الطريقة الأولى هى "الردح بالصوت الحيانى" والمطالبة بمحاكمة المسئولين عن الملف فى ميدان التحرير واتهامهم بتضليل الرأى العام ، وهذا هو الاتجاه المتوقع لوسائل الاعلام فى الأيام القليلة المقبلة.
أما الطريقة الثانية فهى النظر للموقف بشئ من التأنى ، والبعد عن جلد الذات والمبالغة فى العويل وكأننا فى جنازة لنعلم ان "الصفر" نتيجة منطقية لمن لا يستطيع تنظيم مسابقة للدورى ، ومن لا يستطيع رسم سياسة ادارية اقتصادية للأندية ، ومن لا يستطيع ان يلتزم بقرار اتخذه ينص على اداء مباراة لا تقدم ولا تؤخر بدون جمهور.
اولى اسباب "الصفر" هو عدم اختيار شخصية قيادية ذات علاقات دولية متشعبة للترويج للملف ، وانا اعترف انه قرار صعب لأن الساحة الرياضية المصرية تعانى من ازمة قيادة. فلا كوادر قيادية باستثناء الدهشورى حرب وسمير زاهر ومحمد السياجى. أما الأول والثانى فمشغولان بسياسة "الدور" فى اتحاد الكرة ، فى حين ان الأخير روج للملف بجدارة فى كفر الشيخ ودمنهور والمنيا وكلها لم تكن حاضرة فى اجتماع زيوريخ.
اما هشام عزمى ، فيبقى اجدر شخصية مصرية للتخطيط الفنى بخبرته التى اكتسبها من سنين عمله بالفيفا كوض فى لجنة المهام الخاصة ، غير انه لا يتمتع هو الآخر بعلاقات قوية مع اعضاء اللجنة التنفيذية ، فخسر المعركة امام سعد الكتانى رئيس الملف المغربى ، ودانى جوردان من جنوب افريقيا الذى ضحك الضحكة الأخيرة.
بدون شخصيات رياضية واعية تتمتع بصفات القيادة ، خسر على الدين هلال وزير الشباب معركته قبل ان يدخلها ، فهو ليس رجلا رياضيا ولا يعلم شيئا عن سياسة الفيفا او معايير اختيار الدولة المنظمة. هو لا يعلم ، ولم يجد من يخبره بحقيقة الأمر ، فكان الصفر!
السبب الثانى هو غياب الشخصيات العامة وبعدها عن مساندة الملف ، ففى حين جندت جنوب افريقيا نيسلون مانديلا الذى ذهب بنفسه الى الكاريبى لحضور اجتماعات اتحاد الكونكاكاف ، اقتصر الدعم الدبلوماسى المصرى على مخاطبة سفارات الدول المعنية ، وهذا ليس كافيا ، وكانت نتيجته ان ايدت كتلة الكونكاكاف باللجنة جنوب افريقيا ، اما نحن؟ (راجع الصفر.)
وفى العرض النهائى وقبل التصويت ، ذهب مانديلا ، والرئيس الحالى ثابو مبيكى ، والرئيس الأسبق فريدريك ديكليرك ووزيرة الخارجية الحالية ، ووفد يضم 180 شخصا ، فى حين ذهبنا بعمر الشريف فقط بعد اعتذار بطرس غالى الذى عوضناه بطفل فى الخامسة عشرة من عمره ، وهو ما دفع العداء المغربى هشام الكروج للسؤال عن يوسف شاهين وعادل امام واحمد زويل!
السبب الثالث هو فساد طريقة الاقتراع ، وهو ما يتضح من تصريحات سيب بلاتر "شيخ الفيفا" عندما قال ان الاختيار اعتمد على العواطف ولم يستند الى التقرير الفنى للجنة التفتيش ، وكأن اللجنة جابت الدول الخمس للنزهة.
وكانت اللجنة قد منحت منصر تقدير "جيد جدا" بالتساوى مع المغرب ، علما انها ابدت قلقها ازاء عدد من النقاط اهمها الملاعب وتواضع مستوى المنشآت الصحية ، فى حين حصل الملف الجنوب افريقى على تقدير "ممتاز" لتوافر المنشآت الرياضية ، فكأس العالم يقام على ملاعب لكرة القدم ، وليس على القمر الصناعى.
كل ما تقدم يوضح ان "الصفر" كان منطقيا ، فإعداد ملف جيد جدا لم يكن كافيا كما قال بلاتر ، لأن الملف يحتاج لمن يروج له ، ويحتاج لدعم اعلامى مؤثر "غير ناطق باللغة العربية" ، وهو ، فى النهاية ، يحتاج الى شخصيات تبنى رأيها على اسباب فنية ومنطقية ، ولا تمنح تنظيم اكبر بطولة كروية فى العالم بسبب العاطفة.
تريدون اقالة وزير الشباب؟ فليكن ، ولكنه فى رأيى لا يتحمل مسئولية "الخواء" الذى يعيشه الوسط الرياضى المصرى ، ولن يستطيع وحده الارتقاء به ، حتى وان بقى فى منصبه 100 عام.