كتب : عادل كُريّم
الرجل الذي يحتفل اليوم 11 سبتمبر بعيد ميلاده السبعين حقق كل شيء في عالم كرة القدم.. لاعباً ومدرباً ومسئولاً.. بل وحتى منظماً لواحدة من أفضل بطولات كأس العالم عبر التاريخ.
فرانز أنطون بكنباور.. ولد في 11 سبتمبر 1945 بمدينة ميونيخ.. في سن التاسعة ذهب ابن عامل البريد إلى نادي ميونيخ 1906 ليبدأ لعب كرة القدم، الرياضة التي عشقها بالرغم من رفض والده لها.. وكان يحلم باللعب مهاجماً كمثله الأعلى فريتز فالتر الذي قاد ألمانيا للفوز بكأس العالم في العام ذاته 1954.
فرانز الصغير كان يحلم باللعب بفريق ميونيخ 1860.. وأتت له الفرصة ليحقق حلمه حينما التقى ناديه الصغير ميونيخ 1906 مع فريق أحلامه ميونيخ 1860 في نهائي البطولة المحلية تحت 14 سنة عام 1959.. يومها اندلع شجار بين لاعبي الفريقين، ليقوم قائد ميونيخ 1860 بصفعه على وجهه.. ويومها أقسم فرانز بكنباور بألا يلعب لهذا النادي أبداً.
انضم بكنباور في العام نفسه لناشئي بايرن ميونيخ.. وتدرج في صفوف الناشئين حتى كاد يعتزل اللعب وهو في سن الثامنة عشرة.. وقتها ادعت صديقته بحملها من فرانز الذي رفض الاعتراف بابنه، ليقرر الاتحاد الألماني حرمانه من تمثيل منتخب ألماينا للشباب.
فرانز أصيب بحالة اكتئاب وكاد ينهي مشواره الكروي لولا تدخل مدربه في هذا التوقيت ديتمار كرامر (مدرب منتخب مصر في وقت لاحق من السبعينيات) الذي أقنع مسئولي الاتحاد الألماني برفع الإيقاف عن اللاعب الصغير ليعود لممارسة لعبته المفضلة..
مهاجماً مثل مثله الأعلى بدأ بكنباور مشواره مع الفريق الأول لبايرن ميونيخ في عام 1964، ليقود الفريق للصعود للدوري الذي أنشئ حديثاً "البوندسليجا" في العام التالي.. ومعه بدأ بايرن ميونيخ يتحول من نادي محلي صغير إلى قوة ألمانية وأوروبية كبرى.. لقبين متتتاليين في كأس ألمانيا في 1966 و1967، ثم لقب بطولة أوروبا للأندية أبطال الكؤوس في 1967، أول لقب أوروبي في تاريخ النادي.
في موسم 1968-1969 أختير فرانز قائداً لبايرن ميونيخ.. فقط ليقود الفريق نحو أول لقب له في البوندسليجا في الموسم نفسه.. كان بكنباور قد انتقل من مركز المهاجم لمركز الليبرو.. لكنه كان يخترع مفهوماً جديداً لهذا المركز.. الليبرو المهاجم.. ومعه كانت إسم "القيصر" يرتبط به.
ثورة القيصر أسفرت ثلاثة ألقاب متتالية لبطولة أوروبا للأندية الأبطال (دوري أبطال أوروبا) بين عامي 1974 و1976، ومعها ثلاثة ألقاب أخرى للبوندسليجا ولقباً لكأس الانتركونتيننتال.. كان بايرن ميونيخ قد تحول لقوة أوروبية عظمى بفضل قيادة بكنباور.
ومع ألمانيا كانت ثورة أخرى يقودها القيصر فرانز.. نهائي كأس العالم 1966 وخسارة بهدف لازال يثير الجدل حتى اليوم أمام انجلترا. ثالث كأس العالم 1970. عين بكنباور قائداً للمانشافت في 1971 ليقود الفريق للفوز بكأس الأمم الأوروبية 1972، ثم كأس العالم 1974 ليرفع كأس العالم مثل مثله الأعلى فريتز فالتر الذي ألهمه للمارسة كرة القدم في الأساس. بعدها بعامين حرمته ركلات الترجيح من لقب أوروبي آخر ذهب لتشيكوسلوفاكيا في النهائي هذه المرة..
في عام 1977 قرر فرانز اعتزال اللعب دولياً، وترك بايرن ميونيخ في الوقت نفسه متوجهاً للولايات المتحدة للعب مع نيويورك كوزموس.
حقق ثلاثة ألقاب للدوري الأمريكي في ثلاث سنوات قبل أن يقرر العودة للبوندسليجا مرة أخرى، مع هامبورج هذه المرة، ومعه حقق لقب الدوري في 1982، قبل أن يعود لنيويورك في موسم أخير أعلن بعده اعتزاله نهائياً عام 1983.. بعد أن حقق لقب أفضل لاعب في أوروبا وحصد الكرة الذهبية مرتين، لقب أفضل لاعب في ألمانيا 4 مرات، أفضل لاعب شاب في كأس العالم 1966، وأختير ضمن التشكيلة الأفضل للاعبي الكرة في التاريخ..
بدأ فرانز رحلته في عالم التدريب في العام التالي مباشرة لاعتزاله..بداية المشوار كانت بتدريب منتخب ألمانيا الغربية خلفاً ليوب ديرفال.. بعد عامين كان بكنباور يقود المانشافت لنهائي كأس العالم 1986 قبل الخسارة من أرجنتين مارادونا في النهائي.. خسارة لقب يورو 1988 على أرضه كادت تنهي مشواره مع ألمانيا مبكراً، إلا أنه استمر ليقود ألمانيا للقب المونديال في 1990، ليصبح بثالث ثاني رجل في تاريخ الكرة يرفع كأس العالم لاعباً ومدرباً بعد البرازيلي زاجالو..
القيصر ترك ألمانيا بعد انجاز المونديال ليدرب مارسيليا الفرنسي لأربعة أشهر فقط حقق معه خلالها لقب الدوري الفرنسي.. ثم قاد بايرن ميونيخ مرتين، الأولى لستة أشهر في 1993-1994 ليحقق معهم لقب البوندسليجا، ثم لشهرين فقط في 1996 اختتمهما بلقب كأس الاتحاد الأوروبي مع الفريق البافاري..
بكنباور اعتزل التدريب نهائياً ليتولى منصب رئيس نادي بايرن ميونيخ، ثم عين نائباً لرئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم في 1998.. وأدار ملف ألمانيا الناجح لاستضافة مونديال 2006 ليعين بعدها رئيساً للجنة المنظمة للبطولة، والتي اعتبرها متابعوها أنجح بطولات كأس العالم من ناحية التنظيم في التاريخ.. حصد بعدها بكنباور الجائزة الرئاسية للفيفا في 2012، وللاتحاد الأوروبي في 2013.
وهو يحتفل بعيد ميلاده السبعين يبقى فرانز بكنباور رمزاً للكرة الألمانية.. وصورة لكرة القدم في العالم أجمع.. رجل نجح وأبدع لاعباً ومدرباً وإدارياً ومنظماً.
يبقى هو القيصر الأول والأخير في عالم الكرة.