ليس هذا بالطبع تقليلا من قدر زيدان صاحب المهارات المدهشة , والذى أعتبره أفضل موهبة انجبتها الملاعب خلال العشرين عاما الأخيرة , لكن الحقائق والأرقام تقول إن هنرى كان هو الاحق باللقب.
لقد كشفت تفاصيل الاستفتاء الذى اجراه الفيفا بمشاركة مدربى المنتخبات الوطنية فى العالم عن تخبط شديد فى اراء المدربين وعن اختيارات غير موضوعية , واغلب الظن ان معظمهم تناسى ان الاستفتاء كان عن أفضل لاعب لعام 2003 , فقد ظلوا متأثرين بـ(زيدان 2002) الذى احرز هدف الفوز لريال مدريد فى شباك بايرن ليفركوزن بطريقة رائعة , وأيضا برونالدو (موديل 2002) هداف كأس العالم بكوريا الجنوبية واليابان , وهى الصور التى حرمت هنرى من اللقب بل وغيره من اللاعبين الاكفاء مثل نجوم إيه. سى. ميلان واليوفنتوس وعلى رأسهم النجم التشيكى بافيل نيدفيد.
بل وكشفت تفاصيل اختيارات الاستفتاء عن مواقف وطرائف لها العجب مثل مدرب احدى جزر المحيط الهادى الذى اختار احد لاعبى الجزيرة لاحترافه فى نادى استرالى وزميله الذى اختار براد فريدل حارس مرمى نادى بلاكبيرن الإنجليزى.
اما عن هنرى , فقد كان الوحيد من المرشحين الثلاث الذى شارك فى بطولة كأس القارات المنظمة بواسطة الفيفا , فى حين ابتعد منافساه عن المشاركة رغم وجود منتخبى البرازيل وفرنسا فى البطولة , كما كشفت إحصاءات الاتحاد الدولى عن تهديده الدائم لمرمى المنافسين عبر 19 فرصة منها 11 تصويبة بين الثلاث خشبات متفوقا على كل مهاجمى البطولة.
وتوج هنرى هدافا للبطولة برصيد 4 اهداف , وقاد بلاده للحفاظ على اللقب بعد موسم طويل مع ناديه الأرسنال سجل خلاله 24 هدفا , وحصل على كأس انجلترا مع "المدفعجية" , بل وحصل هنرى على لقب افضل هداف فى العالم هذا العام ايضا بفضل سلسلة اهدافه الدولية مع منتخب فرنسا وناديه الارسنال فى بطولة اوروبا , متفوقا على اكبر هدافى العالم مثل رونالدو وراؤول جونزاليس ورود فان نستلروى.
أما على صعيد المهارات الفردية , فهنرى يصنع الاهداف أيضا بمهارة فائقة ولا يكتفي بتسجيلها , واسألوا مدافعى إنتر ميلان الذين كانوا آخر ضحاياه عندما انهزموا امام الأرسنال بالخمسة فى ملعبهم سان سيرو بدورى بطال اوروبا الشهر الماضى.
ولا يخلو اداء الهداف الفرنسى من المتعة , ولعل هذا ما جعل قراء مجلة أونز الفرنسية يرشحونه كأفضل لاعب هذا العام متفوقا على زيدان شخصيا نجم فرنسا الاول وابنها المدلل.
كل هذه الأسباب تجعلنى اشعر بأن هنرى تعرض للظلم بواسطة المدربين الذين لم يحسنوا تقييم إنجازات اللاعب خلال هذا العام واختاروا نجوما اكثر بريقا دون ان يكونوا قد حققوا شيئا هذا الموسم.
فريال مدريد الأسطورى المرصع بالنجوم الذى يلعب له الثنائى زيدان ورونالدو لم يستطع الفوز سوى ببطولة الدورى الإسبانى (بالعافية) وخرج من دورى ابطال اوروبا على يد "سيدة أوروبا العجوز" اليوفنتوس.
وكانت المجلات الرياضية ومواقع الانترنت الشهيرة فى العالم اكثر صدقا في اختيارها لنجوم عام 2003 , وهو ما يدل على ان جماهير الكرة قد تكون اكثر عدالة احيانا فى اختياراتها , بل واكثر متابعة لدنيا كرة القدم من المدربين!