علاء شاهين

منظومة الفشل

كل "الخبراء" الذين وجهوا سهام النقد لفشل الملف المصرى لاستضافة كأس العالم 2010 فى الحصول على أى من أصوات أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا ، كانوا من قبل فى مواقع مسئولية وفشلوا ، وبعضهم سيعود لمواقع المسئولية ليكرر الفشل. <br>
الأحد، 13 يونيو 2004 - 14:22
كل "الخبراء" الذين وجهوا سهام النقد لفشل الملف المصرى لاستضافة كأس العالم 2010 فى الحصول على أى من أصوات أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا ، كانوا من قبل فى مواقع مسئولية وفشلوا ، وبعضهم سيعود لمواقع المسئولية ليكرر الفشل.

كلهم ، بلا استثناء ، اساتذة فى الفشل والعشوائية والتخبط الإدارى. ويأتى على رأسهم الثنائى الشهير "حرب-زاهر" ، فكل منهما تولى رئاسة اتحاد كرة القدم وحقق نصيبه من الاخفاق ، وقاد الكرة المصرية من سىء الى اسوأ ، مستفيدا من بعض النجاحات التى تحققت إما بالصدفة أو بمجهودات فردية.

حرب كان بين بين أوائل منتقدى فضيحة الملف (اعترف انها فضيحة) مؤكدا ضرورة حساب أعضاء اللجنة المسئولة عن اعداد وترويج الملف ، ناسيا ، أو متناسيا ، أنه هو الذى شكل هذه اللجنة اثناء رئاسته للاتحاد وأصر على اختيار محمد السياجى رئيسا لها ، وهو رجل طيب ولكن معلوماته عن علم الادارة لا تزيد كثيرا عن معلوماتى عن اللغة الصينية – وأنا لا أعرف من الأخيرة سوى كلمة واحدة (شى شى) وتعنى شكرا.

غير ان حرب لم يكن الوحيد من بين المسئولين السابقين الذين ساهموا فى اضفاء مزيد من العشوائية على الرياضة المصرية وانتقد الملف وطالبة بمحاسبة اللجنة ، بل انضم البه مجموعة من الخبراء – وهى طائفة ابتدعها الاعلام الرياضى تضم فى الغالب مدربين ومسئولين سابقين – وتسابقوا فى المزايدة على سمعة مصر والمطالبة بالتحقيق فى الواقعة وعزل وزير الشباب.

حتى حسين فهمى انتقد مسئولى الملف ، وكان له وجهة نظره الخاصة التى تكرمت احدى الصحف المستقلة بعرضها. وهكذا يصبح ماحدث فى ملف المونديال فشلا ، فى حين كان اخفاقه فى ادارة دورة واحدة لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى تعثرا أو مؤامرة أو سوء حظ.

لا أعرف وزير الشباب أو هشام عزمى شخصيا. والأخير لم أتحدث معه سوى مرات قليلة وكانت جميعها حوارات مهنية بحتة. ووزير الشباب الذى يطالب الجميع بإقالته عميد سابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ولم تكن له اية علاقة بالرياضة قبل توليه المنصب (لا توجد شخصية رياضية فى مصر مؤهلة لشغل هذا المنصب) واستقى معلوماته من "جهابذة" الوزارة واللجنة التى شكلها اتحاد الكرة وهو الجهة المسئولة عن ادارة كرة القدم فى مصر.

أما عزمى ، فيبقى الشخص الوحيد المؤهل لإعداد الملف الذى حصل على "جيد جدا" فى التقرير الفنى للفيفا وجاء ثانيا خلف جنوب افريقيا ، غير انه يفتقر الى العلاقات القوية التى تؤهله لترويجه ، وكان من الأولى ان يتولى احد رجال الأعمال البارزين رئاسة اللجنة كما فعل المغرب الذى اسند رئاسة لجنته الى سعد الكتانى ، فى حين اسندناها نحن للسياجى الذى روج للملف فى المحلة وكفر الشيخ.

والغريب ان من انتقدوا عزمى ، من مسئولين واعلاميين كان بعضهم اعضاء فى لجنة الملف وتم تحديد دورهم ، لا يمتلكون ايا من المهارات الأساسية التى تؤهلهم للقيام بهذا الدور – فلا إجادة لأية لغة (بما فيها اللغة العربية) ولا معرفة بمتطلبات الملف الى آخر ذلك.

ولكنهم كانوا يبحثون عن دور ، وعن مكان تحت الأضواء وصورة الى جوار الوزير. وكلهم تسابق الى غسل يديه من الفضيحة ، ساعدهم على ذلك اعلام رياضى يكتب ما يود الناس قراءته وليس ما يجب عليهم قراءته ، فأفرد صفحاته للإشاعات والأخبار المجهلة (بلا مصادر) ، وطالب بعضهم بمحاكمة أعضاء اللجنة علنيا وعلى الهواء مباشرة بتهمة تصليل الرأى العام واهدار الأموال (لم تستقر صحيفة واحدة على اجمالى ما تم صرفه على الملف ، ولم تذكر ايا منها ان 25 مليون جنيه جاءت من الرعاة) ناسين أن ذلك لم يحدث مع نواب القروض ووزراء سابقين حوكموا وادينوا واودعوا السجن.

ولكننا اعتدنا على ذلك. اعتدنا على المبالغة فى الفرحة عند الانتصار و "العويل" عند الهزيمة ، فألغينا العقل فى الحالتين.

الفشل ، يا سادة ، قديم ومزمن ومتراكم. ومن كان بيته من زجاج ، فمن الأفضل ألا يرمى الناس بالحجارة!