لم تصبح كرة القدم مجرد لعبة بالنسبة لجيمس رودريجيز حينما التحق بمدرسة توليما لكرة القدم في كولومبيا. حينها كان عمره 12 عاما ولكنه كان يدرك شيئا واحدا ويكرره كثيرا "أحلم بأن أصبح لاعبا محترفا وبعدها سيقرر الرب ما سيحدث، ولكن أرغب في اللعب لريال مدريد".

- حلم الكولومبي

يؤكد جيمس أن حديثه عن حلمه باللعب لريال مدريد ليس من ضمن "الاكليشيهات" التي يقولها اللاعبون عند الانضمام لأي فريق جديد حيث يضيف "منذ بدأ يتشكل لدي الوعي، كلم ما كنت أحلم به كان القميص الأبيض".

اضطر اللاعب الكولومبي للانتظار بعض الوقت لكي يتحقق هذا الحلم باللعب في إيفينجادو الكولومبي ومنه إلى بانفيلد الأرجنتيني ليصبح "الطفل المختار".. أصغر محترف بين مواطنيه في الخارج قبل أن يجذب انتباه بورتو البرتغالي الذي لم يتردد في دفع 5 مليون يورو للحصول على 70% من حقوقه.

وضمه بورتو في 2010 قبل الوصول لموناكو في 2013 ومنه إلى النادي الملكي.

هذه القصة التي يكاد يعرفها الجميع ولكن كيف تعرف جيمس على جورجى مينديش وكيف حقق له حلم حياته باللعب لريال مدريد وكواليس كل هذه الأمور؟ هذا هو ما يهم في هذه اللحظة.

يروي جيمس قصة تعرفه على مينديش قائلا: "هذه القصة تبدأ في 2011. كنت لا أزال لاعبا في بورتو وكنت أعرف أن جورجي وكيل عالمي، لذا فكرت في إنهاء عقدي مع وكيلي السابق والعمل معه".

حينها كان جيمس زميلا لمواطنه راداميل فالكاو في بورتو حيث حدث هذا التقارب بين رودريجيز ومينديش بفضله حيث يقص اللاعب أن أول سؤال وجهه له هو "ما هو حلمك؟"، لذا لم يتردد في اخباره بأنه يسعى للعب في ريال مدريد.

يضيف جيمس "كل ما قاله لي حينها (عليك أن تتحلى بالهدوء وسيحدث هذا، ولكن في الوقت المناسب)".

يمر الوقت سريعا وجاء مونديال 2014 بالبرازيل الذي تألق فيه جيمس والحقيقة أن ريال مدريد كان يتابعه من قبلها بفترة لأن مينديش حتما لفت إدارة النادي الملكي بخصوص موهبته، ثم جاءت اللحظة الموعودة.

- اللحظة الموعودة

كان جيمس في عطلة بكولومبيا بعد مستواه الطيب في المونديال ويظن أن مينديش يطبخ مستقبله على نار هادئة في أوروبا، ولكن الحقيقة أن مينديش كان سريعا للغاية.

فأثناء تواجد اللاعب مع عدد من الأصدقاء في مطعم بمدينة ميديين حينما رن هاتفه ورفعه ليجد اسم جورجى مينديش أمامه.

حينما تعرف أنك تنتظر شيئا ما وتجد اسم مينديش يظهر أمامك على شاشة الهاتف فلا بد أن تتوتر بعض الشيء، خاصة حينما تترك أصدقائك وتذهب لترد وتسمع صوته من الجانب الآخر من العالم وهو يقول "فلتأت لأننا انتهينا من الصفقة!".

يقول جيمس حول هذه اللحظة: "أول ما فعلته كان الاتصال بزوجتي وهي لم تتوقف عن الصراخ من الفرح".

وتابع "بعدها عدت للطاولة وظللت تقريبا لمدة خمس دقائق مثل الأخرس. لم أفتح فمي، المطعم كان ممتلئا وفجأة وجدت نفسي أصرخ وأضم قبضتي وأرفعها لأعلى للاحتفال".

كانت هذه المكالمة حوالي الساعة الخامسة وفي العاشرة كان جيمس بالفعل أخذ طائرة متوجها نحو مدريد. حينها كان أحد الأطفال التقط صورة له وبدأت تظهر أخبار في وسائل الاعلام حول وصوله للعاصمة الإسبانية ولكنه اختفى بعد ذلك.

في تلك الفترة كثرت الأنباء والأقاويل والشائعات: إنه يختفي في مكان ما بمدريد. لا بل أخذ طائرة نحو مدينة نيس للعودة لموناكو، ولكن وحده جيمس هو الذي يستطيع الكشف عن مكان تواجده.

يقول اللاعب: "اندهشت من كل ما قيل وكتب ولكن الحقيقة، أنني حينما وصلت لمدريد أخذت طائرة أخرى نحو بورتو، وذهبت لمنزل مينديش للابتعاد عن الضغوط، بعد إتمام كل شيء ذهبت لمدريد".

لا يشعر جيمس بأي مشكلة في الاعتراف بفضل مينديش عليه في اتمام الصفقة، حيث أنه من حقق له حلم حياته بالانضمام لريال مدريد، ذلك الفريق الذي ذهب لتشجيعه أكثر من مرة في ملعب سانتياجو برنابيو قبل أن يصبح من ضمن نجومه.

من ضمن تلك المرات، نصف نهائي دوري الأبطال في موسم العاشرة أمام بايرن ميونيخ حيث يقص هذا الأمر بنفسه قائلا "اشتريت تذاكر المباراة وكنت هناك أشجعهم. حظيت بفرصة التعرف على عدد من اللاعبين حينها ومن ضمنهم كريستيانو رونالدو الذي التقطت صورة معه".

يضيف اللاعب "مشاركتي لكريستيانو نفس الوكيل أمر رائع، رونالدو شخص عظيم وأنا معجب به كثيرا، إنه يستحق الكثير بسبب كل ما فعله لريال مدريد في السنوات الأخيرة".

- طلقة الأرجنتين

بالنسبة للأرجنتيني أنخل دي ماريا فإن بداية العلاقة بينه ومينديش لم تتأخر بنفس الصورة التي كان عليها الأمر بين جيمس و"وكيل اللاعبين الخارق"، حيث أنها بدأت في عام 2007 حينما انتقل الجناح الطائر لبنفيكا.

يقص دي ماريا "كل ما عرفته عن كرة القدم قبل مينديش، كان فريق سنترال، لعبت فيه منذ الصغر وبكل درجاته وكل عائلتي تشجعه، ثم تغيرت كل الأمور بعد مونديال كندا تحت 20 عاما".

هناك كان يتواجد أنطونيو ألبرتو، أحد الموظفين بشركة (جيستيفوتي) التي يمتلكها مينديش حيث كان يسعى لالتقاط المواهب الجديرة وإقناعها بالعمل معهم، وبالفعل نجح في هذا مع دي ماريا الذي سجل ثلاثة أهداف في البطولة التي توج بها منتخب بلاده وقدم مستوى طيب للغاية.

يقول دي ماريا: "أول مرة قابلت فيها مينديش بشخصه كانت حينما سافرت للشبونة للانضمام لبنفيكا"، حيث كان جورجى تمكن من الانتهاء من الصفقة مع رئيس النادي لويس فيليبي فييرا مقابل ستة ملايين يورو.

يضيف اللاعب "في تلك الفترة لم يكن يسبق لي السماع عن جورجي مينديش. كنت صغيرا للغاية. عمري حوالي 16 أو 17 عاما، كان من المستحيل بالنسبة لي أن أعرفه وأنا في الأرجنتين".

لم يستغرق الأمر سوى عامين من دي ماريا ليثبت أقدامه في التشكيل الأساسي لبنفيكا وهو الأمر الذي لفت انتباه جوزيه مورينيو مدرب ريال مدريد حينها حيث يقول: "كان جورجى هو أول من أبلغني باهتمام مورينيو وبوجود إمكانية لانتقالي لريال مدريد، سأقول لك أمرا، مورينيو مارس ضغوطا من أجل اللعب هناك".

يكمل دي ماريا "يوجد شخصان لهما أهمية كبيرة في مسيرتي: جورجي جيسوس مدرب بنفيكا الذي وثق في بصورة تامة ومعه حصلت على لقب أفضل لاعب في الدوري البرتغالي ومورينيو لأنه كان الشخص المسؤول عن انتقالي لريال مدريد لإيمانه بإمكانياتي".

لم يرغب دي ماريا في الحديث كثيرا عن كواليس رحيله عن ريال مدريد نحو مانشستر يونايتد، ولكنها شبه معروفة: مع وصول جاريث بيل قبلها بعام تعقدت الأمور بالنسبة للاعب، ولكن جورجى مينديش عمل على إنهاء الأمور بأفضل صورة بالنسبة للجميع في صفقة قياسية لكل من ريال مدريد ومانشستر يونايتد بقيمة 84 مليون يورو.

يقول دي ماريا فقط عن الفترة التي سبقت انتقاله لمانشستر يونايتد: "كانت لدي عروض كثيرة: باريس سان جيرمان الذي صارع كثيرا من أجل ضمي، وموناكو ومانشستر يونايتد الذي أبرمت معه الصفقة بفضل مجهودات مينديش".

(ملحوظة: الكتاب نشر قبل انتقال دي ماريا لباريس سان جيرمان)