مفتاح صفقات مينديش (2) - إما ضم اللاعب أو خطفه

في الملهى الليلى كانت الحلقة الثانية من كتاب خورخي مينديز.

كتب : محمد الفولي

الأحد، 21 فبراير 2016 - 11:50
في الملهى الليلى كانت بداية الحلقة الثانية من كتاب جورجي مينديز.

كانت دور السينما في صيف 1996 تشهد عرض فيلم (رانسوم) للنجم ميل جيبسون والذي يتناول قصة تعرض ابن رجل أعمال للاختطاف ومحاولاته المستميتة لاسترجاعه، وربما يكون هذا العمل الفني هو السبب الذي دفع جورجي مينديش لتطبيق فكرته السينمائية الشريرة.

جورجي مينديش اختطف نونو اسبيريتو سانتو حارس فيتوريا جيماريش في تلك الفترة، وذلك لإجبار النادي على قبول رحيله.

لمعرفة القصة منذ بدايتها يجب العودة إلى الملهى الذي كان كان مينديش شريكا فيه، حينما دخله نونو اسبيريتو سانتو في أحد الليالي بصحبة صديق مشترك بينه وجورجي وبدأت صداقة طويلة بينهما لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

في البداية كانت المحادثات بينهما بسيطة ثم تطورت وارتكز أغلبها عن كرة القدم وصار هناك لقاء شبه أسبوعي بين مينديش واسبيريتو سانتو الحارس الشاب في تلك الفترة، حتى تمكن جورجي بقدراته الخاصة بإقناعه بتمثيله.

يقول نونو حول هذا: "ربما كان بإمكاني الحصول على وكلاء أكثر خبرة وتأهيلا، ولكن هذا لم يكن أمرا لأفكر فيه. كنت أثق في مينديش بطريقة عمياء، هذا بخلاف الصداقة القوية التي جمعتنا".

تحدي المليون

مرت الأسابيع وفوجىء اسبيريتو سانتو بمينديش يمر بمقر إقامته ويقول له: "بورتو يرغب في التعاقد معك وأنا سأجعلك تنتقل إلى هناك".

حدث هذا قبل بداية الموسم بوقت قليل ولم يوقع الحارس الشاب وجورجى على أي شيء، بل أن بورتو حاول الاتصال مباشرة باسبيريتو سانتو ولكن الأخير قال لهم: "لدي وكيلي هذا هو رقم هاتفه".

تعقدت الأمور حينما تعنت رئيس فيتوريا جيماريش بيمينتا ماتشادو. وقال لمينديش حينما التقى به: "اذا ما جلبت لي عرضا بمليون دولار سأوافق على بيعه، اذا لم تفعل هذا فمن الأفضل ألا أراك مجددا".

رفض بورتو بالطبع دفع هذا المبلغ في حارس صاعد، ولكن جورجى قرر حينها أنه يجب عليه فعل شيء ما بخصوص الأمر، لذا فإنه طوال أيام عديدة كان يسافر بسيارته من جيماريش لمدينة لاكورونيا الإسبانية ويقطع 337 كلم ليلتقي برئيس نادي ديبورتيفو لاكورونيا أوجوستو سيزار ليندويرو لإقناعه بشراء نونو.

يقول مينديش حول هذا الأمر: "كنت أذهب كل يوم إلى لاكورونيا، كل يوم بدون أدنى مبالغة، وهذا لا يوصف بالذكاء أو محاولة التفوق على الآخرين، بل الإصرار والمثابرة".

يضيف نونو من جانبه "لا أدري كيف تمكن من إقناع ديبورتيفو، أعتقد أنه ظل مصرا حتى أرسلوا شخصا يراني وطلبوا تقارير من مدربين في البرتغال حولي".

لا ينكر رئيس ديبورتيفو حينها هذه المقابلات الكثيرة حيث يقول: "في بعض الأحيان كان يأتي ليلا، ولكن كانت لدي مشاغل واجتماعات أخرى، أظل أتعامل معها حتى وقت متأخر. ربما الثالثة أو الرابعة صباحا وأقول له ليس لديك معي سوى خمس دقائق، لكنه لم يكن يتأفف، كان فقط يحاول يقنعني بما لديه، والحقيقة أنه نجح".

سافر نونو مع المنتخب الأوليمبي للمشاركة في دورة أتلانتا 1996 وهناك اقتنع كشافو ديبورتيفو بما لديه هو وباقي الأسماء التي تعاقد معها النادي الإسباني بسبب مستواها في البطولة ومن ضمنها البرازيلي ريفالدو.

ذهب مينديش عقب هذا إلى مكتب رئيس فيتوريا جيماريش مع عرض المليون دولار من ديبورتيفو لاكورونيا ولكن بيمينتا ماتشادو تراجع في كلمته ورفض التخلي عن اسبيريتو سانتو.

الاختطاف

تتطلب دائما المواقف البائسة اتخاذ مخاطرات، أو على الأقل هذا هو ما كان يراه مينديش حينما شعر بأن أول صفقة في حياته كوكيل لاعبين ستفشل على الرغم من أنه فعل كل ما في وسعه وحقق ما كان مطلوبا.

لذا اتفق مع نونو على خطة مجنونة وصفتها الصحف لاحقا بأنها "اختطاف"، ولكن الحقيقة أن هذا الوصف كان مبالغا فيه لأن الأمر كان بالاتفاق.

جمع مينديش ونونو كل متعلقات الأخير ليختفي اسبيريتو سانتو من على الخريطة وسط حالة من التوتر سيطرت على أروقة نادي فيتوريا جيماريش وانتقلت أصداء الأمر لصحف البرتغال وإسبانيا التي تسائلت "أين نونو؟".

يجيب نونو بنفسه الآن عن هذا السؤال حيث يقول: "في الوقت الحالي يمكن الكشف عن حقيقة الأمر، كنت في منزل جورجي وعائلته. الجميع كان يبحث عني وشعرت بالقلق من على مسيرتي وقلت أنني لن أتمكن من اللعب ثانية بسبب كل ما كتب في الصحافة، كان يتبقى لدي ثلاث سنوات أخرى في تعاقدي مع فيتوريا وماتشادو قال إنني اذا لم أظهر فلن ألمس الكرة ثانية".

مرت ثلاثة شهور طويلة على هذا الحال، حيث كان نونو يخرج للركض والتدريب متنكرا حتى لا يتعرف عليه أحد بل ووصل الأمر أن سافر به مرة مينديش إلى لاكورونيا وعمل على إجراء تدريبات خاصة بحراسة المرمى معه على شاطىء سانتا كريستينا.

علمت هذه التجربة مينديش الكثير، ولكن أهم درس هو أنه يجب عليه أن يكون صديق لاعبيه قبل أن يكون وكيلهم فيما يقول نونو "كان يمكن أن يقول مينديش لي في أي لحظة. آسف. قُضي الأمر وانتهت المغامرة. ليس لدي شيء يمكنني القيام به لصالحك، ولكن هذا لم يحدث".

انتهى الأمر برضوخ رئيس فيتوريا جيماريش وانتقال نونو إلى ديبورتيفو لاكورونيا بعقد مدته ثلاث سنوات ليصبح الحارس الثالث للفريق ولكن تقديمه كان في شهر أكتوبر حيث لم يكن حينها لديه سوى الحلة التي ارتداها في زفاف شقيقته بعد هذه المغامرة الطويلة.

العراب

لا ينسى مينديش أبدا الدور الذي لعبه ليندويرو رئيس ديبورتيفو لاكورونيا السابق، ليس في تلك الفترة فقط بل في حياته عامة، حيث يحب أن يطلق عليه لقب "العراب"، حيث أنه علمه دروسا كثيرا أولها أنه كان رجلا يحتفظ بكلمته، وثانية أنه بالمثابرة يمكن تحقيق أي شيء.

وأهم شيء تلك النصائح التي قدمها لها كثيرا بعد توطيد العلاقة بينهما عن عمل وكالة اللاعبين وتقديم الاستشارات لرؤساء الأندية.

كان من الممكن أن تغير بعض الصفقات التي عرضها مينديش على ليندويرو تاريخ ديبورتيفو ولكنها لم تتم لأسباب مختلفة ومن ضمنها على سبيل المثال ديكو الذي انتهى به المطاف في اللعب ببرشلونة.

يتذكر رئيس ديبورتيفو الأمر السابق بحسرة قائلا "تقارير جورجي بخصوص جودته كانت حقيقية إلا أن كلام كشافي ديبورتيفو كان مغايرا، ولكن ديكو في النهاية أثبت معدنه، لذا فان عدم إقدامنا على التعاقد معه كان خطأ كبير من جانبنا لأنه كان ليتأقلم مع مشروعنا بشكل كبير للغاية".

المفاجآة الكبرى أن البرتغالي كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد كان من الممكن أن ينتقل لديبورتيفو لاكورونيا وليس مانشستر يونايتد الإنجليزي حيث يقول ليندويرو "كانت لدينا قناعة بكريستيانو منذ كان شابا صغيرا في صفوف سبورتنج لشبونة، تابعناه لفترة طويلة وقبل أن نقدم عرضنا، ظهر مانشستر يونايتد وكان الحديث عن أرقام لا يمكننا تحملها، لذا ضاع منا".