منظومة و بصمة و إطار تكتيكي و فني، هذه عوامل جعلت ساسسولو يفوز على نابولي وإنتر وميلان ويوفنتوس في الموسم الجاري وهو بحد ذاته يعد إنجازا تاريخيا في فترة تفتقر الكرة الايطالية إلى احلام جميلة تساعد على بقاء الامل في مستقبل اجمل.
ساسوولو صورة جميلة حتى من الزاويا الإدارية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار انه يمتلك ملعبا خاصا ولديه ميزانية مثالية خالية من الديون وبعجز ضئيل جداً وهو فريق يمثل مدينة صغيرة تكاد أن تكون حيا في ضواحي مدينة مودينا يستضيف اقل من اربعين الف نسمة فقط.
نادي بدون تاريخ يعلم الكبار الغارقين في الديون كيف من الممكن بناء فريق قادر على تقديم كرة جميلة وتحقيق نتائج ملموسة بالميدان بميزانية سليمة بدون اللجوء الى قروض وإلى عمليات مصرفية معقدة تحتم مخاطر ومجازفة ترسم مستقبل مرعب على المدى البعيد.
التراجع وإجبار الخصم على اللعب في ثلاثين مترا فقط والمراقبة بنظام المنطقة عندما يكون وسط الميدان مع الهجوم في مرحلة الضغط العالي وبنظام الرجل لرجل عندما ينكمش الفريق لتغطية ممرات التمرير هذه هي مفاتيح الدفاع التي تميز منظومة المدرب الشاب دي فرانشيسكو و التي نوعاً ما تشبه ركائز فريق توتنام الإنجليزي لمدرب اخر يعشق الكرة العصرية والتكتيك العالي.
في الهجوم ساسوولو سلس وبأفكار بسيطة وواضحة، اللعب بأعلى إيقاع ممكن واستغلال تسارع ميسيرولي، الذي بعد وعود كثيرة في بداية مسيرته أصبح اخيراً يقدم شيئا ملموسا وغير افتراضي، ولا سيما الاستناد على بيراردي كمرجع في التحرك القطري لفتح المساحات لديفريل وسانسوني.
وإذا ما اخذنا بعين الاعتبار صلابة مانجانيلي وبيونديني واشيربي وديناميكية دانكان وفيريجيو وتنوع لونجي في القيام بمهام مختلفة تكتمل صورة عمل مبني على الافكار الجلية و العصرية.
فلقد تم بناء الفريق بعد تبني نظام معين وتم شراء عناصر تتماشى مع كل جزئية لهذا النظام ولم يتم الوقوع في أخطاء الغير واتباع تيار يقول، هذا اللاعب جيد و مع ذاك اللاعب الجيد واللاعب الموجود اصلا في الفريق وهو جيد بدوره يصبح لدينا ثلاثة لاعبين جيدين بدون التفكير لحظة انك بهذه الفلسفة تتحصل على ثلاث فرديات لا غير، لا تربطهم اي فكرة وكل واحد منها يلعب بأسلوب و بطريقة لا تتماشى مع الاخر.
ومثلما كان يقول المدرب اريجو ساكي، من الافضل شراء ثلاثة عناصر جيدة تناسب بعضها البعض وتتماشى مع اسلوب معين من شراء ثلاثة عناصر اكثر موهبة من الناحية الفنية ولكن كل واحد من هذه المواهب يتحدث لغة لا يفهمها الاخر، كفرقة موسيقية كل موسيقي فيها يعزف اغنية مختلفة وفي النهاية الجمهور سيترك المسرح لأن المعزوفة بكل بساطة نشاز بدون معنى.
أغنية ساسوولو تحمل انغاما عذبة وبلحن يطرب كل من يستمع اليه بالطبع بإستثناء الخصوم ولنأمل ان تظل صدى هذه الانغام يرتفع بأوتار مؤثرة تلعب بمشاعر الكل الى نهاية الموسم فالدوري بحاجة الى هذا الطرب.