كتب : محمد الشناوي
ولكن ماذا عن الرجل الذي سيكون على الدكة الأخرى، توماس توخيل، قائد نهضة أسود فيستفاليا في الموسم الحالي؟ كيف حقق توخيل ذلك؟
سنة بدون عمل، فترة تعلُّم وقراءة صحيحة لأصول التدريب، قبول مُهمة صعبة لفريق أوشك على الانهيار، العمل الجاد في صمت، تطوير الجانب الفني عِند اللاعبين قبل إحكام الخطط، اللعب النظيف بدون عُنف بتوصياتُه، تخفيف الحِمل البدني عند بعض اللاعبين، التعلُّم السريع من الأخطاء.
137 هدف في وصافة سِجِل التهديف عالميا، وصافة الكاسِحة الباڤارية بفارق ٥ نقاط فقط، ١٧ فريق من أصل ١٧ أختُرِقت شباكة من الغواصات الصفراء، فوز في كُل المُباريات الإقصائية في الدوري الأوروبي على العملاقين بورتو وتوتنام.
نبذة مُختصرة عن بعض أرقام أسود الفيستفاليا مع الشاب الألماني توماس توخيل، ثورة حقيقية وظاهرة تستحق الدراسة والتحليل، تحوّل كامل من فريق يلفُظ أنفاسُه الأخيرة إلى وحش أصفر لا يستطيع الصِيام عن التهديف، جُثة هامدة دبَّت فيها الروح بلمسات ساحرة أضفاها ذاك الألماني الشاب، مُقاتلة على جميع الجهات حتى الرَمَق الأخير، لا يُرِيد تسليم البوندزليجا بسهولة للمارد البافاري ولا يقبْل بترك كأس ألمانيا لمُنافس آخر، أما الدوري الأوروبي فقد كشّر فيه عن أنيابُه وترك رسالة صريحة لِكُل الفرق.
ويستمر المُحارب حتى الآن ناجحا في الثلاث معارك التي يخوضها من بِداية الموسم.
صاحب الـ٤٣ ربيعا الذي خاض تجرُبة واحدة فقط كمدرب أول قبل استلام مُهمة دورتموند. كان قد درَّب نادي ماينتس من عام ٢٠٠٩ حتى ٢٠١٤.
بوادر توخيل كمُدرب قادم بقوة ظهرت أثناء قيادتُه لماينتس، لاحظ الكُل تطور هائل في أداء فريق بلا إمكانيات كبيرة ومن ورائهم ذلك الرزّين قليل الكلام، من فريق يُنافس على الهبوط لفريق يمُثل ألمانيا في المحافِل الأوروبية، إنجاز لم يسبقهُ فيه سوى يورجن كلوب نفسه
كلمة السِّر لم تخف أبدا على الجميع، فالإجابة كانت بِبساطة توخيل كما كانت من قبل كلوب.
فنيّا يضرب توخيل مِثالا رائعا للنجاح بدون "بهرجة إعلامية"، أطلق علينا أسدا إفريقيا - أوباميانج- حوّله من قِط أليف على المرمى لمُنافس شرس لأعتى مُهاجمي العالم، أما الأرميني ميختاريان فأصبح متوهِّج بمعنى الكلمة، من موسم في طيّ النسيان مع يورجن كلوب، لواحد من أفضل صانعي الألعاب في العالم مع توخيل، أداؤه قبل أرقامُه تُفسر لنا ماذا أضاف توخيل للفريق، ماركو رويس أصبح ذلك المايسترو الذي يستطيع تحويل مسار المُباراة بلمسات على غِرار كِبار نجوم العالم، فعلى الرغم من الإصابات المُتتابعة فقد سجل ١٠ أهداف في الدوري و٤ في الدوري الأوروبي.
أما شينجي كاجاوا فحاله يُشبِه السمك الذي عاد للماء، عاد كاجاوا ٢٠١٢ ليُطرب من جديد وإن كان الزمن قد نال منه، إلكاي جوندوجان بعدما خرج من الحسابات من موسم واحد فقط، ها هو الآن صاحب أداء جبّار، ضابِط إيقاع حقيقي عاد لمكانتُه بعد موسم صعب أشعرنا أنَّهُ قد نسي كُرة القدم.
أما جائزة الاكتشاف الأعظم هذا الموسم فذهبت أيضا لتوخيل عن اكتشافه للأكثر من رائع جوليان فايجل، رُمّانة الميزان وواحد من أفضل لاعبي الإرتكاز عالميا هذا الموسم، ترك الصراع على اكتشافه الأول يوهان جايس لشالكه وفاز هو بفايجل.
لاعب غيّر مسار وسط الملعب الأصفر، قاطع كُرات رائع وعلى غير العادة ليس عنيفا ولا يرتكب الأخطاء، ناقل كُرات جيد وسريع، مجهود بدني وافر مكّنه من خوض أكثر من ٤٠ مُباراة هذا الموسم فقط حتى الآن.
لم تتوقف مُميزات توخيل عند تطوير الشِق الهجومي للمُهاجمين ولاعبي الوسط فقط، ماتياس جينتر ذلك الشاب المُدافع قد تحول لظهير أيمن مع توخيل، في ٢٣ مُباراة فقط سجل ٣ أهداف وصنع ٧، الكثير من الأرقام الهجومية التي ترعرعت مع توخيل في زمن قياسي، ولكن تبقى الدابة السوداء لتوخيل في الأخطاء الفردية لدى المُدافعين، الظاهرة اللي تشهد تحسُّن بطيء تُسبب نُقطة ضعف كُبرى لدى توخيل، أهداف عديدة تلقتها شباك الأُسُود هذا الموسم بسبب أخطاء المُدافعين والحُرّاس، مُستوى مُتدني نوعا ما دفاعيا لماتس هوميلز ونيفن سوبوتيتش، أخطاء قاتلة قام بها الحارس السويسري رومان بوركي في بدايات الموسم.
يعتمد توخيل في أسلوب لعبه على الضغط العالي وتضييق المساحات على الخصوم، طريقة فعّالة جدا يُنفذها بحِرفية كبيرة، نقل الهجمة السريع والبُعد عن الكُرات الطويلة سبب أساسي في الأداء الهجومي القوي للفريق، مُعدل التهديف يُثبت دقة توخيل في اتباع أساليبه، أصبح للفريق شخصية البطل الحقيقي مع توخيل.
ففي ٨ مُناسبات استطاع الفريق الخروج بدون هزيمة بعد أن كان مُتقدما، منهم ٦ تحولوا لفوز، رقم ضخم يدُل على امتلاك الفريق لروح كانت مفقودة في موسم كلوب الأخير.