سبع سنوات قضاها في كلية الطب وهو يبحث عن أي شخص يرافقه تشجيع ليفربول دون جدوى، حتى وجد واحداً في سنة الامتياز.. وفي هذا اليوم أخبره رفيقه الجديد أن هناك مكان في مدينة نصر سيذيع المباراة.. وعاد وهو يحتفل بفوز فريقه بكأس انجلترا بهدفي مايكل أوين.. وهو يفكر في بطله الجديد.. لاعب الوسط هذا ذو الرقم 17..
منذ بداية الثمانينيات وهو يشجع ليفربول.. مباريات الدوري الانجليزي التي تذاع متأخرة في التليفزيون المصري كانت الفقرة المحببة للطفل الصغير الذي يعشق كرة القدم.. لاعب اسكتلندي يدعى كيني دالجليش جعله يحب هذا الفريق الذي يرتدي قميصاً أحمر على صدره كلمة Candy.. التليفزيون المصري توقف عن إذاعة المباريات الأوروبية في نهاية الثمانينيات وفترة التسعينيات اللهم إلا نهائي دوري الأبطال ومعه مباراتين أو ثلاثة، لم يكن من بينها مباريات لفريقه المحبوب.. وفي وقت كان الانترنت فيه اختراعاً ومقاطع الفيديو عليه أمر شبه مستحيل، أصبحت الفقرة الرياضية في أحداث 24 ساعة وبرنامج "أنباء وآراء" عصر الجمعة هي الملاذ الوحيد لمعرفة ما الذي يحدث في ليفربول.. ولو قليلاً..
بعد 4 أيام كانت سعادة الطبيب الشاب تتضاعف.. التليفزيون أعلن أنه سيذيع نهائي كأس الاتحاد الأوروبي الذي يجمع ليفربول بديبورتيفو ألافيس.. مباراتين live في 4 أيام ! هل هناك ما هو أروع من ذلك؟ في الدقيقة 16 كان "البطل الجديد" يسجل الهدف الثاني للريدز.. لقب جديد وتأكيد جديد أن رقم 17 هذا أصبح جديراً بالمكانة الشاغرة في قلبه منذ سنوات..
2 مارس 2003.. اليوم يحتفل الطبيب بخطوبته.. لكن قبل ذلك سيلعب ليفربول مع مانشستر يونايتد في نهائي كأس الرابطة.. أغلق هاتفه وطلب ألا يزعجه أحد بترتيبات الحفل على الأقل في الساعتين المقبلتين.. ستيفن جيرارد يسدد كرة صاروخية تسكن شباك فابيان بارتيز.. شكراً أيها البطل، الآن يمكننا أن نحتفل..
8 ديسمبر 2004.. ليفربول يجب أن يفوز على أولمبياكوس ليتأهل للدور التالي من دوري الأبطال.. المباراة ستبدأ في الرابعة إلا الربع فجراً بتوقيت ماليزيا التي يتواجد بها الآن.. استيقظ وجلس يشاهد المباراة mute.. الوقت يمر وليفربول مازال بحاجة لهدف ليتأهل.. فجأة يسدد جيرارد كرة صاروخية تسكن الشباك في الدقيقة الأخيرة.. لينسى وقتها أن الساعة الخامسة والنصف صباحاً ويصرخ بإسم بطله الذي أنقذ الفريق.. ولم يبال بالطرق على الباب ممن ظنوا أن هناك كارثة في غرفته..
25 مايو 2005.. ليفربول في نهائي دوري الأبطال.. حلم ظن أنه لن يراه مرة أخرى منذ جلس يبكي في تلك الليلة من صيف 1985.. جلس أمام الشاشة بقميصه الأحمر ورقم 8 يزين ظهره في انتظار رؤية بطله يرفع الكأس في نهاية الليلة..
ميلان يسجل ثلاثة أهداف في الشوط الأول.. قاوم رغبة ملحة في أن يغلق التليفزيون ويجلس مستسلماً لأحزانه ليقرر متابعة الشوط الثاني بأعصاب وأحزان هادئة.. لكن البطل أبى إلا أن يعيد الأمل.. قفز فوق الجميع وسدد رأسية سكنت المرمى لتحيي الأمل من جديد.. ليفربول تعادل بسيناريو خيالي ثم فاز بركلات الترجيح.. وجيرارد الذي كان على وشك الرحيل قبل أيام رفع الكأس.. ثم وقف ليخبر العالم كله أنه لن يترك ليفربول أبداً.. كان البطل يبكي، وهو أيضاً يمسك بقيمصه مقاوماً رغبة شديدة في البكاء معه.
البطل سجل مجدداً في آخر لحظة ليهدي ليفربول الكأس في العام التالي.. سجل كثيراً وأخفق كثيراً لكنه ظل عنده في مكانته الخاصة التي لا يقربها أي لاعب آخر مهما أحب.. القميص الأحمر ذو الرقم 8 ظل يتبدل من موسم لآخر، لكن بنفس الإسم والرقم على الظهر في كل مرة.. يوم نافس ليفربول على لقب الدوري في 2014 كان قلبه يخفق في كل مرة من أجله هو أولاً.. ويوم سقط ليضيع الحلم كانت دموعه من أجله هو أولاً..
الجمعة 2 يناير 2015.. استيقظت ابنته الصغيرة التي تعلق صورة بطله في غرفتها بعدما أحبته من كثرة حديث والدها عنه، و بسبب القميص الأحمر الذي يحمل حروف GERRARD الذي أهداه لها في عيد ميلادها التاسع.. استيقظت لتجده يدفن وجهه بين يديه ودموعه تغرق لوحة مفاتيح الكمبيوتر المحمول.. والذي تحمل شاشته جملة كبيرة..
Captain Gerrard to leave Liverpool at end of season