الحقيقة ان قبول مثل هذا المبرر يعد أمرا صعبا للغاية (اذا كان المتحدث مجنونا فالمستمع عاقل) ، لأن مسئولى اللجنة المنظمة للبطولة أبدوا استعدادا لتأجيل لقاء الطلبة ، ونشر Filgoal.com تصريحات لعلى الداوود مدير البطولة يؤكد فيه ذلك قبل اتخاذ الأهلى قرار الانسحاب. وحتى بعد القرار ، اجتمع احد اعضاء اللجنة المنظمة مع حسن حمدى رئيس النادى ، وابدى له استعداد الطلبة العراقى لتأجيل المباراة ، غير أن حمدى أصر على الانسحاب ، والمصدر هنا أيضا هو على الداوود.
ليس هذا وحسب ، بل ان سمير زاهر ، نائب رئيس الاتحاد العربى ، صرح لإحدى القنوات التليفزيونية عقب القرار ان الاتحاد يستطيع تأجيل اللقاء فى حال طلب الأهلى ذلك ، بيد أن النادى القاهرى لم يطلب ، وبدا كما لو أن قرار اتحاد الكرة بمنع مشاركة اللاعبين الدوليين فى لقاء الطلبة جاء نجدة من السماء لغرض فى نفس يعقوب.
المضحك أن الأمر ليس جديدا ، اذ كان المجلس السابق برئاسة الدهشورى حرب قد اتخذ قرارا مماثلا فى نهاية العام الماضى ولنفس الأسباب ، وقال لى وقتها أحد أعضاء المجلس ان القرار جاء "نكاية فى" عثمان السعد امين عام الاتحاد العربى لانتقاده الاتحاد ، غير أن الأهلى لم يحرك ساكنا ، ولم نسمع اعتراضات أو تهديدات بالانسحاب...كلها جاءت قبل لقاء الزمالك ، فهل الأمر مجرد مصادفة؟ لا أعتقد!
الأكثر غرابة ، أن أمام الأهلى ثلاث مباريات قبل لقاء الطلبة ، فإذا فرضنا ان الاتحاد العربى رفض تأجيل لقاء الطلبة ، وهو أمر مستبعد ، فإن الأهلى يستطيع حسم تأهله للدور نصف النهائى قبل المباراة التى ستقام فى دمشق ضد فريق ينتمى الى دولة مزقتها الحرب ، فلا بطولة محلية منتظمة ، ولا ملاعب تدريب ولا جماهير تناصره ، الأمر الذى جعله "بعبعا" مخيفا لنادى القرن!
غير أن مجلس الأهلى لم يعبأ بكل هذا ، ولم تهتم جماهيره التى أيدت القرار بأن النادى سيخسر قرابة المليون جنيه جراء انسحابه من البطولة على اعتبار أن "الأهلى غنى والفلوس آخر همنا" رغم أن النادى لا يزال ، على حد علمى ، تابعا للدولة ، أى أن ما ينفقه وما يربحه من كرة القدم وغيرها من مصادر الدخل يعد مالا عاما.
وياليت الأمر قد توقف عند هذا الحد ، بل ذهب البعض ليؤكد ان الأهلى لم ير فى هذا القرار سوى مصلحة فريقه ، وهاجموا بسذاجة منتقدى القرار باعتبارهم منتفعين من أموال تحليل مباريات البطولة ، وكأن انسحاب الأهلى سيعنى توقف المباريات ، وطرد المحللين ، وتنكيس الأعلام ...وكأن النادى الأهلى معصوم من الخطأ ، وكأن اى منتقد لقراراته ، مهما كانت اسبابه وحججه ، مأجور ووحاقد ومنتفع!
ولست أدرى ماذا سيكون رد فعل الاتحاد الأوروبى لكرة القدم لو أن ناديا مثل ريال مدريد أو ميلان انسحب من دورى أبطال أوروبا لأى سبب كان ، ولكن دعونا من المقارنة فهى لن تعود على العقلاء سوى بضغط الدم ، ولن تجد من المتعصبين (وهم الأغلبية الساحقة) سوى ردود جاهزة من طراز: سلو بلدنا غير سلو بلدهم!
أكتب هنا لنفسى ، فأنا أعلم جيدا أننا "نؤذن فى مالطا" ، ومستعد لكل الردود ولن أكترث لها. مستعد للاتهامات الجاهزة بالانتماء للزمالك والتحيز ضد الأهلى رغم أننى واجهت عكس ذلك هنا من قبل عندما توقعت فوز الأهلى على الزمالك فى الدور الثانى من الدورى الموسم الماضى ، ولكنى لا ألوم أحدا على رأى ، والله من وراء القصد.