في البداية، من الصعب جدا بل المستحيل كتابة تحليل فني كامل ووافي، عن مدير فني جديد بعد مرور 3-4 مباريات، ومن السهل توقع أن يول يلعب بالخطة الأخيرة لكل من سبقوه دون تغيير، حتى نفس الأسماء الأساسية تقريبا، لاعب أمام لاعب، وحتى جزء واضح من تغييراته معروف للجميع.
ظهر هذا بوضوح بعد إصابة حسام عاشور، فالرجل استعان بأهل الخبرة لا الكفاءة، ووضع أحمد فتحي سريعا في خانة الارتكاز بجوار غالي، مع اللعب بهاني كظهير على الجانب الأيمن، هذه الحركة بالأخص أكدت تماما أن المدرب القدير لم يحدد بعد كافة معالم الفريق -وهذا أمر طبيعي ومقبول-، وبالتالي تحليل أداء الفريق تحت قيادة الهولندي أمر سابق لآوانه، لكن هناك بعض الملاحظات الواجب ذكرها من خلال مباراة الفريق أمام بطل أنجولا.
المؤ.. ظالم أم مظلوم؟
قبل المباراة بدقائق، أصبح مؤمن زكريا "تريند" على تويتر، بسبب اعتراض الجمهور على مشاركته باستمرار كأساسي في التشكيلة، مؤمن زكريا لاعب يشارك في التشكيلة الأساسية مع زيزو ثم مارتين يول، وكما قلنا مسبقا، يستخدم المدرب الأجنبي نفس أدوات سابقه حتى إشعار آخر، لذلك يبدأ دائما بالمؤ مع رمضان صبحي وبينهما عبد الله السعيد خلف إيفونا، رسم خططي أقرب إلى 4-2-3-1 دون تغيير.
مؤمن زكريا سيء أمام المرمى مؤخرا، يضيع أهداف بالجملة، يمرر بشكل سلبي بعض الشيء، ضعيف الحيلة في المناطق الضيقة، ومن حسن حظه أن المباريات تقام بدون جمهور، وإلا كان نصيبه كبير من صافرات الاستهجان، هذا الكلام لا غبار عليه، ويتفق عليه كل أنصار الأهلي، صغيرهم قبل كبيرهم.
ولكن!
العمل التكتيكي لمؤمن مهم في تشكيلة أي مدرب، جانب الـ Work Rate أو كل ما يتعلق بما يقوم به اللاعب من إحصاءات وأرقام خلال المباراة، زكريا لاعب هجومي، يركز في الأساس على الهدف والأسيست، لكن هناك جوانب أخرى مهمة لأي مدرب، الشق الدفاعي، العودة لمساندة الظهير، الدخول إلى العمق لتقوية الوسط، الصعود إلى منطقة الجزاء كمهاجم متأخر، وبكل تأكيد افتكاك الكرات، الضغط على المدافعين، العرقلة المشروعة، وكافة هذه الأدوات التي يحتاجها أي مدير فني لتقييم كامل عن لاعبه، ومؤمن زكريا يجيد جزء كبير من هذه المهارات.
الجانب الآخر لأرقام مؤمن، افتكاك كرات، عرقلة مشروعة، استخلاص، وغيره.
صناعة الفرص
تتم صناعة معظم الفرص في الكرة الحديثة عن طريق تحول الأجنحة إلى العمق من خلال الهروب من الرقابة، كميسي مع برشلونة، وتقديم الدعم الحقيقي خلف المهاجم، وأوزيل هو ملك هذه اللعبة بدون منافس، أو ينطلق لاعبو الوسط على الأطراف، لاستغلال الفراغات المتاحة أثناء المرتدات ولعبة التحولات، كما يفعل لاعب مثل دي ماريا مع باريس سان جيرمان هذا الموسم، وبالتالي تتمحور عملية صناعة اللعب بين لاعبي الوسط أو الأجنحة الهجومية.
في الأهلي مع مارتين يول هناك طريقتان للوصول إلى مرمى المنافسين.
الأولى عن طريق دخول رمضان صبحي ومؤمن زكريا إلى عمق الملعب، حتى يتم فتح الطريق أمام الأظهرة للصعود إلى الثلث الهجومي، فيما يعرف خططيا بالـ "اوفرلاب"، لذلك يصنع صبري رحيل ومحمد هاني عرضيات كثيرة إلى إيفونا داخل منطقة الجزاء.
تزيد العرضيات من أقصى الأطراف، نتيجة دخول رمضان باستمرار إلى العمق، لذلك يصعد صبري رحيل، وفي المقابل محمد هاني أيضا.
وفي حالة عدم الاختراق العرضي، تزيد عملية تدوير الكرات بين لاعبي العمق، من غالي إلى عبد الله، الذي يمررها بدوره إلى رمضان، وهكذا حتى تتحول الخطة إلى ما يشبه ثنائي من صناع اللعب رفقة مهاجم صريح، رمضان وعبد الله يكملان المثلث مع إيفونا هجوميا.
الحالة الثانية خاصة بالتمريرات الطولية من الخلف إلى الأمام، وفي سبيل ذلك يصعد رامي ربيعة كثيرا إلى الأمام، يتحول إلى دور لاعب الارتكاز في غياب عاشور، لذلك يلعب المدافع كرات بالجملة بشكل عمودي إلى إيفونا ومؤمن في ظهر الدفاع المقابل، وهذه هي الإضافة الجديدة مع يول، دور أكثر تحرر لرامي ربيعة، من قلب الدفاع إلى الهجوم مرورا بخانة الارتكاز.
9 تمريرات طولية من رامي ربيعة "فقط" من نصف ملعب الأهلي إلى الهجوم مباشرة.
قضية إيفونا
نأتي إلى قضية الساعة في الأهلي، ماليك إيفونا وندرة أهدافه في الفترة الأخيرة، وهل اللاعب الجابوني يقدم مستوى مميز مع الفريق؟ وهل الأفضل له البدأ كمهاجم صريح أو مهاجم متأخر رفقة لاعب آخر؟ كلها أمور تشغل بال كل الجماهير أثناء مباريات الأهلي الأخيرة.
بشكل أولي، إيفونا لا يعيش أجمل أيامه، وبالتالي يضيع فرص سهلة للغاية مؤخرا، وهذا الأمر ليس له علاقة من بعيد أو من قريب بمركزه داخل الملعب. هل المدرب سيقول له، عندما تنفرد بالمرمى عليك أن تأخذ قرارك في جزء من الثانية؟ هل يجب عليك مراوغة الحارس بشكل خاطف قبل التسديد؟ وهكذا.
بالتالي هناك جزء من قلة الأهداف وسوء الأداء يصب في خانة اللاعب نفسه، لكن على الصعيد التكتيكي، نعم إيفونا يحتاج لبعض الاهتمام والدراسة، لأن الفريق لم يستفد بعد من كامل قدراته الفنية، والأمر يحتاج إلى بعض التعديلات في الخطة.
طريقة اللعب نفسها لا تتغير، فلسفة الفريق الكبير فوق أي اعتبار، الأهلي لن يغير من أفكاره من أجل إيفونا أو غيره، لكن هناك مرونة في التكتيك، تعديل الخطة لكي تناسب إمكانات لاعبيك.
استلم ايفونا 15 كرة أمام ريكرياتيفو، هذه هي الأماكن التي حصل فيها على الكرات، سنلاحظ فقط كرتين داخل منطقة الجزاء، والبقية بلا استثناء بعيدا، بعيدا جدا عن المرمى!
الأرقام تؤكد أن معظم الكرات التي يستلمها إيفونا تكون وظهره إلى المرمى، بعيدا عن منطقة جزاء المنافسين، وهذا الأمر يعود إلى سببين.
إيفونا لاعب يفضل الحركة المستمرة، في الخلف وإلى الأمام، ولا يلعب أبدا كرقم 9 صريح داخل منطقة الجزاء.
الأمر الثاني خاص بفشل عبد الله السعيد وحسام غالي في إيصال إيفونا إلى المرمى من خلال تمريرات العمق، فالثنائي يمرر كثيرا في منطقة الوسط، لكن دون وجود فرص حقيقية من الخلف إلى الأمام.
عدد التمريرات بين ايفونا ولاعبي الأهلي، يظهر أن التمرير المكتمل بينه وبين السعيد مجرد 4 تمريرات، 3 مع حسام غالي، وأرقام أقل مع البقية، أي أي المهاجم منعزل بعض الشيء عن بقية الفريق، وصانع اللعب الصريح لا يصنع له فرص كثيرة من قلب الوسط الهجومي إلى منطقة الجزاء.
إذن ماذا يحتاج ماليك؟
يحتاج إيفونا إلى لاعب آخر قريب منه، ليس بالضرورة أن يكون مهاجم ولكن جناح قوي في القظع من الطرف إلى منطقة الجزاء، يصبح مهاجم ثان بالتبادل مع ماليك، ويسجل الأهداف نتيجة وجود فراغ نابع عن تحركات الأفريقي. صحيح مؤمن متحرك لكنه يضيع بسهولة، ولا يجيد لعب دور المهاجم الآخر في طريقة ثنائي المهاجمين، محمد حمدي ذكي اللاعب المعار كان يجب أن يستمر لهذا الدور كمثال!
الأمر الآخر الذي يحتاجه إيفونا أن تصله الكرات من مواقع قريبة وهو متمركز داخل المنطقة، وتركيبة وسط الأهلي لا تسمح بذلك، لأن غالي / السعيد بصفات متشابهة إلى حد كبير، ويميل الثنائي إلى تدوير الكرات باستمرار، مما يُنهي أي فرص لإيصال المهاجم بانفراد صريح، وإذا عدنا لأخطر فرص الفريق، سنجد مشاركة رمضان صبحي في كل لعبة، لأنه يملك اللمسة الخاطفة، واللعبة غير المتوقعة، كحركة الكعب في هدف جون أنطوي.
وضع إيفونا يذكرني بتصريح شهير لإبراهيموفيتش بعد فشله في برشلونة، وقتها قال إبرا:"برشلونة اشترى سيارة فيراري، لكنهم قادوها مثل سيارة فيات!"
وبعيدا إذا كان ماليك فيراري أم فيات، فإنه يحتاج إلى عوامل خاصة من أجل التالق، تتلخص في الكلمات التالية.
تركيبة إيفونا الحالية مع عدم توافر صانع لعب متحرك خلفه، كلها أمور تقودنا إلى أسباب انخفاض مستوى الجابوني، وحاجته إلى لاعب آخر بجواره، يسند عليه ويصنع معه ثنائية هجومية بالتبادل خارج وداخل منطقة الجزاء، لعل وعسي مارتين يول يعيد للفريق صالح جمعة، أحمد الشيخ، وبقية الأسماء التي لم نشاهدها بعد بشكل كلي، في انتظار فترة التوقف وبعدها بداية الأحكام!
تابع المحرر على فيسبوك من هنا.
وتويتر من هنا.