لذلك مع عودة الأسماء الأساسية إلى تشكيلته، عاد مرة أخرى إلى الجمود التكتيكي بتواجد عاشور وغالي في خانة المحور، مع صالح، مؤمن، السعيد في الثلث الهجومي، خلف المهاجم الوحيد عمرو جمال.
• لا تغامر ولو منحوك الذهب
4-2-3-1 هي الأساس، إنها علامة الجودة لكل مدرب برتغالي.
الخطط في النهاية عبارة عن أرقام تليفونات لا أكثر ولا أقل، أريجو ساكي كان عبقريا بحق في وصفه "الافتكاسة" الأشهر على الإطلاق فيما يعرف إعلاميا بالرسم الخططي قبل أي مباراة، لأن العبرة في النهاية بفكرة "التمركز"، وتمركز لاعبي الأهلي خلال البدايات كان كارثيا!
الرهان على الطرفين خاطيء كالعادة، مؤمن زكريا لاعب من الصعب تصنيفه كجناح حقيقي، لأنه يدخل باستمرار إلى منطقة الجزاء، قوة مؤمن في عشوائيته.
لكن هذه العشوائية تتحول إلى نقمة أمام الفرق التي تحسن التنظيم الدفاعي، أما عبد الله السعيد فرأس ماله الكروي في اللعب عمقا، أي بدايته في المنتصف كما حدث في المباريات الاخيرة، لكنه لعب على الطرف، ليخسر الأهلي أجنحته دون أي داع.
• "حيوانات" كروية
في أميركا الجنوبية، سامباولي هو ملك الـ Pressing Game في كرة القدم الحديثة، المدرب الحاصل على المركز الثالث في قائمة أفضل مدربي العالم لعام 2015، أكمل مسيرة سلفه مارسيلو بييلسا مع شيلي، مستخدما لعبة الضغط التي أصبحت العلامة الأشهر لقواعد اللعبة هناك.
في أميركا الجنوبية، يضع البعض تشبيها غريبا نوعا ما لقياس قدرات لاعبي شيلي، عندما يقولون عنهم، إنهم أشبه بالحيوانات، نتيجة ركضهم المستمر خلف الكرة، وخنقهم للمنافسين في مناطقهم، مع انقضاضهم على أي هفوة، ليتم تحويلها مباشر إلى هدف خاطف.
فريق لا يجيد بناء الهجمة من الخلف بطريقة مهارية، ولا يستحوذ على الكرة كثيرا، لكنه يقتل خصومه في نصف ملعبهم، بالدفاع المتقدم وتضييق الخناق عليهم بالسرعة المطلوبة. ومع الفارق الشاسع بكل تأكيد بين الجانبين، إلا أن الداخلية يطبق فكرة الضغط بشكل مميز هذا الموسم في الدوري المصري.
هو فريق عاد جدا، غير ممتع وغير هجومي، وحتى مدربه ليس بالعبقري كما يصور البعض، لكنه يعرف قدرات لاعبيه، ويحاول خنق خصومه دائما، باستغلال الهفوات وتسجيل الأهداف الخاطفة، وهذا ما يتقنه الفريق حتى الآن.
في هذه الصورة يظهر بامتياز تفكير عبد العال، حوالي 6 لاعبين من الداخلية في نصف ملعب الأهلي.
وفي المقابل يستمر المارد الأحمر في فشله غير المنطقي على مستوى بناء الهجمة من الخلف. استراتيجية البناء الخلفي سيئة للغاية، نتيجة انعدام زوايا التمرير أمام حامل الكرة.
يستخدم الأهلي لاعبي الدفاع في التمرير من الخلف، لكن دون أي تحرك مستمر من لاعبي الارتكاز.
كذلك لا يعود لاعب الارتكاز إلى الخلف بين قلبي الدفاع، لتأسيس فكرة الـ 3+7 أي لاعب ارتكاز + ثنائي دفاعي، من أجل صعود الظهيرين أكثر إلى الهجوم، وفتح الملعب عرضيا بالقدر الكافي، بالبلدي عمل "ستريتش" للملعب أمام الفرق التي تضغط باستمرار كالداخلية.
وفي حالة حصول غالي على مركز مميز لاستلام الكرة، هنا يضغط لاعبو الداخلية بشكل ثنائي على كابتن الأهلي.
ومع عدم تحرك عاشور من اجل فتح الفراغ جاءت ثنائية "عاشور-غالي" كارثية أمام فريق علاء عبد العال، لأن الثنائي لا يعرف كيف يتعامل مع الضغط، بالإضافة إلى قلة حركته أمام المدافعين، مما يعني فرص أقل وكرات نادرة إلى لاعبي الثلث الهجومي في الأهلي.
• بين الخطوط
في وبين الخطوط أو In Between Lines أي المساحات الموجودة بين خطوط الفريق المنافس، بين الدفاع والارتكاز، الارتكاز والوسط الهجومي، صناع اللعب والمهاجمين، وهكذا، صالح جمعة هو الوحيد في تشكيلة الأهلي الذي يتحرك بذكاء في هذه المناطق المهمة تكتيكيا.
الداخلية فريق يضغط بشكل قوي ومستمر، لكن توجد مساحات شاغرة خلف محوره، نتيجة تقدم لاعبيه المبالغ فيه داخل نصف ملعب الأهلي.
لذلك كلما تحرك صالح في الفراغ المطلوب، كلما حصل الأهلي على خطورة حقيقية، كأهم لقطة في الشوط الأول، عندما حصل صالح على منطقة فارغة، ليلعب الكرة سريعا إلى مؤمن، الذي أضاع الهجمة بغرابة لا يحسد عليها.
• خيارات محدودة
القطع من الطرف إلى العمق، هي فكرة فنية ليست بالجديدة، لكنها مهمة من أجل ضرب الدفاعات أثناء الهجوم الخاطف.
لذلك ظهر مسمى الجناح المقلوب، الذي يلعب مثلا على اليسار، ثم يقطع باستمرار داخل منطقة الجزاء للتسديد.
يستلم صالح الكرة باستمرار، يراوغ ويخترق ويصل إلى مناطق خطيرة، لكن باستمرار يتمركز عبد الله السعيد على الطرف، بينما تجد مؤمن زكريا خارج الكادر من الأساس، لذلك تكون التمريرة شبه متوقعة لعمرو جمال، أو يواصل اللاعب المراوغة حتى الحصول على ضربة حرة.
في المقابل، عمرو مرعي عرف الجواب، من خارج منطقة الجزاء إلى المرمى في جزء من الثانية، لأن حسام غالي خارج الملعب تقريبا، وعاشور لا يضغط بشكل سريع، بينما صبري رحيل في مكان يساعد أي مهاجم على التسجيل.
الفرق بين لحظة وأخرى، أجنحة قريبة من العمق من أجل التسديد، وأجنحة أخرى بعيدة تماما على الخط، لذلك سجل الداخلية ولم يسجل الأهلي، سهلة ومتوقعة!
• الكابيتانو
بكل تأكيد كلامي سيغضب عشاقه، وهم كثيرون! لكن حسام غالي أصبح عبئا ثقيلل على التشكيل الأساسي، وفقد أهم مزاياه فيما يخص التمركز والتمرير، لذلك يتم ضرب وسط الأهلي بسهولة بسبب تقدم غالي المبالغ فيه.
كذلك وجود غالي خلف صالح جمعة يلغي قيمة كابتن الفريق تماما، لأن الرقم 22 متكفل بصناعة اللعب.
الأمر المثير للدراسة أن التعاون بين صالح وغالي شبه منقطع، وكأنهما في فريقين مختلفين.
الأرقام تقول إن عدد التمريرات بين غالي وصالح فقط 1 تمريرة طوال الشوط الأول، أمر يفسر باختصار ضعف عملية بناء الهجمات، لأن غالي حينما يتحرك بشكل طولي، فإنه يصطدم بصالح، وبالأساس انخفض مستواه مؤخرا بشكل مبالغ فيه، فلم تصل لمن يلعب أمامه أي كرات مؤثرة!
*الدائرة السوداء توضح عدد التمريرات بين ثنائي صناع اللعب في تشكيلة الأهلي، منتهى العقم!
• التسعينات وما أدراك ما التسعينات
خوان رومان ريكلمي هو آخر صناع اللعب القدامى في كرة القدم، الساحر الكسول لعب كرقم 10 صريح، لا تعقيد ولا مهام إضافية، يتمركز أمام الوسط وخلف الهجوم، ويصنع الهدايا إلى البقية.
فكرة صانع اللعب الكلاسيكي انتهت من اللعبة في السنوات الماضية، لكن عبد الله السعيد تعبت كثيرا في محاولة وصفه فنيا، لأنه لاعب لا تجده إلا في وسط الملعب، بينما على الأطراف سلبي للغاية.
حركة السعيد بطيئة سواء بالكرة أو من دونها، لا يتحرك بدون كرة كثيرا، لا ينطلق خلف المدافعين، لا يملك مجهود دفاعي مختلف، لكنه بارع في التمرير الطولي، ومميز في الاحتفاظ بالكرة، لذلك أفضل مكان له في الملعب في منطقة العمق.
تشكيلة أي فريق يريد اللقب يجب أن تضم إما عبد الله السعيد أو حسام غالي، لكن الاثنين معا خيار يعني العودة إلى كرة التسعينات!
* كل لقطات عبد الله السعيد القوية ستجدها كما بالخريطة الحرارية، في العمق، العمق فقط!
عبد الله السعيد في الشوط الأول على الطرف يساوي صفر، السعيد في الشوط الثاني يدخل في العمق بعد خروج غالي، أداء أفضل. صحيح أنه لم يرتق لمستوى الطموحات، لكن أفضل من لا شيء.
• قدرات عادية
لست من أصحاب مبدأ الحكم المبكر، والفرصة لا تزال كبيرة أمام بيسيرو، لكن وجدت نفسي في حالة دهشة أثناء مشاهدة المباراة، لأن صديقي المعروف بتعصبه الشديد قالها لي قبل صافرة الحكم، ستكون التغييرات الثلاث، رمضان صبحي، أحمد حمدي، وعماد متعب، وهذا ما حدث فعليا!
بيسيرو لم يغامر باللعب بثنائي هجومي في آخر المباراة، لأن المغامرة بالأساس تعني الحفاظ على تشكيلة مباراة المقاولين، بالإضافة إلى الرهان على أحمد الشيخ في آخر الدقائق، لأن الداخلية فريق يضغط باستمرار، دفاعي بامتياز، يحتاج إلى لاعب مهاري وسريع، ينجح في موقف الـ 1 ضد 1، لذلك ظهر صالح بشكل رائع في الشوط الأول حتى خروجه، وتواجد الشيخ يعني إحياء الأطراف الميتة طوال المباراة.
عندما دخل مؤمن في العمق بشكل إيجابي، جاء هدف التعادل أخيرا، لأن أحمد حمدي لاعب وسط متحرر بعض الشيء، نسخة أقرب إلى "البوكس تو بوكس". أي لاعب الوسط الذي يقطع باستمرار من الخلف إلى الأمام، ويجمع بين المهام الدفاعية والهجومية، لذلك ينطلق دائما في أنصاف المسافات، أي الفراغلا المتاح "أفقيا" بين الظهير وقلب الدفاع على حافة منطقة الجزاء.
من الممكن القول إن هذا التحرك هو الأفضل طوال التسعين دقيقة، مما يدل على فقر أداء الأهلي، وعدم أحقيته في خطف الثلاث نقاط بالنهاية، لذلك لا داعي أبدا للندم على كرة عمرو جمال الأخيرة، فبيسيرو لم يقدم ما يشفع له للفوز، وبكل حيادية هذا الأداء لا يجلب الثلاث نقاط.
للتواصل:
حساب الفايسبوك: https://www.facebook.com/CoachoTactics/
حساب تويتر: https://twitter.com/Attacking_Mid