فجأة , وجد هذا المراهق الإنجليزي ، 18 عاما ، نفسه محط أنظار الجميع , فالصحافة الإنجليزية خرجت بعناوين مثل "روني يعيد كرة القدم إلى موطنها" و"روني بوتر" ، نسبة إلى سلسلة روايات "هاري بوتر" الشهيرة التي تتحدث عن ساحر صغير دائما ما يحقق انتصارات خيالية مذهلة ، وهو ما خلق حالة من "الهوس" بالمهاجم الصاعد لدى الجماهير الإنجليزية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل شبه زفين جوران إريكسون المدير الفني لإنجلترا لاعبه بأسطورة كرة القدم عبر التاريخ "بيليه" , وأكد الأخير أيضا على هذا التشبيه , قبل أن يقول المعجزة البرتغالية ايزيبيو هو الآخر إن هذا اللاعب سيغير شكل كرة القدم الحديثة!
وروني بالفعل لاعب يتمتع بموهبة فطرية كبيرة وقدر عال من الطموح , ولكن لا الموهبة ولا الطموح هما ما جعلاه النجم المفضل لوسائل الإعلام وأمل الإنجليز في أول بطولة كبرى منذ أكثر من 40 عاما.
الحقيقة أن وسائل الإعلام الإنجليزية وجدت ضالتها في هذا اللاعب الشاب الذي يملك كل المقومات التي تجعل الجماهير تثق فيه وتقبل على متابعة أخباره , وهو ما يعني بالطبع زيادة المبيعات والأرباح لتلك المؤسسات.
فديفيد بيكام ، قائد المنتخب ونجم ريال مدريد ، فقد بريقه كلاعب كرة لصالح بيكام نجم الإعلانات , فالإنجليز قد يتابعون الأخبار الشخصية لنجمهم الذهبي أو يفضلون المنتجات التي يعلن عنها ولكن عند الحديث عن كرة القدم فهم يعرفون في داخلهم أن بيكام ليس القائد الملهم للفريق مثل زيدان أو فيجو.
ومايكل أوين فقد صلاحيته للعب هذا الدور , فبعد أن قام به بكفاءة في كأس العالم 1998 لم يستطع الظهور بمثل هذا المستوى مجددا على المستوى الدولي.
إذن , فقد كان روني هو "السلعة" المثالية التي روجتها الصحافة الإنجليزية للجمهور "المسكين" الذي كان يحلم باستقبال أفراد المنتخب الإنجليزي العريق في المطار وهو يحملون ذهب أي بطولة كبرى.
وأجد نفسي مضطرا لتخيل عناوين تلك الصحف نفسها والتي لن تخرج عن كلمات مثل "خذلتنا" و"نهاية أسطورة " وذلك في حالة عدم تعرض روني للإصابة في مباراة البرتغال في دور الثمانية وإهداره فرصة محققة قبل نهاية المباراة أو تصديه لضربة ترجيح ضائعة تهدي التفوق لأصحاب الأرض.
فالصحافة الإنجليزية التي لم تتورع عن تسليط أضوائها المبهرة على روني ووضعه في دائرة كبيرة من الشهرة هي نفسها من ستحرقه بالأضواء ذاتها في حالة فشله أو تعرضه لأي إخفاق مع ناديه أو منتخب بلاده ، ولن تجد بعد ذلك صعوبة في العثور على "روني" جديد لترويجه والتكسب من ورائه.
روني الآن , وبعد أن أصبح الوجبة المفضلة على مائدة الصحافة الإنجليزية , بات أمامه ثلاثة طرق , إما أن يصاب بالغرور في حالات النجاح , وهو ما يعني انتهاء حياته الكروية قبل أن تبدأ ، أو التبلد في حالات الفشل , وهي المرحلة التي وصل إليها بيكام نفسه باعتبار أنه ضامن نجوميته بغض النظر عن الأداء في الملعب وهو ما جسده تصريحاته لوسائل الإعلام بأنه تعود على حالات الحزن والإحباط ويعرف كيف يتعامل معها.
أما الطريق الثالث وهو الأصعب أن يحافظ على نفسه وعلى موهبته ويتفرغ للكرة ويعلم أنه مازال أمامه الكثير ليتعلمه ويكتسبه قبل أن يقفز سعره إلى 50 مليون يورو ، بحسب تقدير رئيس نادي إيفرتون ، وقبل أن يكون في عظمة بيليه.