كتب : معتز سيد
اليوم: الثلاثاء الرابع عشر من أكتوبر، المكان: ملعب بارتيزان بمدينة بلجراد الصربية، المناسبة: الجولة الثالثة من المجموعة الأخيرة في التصفيات المؤهلة لأمم أوروبا 2016.
طائرة صغيرة ذات تحكم عن بعد تحلق فوق سماء ملعب المباراة، تتوقف المباراة، الكل ينظر باستغراب، لماذا تظهر هنا؟ فجأة يظهر علم " ألبانيا الكبرى" لتبدأ نيران الذكريات والانتماء تشعل لهيب كل من في الملعب.
نيران زاد من لهيبها ستيفن ميتروفيتش مدافع فرايبورج الألماني ومنتخب صربيا.
ميتروفيتش مدافع صربيا صاحب الـ24 عاما اشتعل انتمائه لبلاده فور رؤيته علم ألبانيا، لينتزع العلم، وتبدأ المعركة.
انتماء ميتروفيتش الصربي لم يختلف عن انتماء لاعبي ألبانيا، فحاول العديد منهم خطف وإعادة العلم من جديد، لتبدأ نيران الجماهير في الاشتعال.
فبدأ الاقتحام من قبل العشرات من الجماهير من زوايا مختلفة للملعب، في البداية نجح لاعبو ألبانيا في التصدي لهجوم " الكراسي" من قبل أحد مشجعي صربيا، قبل أن ينهال الجميع بالضرب عليه.
لكم وضرب لاعبو ألبانيا لمشجع صربيا، استفز جميع الحاضرين، فبدأت الاشتباكات بين اللاعبين، وبدأ عدد مقتحمي الملعب يزداد أكثر وأكثر، لتتدخل أعداد كبيرة من قوات مكافحة الشغب.
الأمور خرجت عن السيطرة وبدأت الألعاب النارية والشماريخ في الزيادة، ليبدأ هروب من قبل لاعبي صربيا لغرف خلع الملابس، هروب لم يوقف الجماهير لمواصلة الاعتداء.
حدث ذلك لتنتهي حرب ملعب بارتيزان بإصابات وتوقف المباراة وزيادة عداوة.
صراعات قديمة
بدأت الخلافات منذ أوائل القرن الماضي عندما كان البلدان تحت الحكم العثماني وخلال حرب البلقان الأولى.
اكتشف الصربيون حينها أن الألبان لا يقاتلون بجدية في صفوف الجيش ولا يريدون الوحدة ويركزون فقط على الاستقلال لأنفسهم.
وخلال الحرب العالمية الأولى استغلت ألبانيا الوضع وأعلنت استقلالها وتشكيل حكومة فدرالية عام 1944 قبل أن تقاطع يوغسلافيا نهائيا عام 1947.
ثم تجدد الصراع خلال حرب يوغسلافيا عام 1991 عندما دعمت ألبانيا تقسيم يوغسلافيا وصولا إلى دعم تحرير كوسوفو.
كوسوفو والاستقلال
جمهورية كوسوفو هي دولة في جنوب شرق أوروبا، جمهورية مقدونيا على جنوبها الشرقي، وصربيا على شمالها الشرقي، وفي الجنوب ألبانيا.
كوسوفو ظلت تحت حكم صربيا حتى عام 2008 قبل أن يعلن البرلمان بالإجماع استقلالها، لتصبح دولة مستقلة بذاتها وحكمها وعاصمتها ( برشتينا).
ومن هنا بدأ النزاع الحقيقي، فعلى الرغم من اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية وكبرى دول الاتحاد الأوروبي بكوسوفو كدولة مستقلة، رفضت صربيا ذلك، وهو رفض ساندته روسيا.
صوتا روسيا وصربيا على عدم منح كوسوفو مقعدا بالاتحاد الأوروبي وهو ما يعني أنه ليس بإمكان كوسوفو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يوفا) أو إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). ودفع ذلك لاعبيها إلى اللعب بجوازات سفر دول أخرى أبرزها سويسرا.
الحرب
وفي فترة التسعينات فشلت مقاومة ألبانيا "السلمية" ضد حكم صربيا..
فشل لم يقبل بسهولة، فعادت مقاومة ألبانيا من جديد في أخر التسعينات ولكن هذه المرة مقاومة " مسلحة".
المقاومة المسلحة اتخذ هيئة منظمة، وظهر " جيش تحرير كوسوفو" ودخل في عديد من العمليات المسلحة بين الصرب والألبان في إقليم كوسوفو.
وهو هجوم مسلح مستمر أجبر منظمة " الناتو" على التدخل لإيقاف الحرب بعد 78 يوما.
وفي النهاية، تم الاعتراف بكوسوفو وزادت الحساسية السياسية بين ألبانيا وصربيا.
التليفزيون الصربي يتهم رئيس وزراء ألبانيا.. الخارجية تنفجر.. المراقب مذهول
وبالعودة إلى 2014..
عقب إيقاف المباراة بين المنتخبين، ذكر التليفزيون الصربي أن قوات الأمن قد ألقت القبض على شقيق رئيس وزراء ألبانيا في المكان المخصص لكبار الشخصيات للتحقيق بشأن واقعة العلم.
وأكد التليفزيون الصربي أن إيدي راما رئيس وزراء ألبانيا، غادر الملعب فور وصول الطائرة، ليتجه إلى المطار.
من جانبه انفجر وزير خارجية صربيا في تصريحات نقلها موقع " بيليتش " واصفا ما حدث بأنه "استفزاز سياسي".
مراقب المباراة من قبل الاتحاد الأوروبي لم يجد أي كلمات لوصف ما حدث، انهال عليه الذهول من الاشتباكات " غير الطبيعية" التي حدثت.
وقال المراقب في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام: "رأيتم جميعا ما حدث ولا يمكنني التعليق أو إلقاء اللوم على أحد، سأقدم تقريرا للاتحاد الذي سيحدد ما سيحدث بعد ذلك".
إيفانوفيتش قائد صربيا: حاولنا حمايتهم .. قائد ألبانيا: حتى عمال الاستاد اعتدوا علينا
وعلى عكس الجماهير والمسؤولين في البلدين، خرج قائد منتخب صربيا ولاعب تشيلسي برانيسلاف إيفانوفيتش مؤكدا محاولاته هو وزملائه في المنتخب مساندة وحماية منتخب ألبانيا.
وقال إيفانوفيتش عقب المباراة: "ما حدث لا يمكن تفسيره في هذه اللحظة، عملنا على حماية لاعبي ألبانيا في كل خطوة في الطريق إلى النفق".
و أضاف "أردت مواصلة اللعب، ولكن المنافس لم يكن جاهزا من الناحية الذهنية لمواصلة اللعب".
واختتم "يجب أن نشعر بالأسف مع تراجع كرة القدم خطوة الي الوراء لكن من الصعب استنتاج أي شيء أو التعليق بأي شيء الآن".
من جانبه لم يخف قائد منتخب صربيا لوريك كانا ما شاهده من دقائق مخيفة جدا بعد الاعتداء من قبل الجماهير.
وأشار لوريك أن الموضوع لم يتوقف عند اعتداء الجماهير فقط، بل وصل الأمر إلى اعتداء من قبل عمال ومشرفي الاستاد.
وقال كانا في تصريحات عقب المباراة: "شاهدت اعتداءات على لاعبي فريقي داخل النفق المؤدي لغرف تغيير الملابس من الجميع، حتى من مشرفي الاستاد".
وأضاف "لم نكن في حالة مناسبة لمواصلة اللعب".
لا يفوتك
حماس ونيران الجماهير تبدأ بالاشتعال مع ظهور طائرة " علم ألبانيا الكبرى"
قوات الأمن أمام جماهير صربيا
هجوم لاعبو صربيا على علم " ألبانيا الكبرى" وبداية الاشتباكات
حرب اشتباكات صربيا وألبانيا
شاهد صور حرب اشتباكات صربيا وألبانيا من هنا