريد بسبب فرانكو ، لكن هذا الاعتقاد خاطئ ، فقد ارتبط هذا اللقب بالميرينجي بعد أن منحه الملك ألفونسو الثالث عشر الرعاية الملكية السامية عام 1920، أي بعد 18 عاماً على تأسيسه".

"دوافع فرانكو الخفية كانت السبب الرئيسي وراء ربط اسمه بالريال ، يصعُب تحديد متى غيّر فرانكو ولاءه من الأتليتي إلى ريال مدريد بدقة ، لكن تأييده كان واضحاً للفريق الملكي خاصةً في فترة الخمسينات".

"ومع قيادة دي ستيفانو فريقه لتحقيق أول خمس بطولات أوروبية ، وجد فرانكو – الذي كان حريصاً على انتزاع الأضواء- فرصة في هذا الفريق لتعزيز خططه السياسية الخاصة".

"ريال مدريد مثّل لفرانكو عظمة اسبانيا ، وأداة لجعل بلاده مركزاً حيوياً في العالم ، فكيف يمكن لأي شخص أن يحقر من نظامه واللوس بلانكوس يبهر أوروبا بكرته المميزة ؟"

"الفريق كان مجرد أداة أخرى يستخدمها فرانكو لتعظيم ذاته ، بينما لم يكن هو أكثر من مشجع عادي لكرة القدم".

الصحافة الإسبانية

FilGoal.com تواصل مع خافيير دي باز الصحفي الرياضي الإسباني في جريدة AS الإسبانية لاستيضاح بعض الحقائق حيال هذا الأمر.

دي باز وجه حديثه لـFilgoal قائلاً :"مشجعو أتليتكو مدريد أطلقوا على فريقهم نادي الطيران ، لاستغلال ذلك في الربط بينه وبين أعضاء القوات الجوية الاسبانية والحصول على دعم السلطة".

وتابع :"هذا الأمر ساعدهم كثيراً في الصعود للدرجة الأولى بعد الحرب الأهلية دون أحقية".

وأضاف :"فرانكو كان مشجعاً لريال مدريد ، الفريق في عهده حصل على 14 ليجا ، منهم 8 من برشلونة و 5 من أتليتكو مدريد"

واختتم :"إنها في النهاية مجرد تكهنات ، لا توجد أقوال أو ارقام موثوقة و مسلّم بها".

أما زميله في نفس الجريدة خوسيه لويس جاريرو فقد قال لـFilGoal.com :"من الصعب جداً معرفة أي معلومات عن فرانكو خلال ذلك العصر لأنه كان العصر الأكثر ديكتاتورية في تاريخ اسبانيا".

وأتم :" المعلومات حول علاقته الرياضية بالريال واتليتيكو غير مؤكدة ، لكنه بالطبع لعب دوراً كبيراً في فوز المنتخب الاسباني بيورو 1964".

والآن ، تخيّل أنك جالس في منتصف الملعب الذي سيحتضن المباراة الأخيرة من أمتع مسابقات كرة القدم .. نهائي دوري أبطال أوروبا لموسم 2015-2016 بين زعيم القارة العجوز و كتيبة سيميوني ، على يمينك زيّن مشجعو ريال مدريد مدرجاتهم بالأعلام البيضاء ، أما إذا نظرت لليسار فستجد لوحة فنية امتزج فيها الأحمر بالأزرق من عشاق الأتليتي، عندئذ سيتبادر سؤال لا يعلم أحد إجابته إلى ذهنك : " لو كان حيّاً .. في أية جهة سيجلس فرانكو في السان سيرو ؟".