حكايات الكورة – عندما لعب نهائي أوروبي بـ4000 مشجع فقط لأسباب سياسية

الأربعاء، 11 مايو 2016 - 12:40

كتب : عادل سعد

في ظل احتدام الحرب الباردة في أوائل الثمانينات بين الكتلة الشرقية تحت قيادة اﻻتحاد السوفيتي والكتلة الغربية تحت قيادة الوﻻيات المتحدة، وبالتحديد بعد دورة الألعاب الأوليمبية في موسكو عام 1980 التي قاطعتها أمريكا.. تتفاجئ أوروبا كلها بناديين من الكتلة الشرقية بلا أي إنجازات أوروبية يصلان معا إلى نهائي كأس أوروبا أبطال الكؤوس فى 1981.. والمباراة ستلعب في ألمانيا الغربية وبالتحديد في مدينة دوسلدورف.

ذلك حدث من قبل على يد نادي ماجدبرج الألماني الشرقي والذي ظفر ببطولة كأس أوروبا أبطال الكؤوس على حساب كبير إيطاليا ميلان فى عام 1974 بالفوز 2-0 ولكن نادي ماجدبرج - إلى حد ما - ورغم المفاجأة المدوية كان نادي كبير في ألمانيا الشرقية، حيث كان أغلب ﻻعبيه يمثلون قوام منتخب ألمانيا الشرقية الذي حقق المفاجأة فى نفس العام عندما فاز على ألمانيا الغربية فى كأس العالم بهدف لاعب ماجدبرج يورجن سبارفيشر.

أما نادي كارل زايس يينا، أول المتأهلين للنهائي الأوروبي، كان ناديا مغمورا جدا في ألمانيا الشرقية، لم يتحصل إﻻ على 4 بطوﻻت كأس أخرها في 1980، والتي أهلته لبطولة أوروبا.

الطرف الأخر كان نادي دينامو تبليسي ممثلا لدولة جورجيا التي على مدار تاريخها منذ أيام القيصرية الروسية مرورا باﻻتحاد السوفيتي إلى أن نالت اﻻستقلال بعد 1990 لم يلد لها مشهورا إﻻ جوزيف ستالين وكاكا كاﻻدزى ﻻعب ميلان، وحاليا يشغل منصب وزير الطاقة النووية وعضو بالبرلمان هناك.

ولكن جاء الدور على النادى الجورجي لكى يزاحم المشاهير ، ففي هذا الوقت كانت أندية اﻻتحاد السوفيتي المعروفة هم سسكا موسكو وديناموموسكو ودينامو كييف وتوربيدو موسكو ولوكوموتيف موسكو، ولكن النادي الجورجي تخطى الجميع وقهر الظروف ووصل للنهائي.

نعود للمباراة الغريبة التي جمعت بين الفريقين فى نهائي كأس أوروبا أبطال الكؤوس، ولأن المباراة تلعب فى دولة ممثلة للكتلة الغربية وهي ألمانيا الغربية، الستار الشيوعي الحديدي رفض سفر جمهوره من الناديين نظرا للحرب الباردة الدائرة، فحضر المباراة جمهور ﻻ يتخطى 4000 متفرج.

نهائي أوروبي يلعب وكأنه مباراة ودية!

بدأت المباراة والكل متحفز، ويمر الشوط اﻻول سريعا بلا أهداف، باردا مثل الحرب الباردة التي تدور رحاها في هذا التوقيت، وتبدأ الإثارة فى الشوط الثاني.

في الشوط الثاني يستفيق الفريقان ويبدأ كلاهما على أمل إنهاء المباراة، فالفرصة مواتية ولن تتكرر لكلا منهما مرة أخرى. الفريقان تخطيا فرق من كبار أوروبا ، دينامو تبليسي تخطى فينورد الهولندي بطل أوروبا 1970 بمجموع مباراتين 3-2، كارل زايس يينا تخطى الكبير الأخر بنفيكا بطل أوروبا 1961 و1962 بنتيجة 2-1.

وفى الدقيقة 63 بكرة مخترقة من الجهة اليمنى لنادي دينامو تبليسي يفشل دفاع أبناء جورجيا فى تشتيتها بعد عرضية فتصل للاعب الألماني جيرارد هوبي ﻻعب الوسط ويطلق صاروخ بيمينه من داخل منطقة الجزاء يسكن على يمين الحارس السوفيتي أوتار جابيلا.

لم تستمر احتفاﻻت الألمان الشرقيين طويلا، فبعد 4 دقائق جاء الرد سريعا، فبعد تناقل كرات سريعة فى منتصف الملعب تتهيأ الكرة أمام مهاجم دينامو تبليسي الدولي فلاديمير جاستاف ليودع الكرة بمهارة على يسار حارس كارل زايتس هانز أولريش معلنا عن عودة دينامو.

ويمضى الوقت وتقرب المباراة من التعادل، ولكن هنا يظهر بطل الحكاية أحد أباطرة الروس ابن الـ24 عام الذى توفى بعد عام من المباراة إثر حادث سيارة بعد أن شارك فى كأس العالم 1982 بالوان قميص اﻻتحاد السوفيتي.

قبل النهاية بـ4 دقائق يظهر فيتالي دراسيليا من الجهة اليمنى لمرمى الألمان الشرقيين ويراوغ كل من يقابله على طريقة أعظم ﻻعب سوفيتي على مر التاريخ أندريا ستريلتسوف ﻻعب توربيدو موسكو، وبعد فاصل من المهارات يودع الكرة فى مرمى الحارس اﻻلمانى هانس أولريش معلنا عن انتصار سيظل الأعظم في تاريخ النادي.

وحتى وقتنا هذا، يتباهى أنصار دينامو أنهم في يوم من اأيام كانوا أبطالا لأوروبا، ومازال النادي يصارع للعودة للأمجاد.

أما نادى كارل زايس يينا فيبدو أن عدم التتويج الأوروبي ذهب به إلى غياهب الظلمات، فهو حاليا يلعب في الدرجة الرابعة الألمانية وبعد عام 1981 لم يفز بأى بطولة لا في ألمانيا الشرقية وﻻ بعد وحدة الألمانيتين.

--

هذا المحتوى بالتعاون مع صفحة حكايات الكورة على فيسبوك

التعليقات