جلاء جاب الله

جوهراااي .. جوهري .. جوهاري .. جوهري

لا أنكر أنني من أشد المعجبين بالمدرب المصري المميز محمود الجوهري .. فهذا الرجل يكاد يتنفس كرة قدم .. ويأكل كرة قدم .. ويعيش كرة قدم .. لكني من منطلق هذا الإعجاب أعلن رفضي التام لعودته مديرا فنيا للمنتخب الوطني.. حرصا عليه وعلى تاريخه وعلى اسمه الرائع الذي حفره وسط صخور الكرة المصرية .. ولأنه ببساطة شديدة لا يصلح لهذه المرحلة وليس رجلها المناسب.
الخميس، 09 ديسمبر 2004 - 19:32
لا أنكر أنني من أشد المعجبين بالمدرب المصري المميز محمود الجوهري .. فهذا الرجل يكاد يتنفس كرة قدم .. ويأكل كرة قدم .. ويعيش كرة قدم .. لكني من منطلق هذا الإعجاب أعلن رفضي التام لعودته مديرا فنيا للمنتخب الوطني.. حرصا عليه وعلى تاريخه وعلى اسمه الرائع الذي حفره وسط صخور الكرة المصرية .. ولأنه ببساطة شديدة لا يصلح لهذه المرحلة وليس رجلها المناسب.

الجوهري نجح في سنوات طويلة أن يصنع لنفسه اسما كبيرا وتميزا فنيا سواء كلاعب في الأهلي حتى أطلقوا عليه " التيتش الصغير " تشبها بالتيتش نجم نجوم الأهلي .. أو مع المنتخب وفاز ببطولة أمم أفريقيا وكان هدافها المميز .. وسواء كمدرب في الأهلي حقق معه العديد من البطولات المحلية والقارية أو مع خصمه اللدود الزمالك وحقق معه العديد من الإنجازات لعل أهمها الفوز بكأس السوبر الأفريقي على حساب الأهلي في جوهانسبرج .

ومع المنتخب صنع الجوهري تاريخه الحقيقي ليس فقط بالفوز بأمم أفريقيا ليكون الوحيد الذي فاز بها لاعبا ومدربا .. بل أيضا قيادته لمنتخب مصر إلى مونديال إيطاليا 1990 لأول مرة في تاريخ الكرة المصرية بعد 56 عاما من الغياب عن المونديال.. وعندما تولى المسئولية الفنية للمنتخب الأردني أكد الجوهري بكفاءته أن الإنجازات التي حققها لم تكن وليدة الحظ بل عن جدارة واستحقاق .. فقد صنع للكرة الأردنية مكانة واسما في فترة زمنية وجيزة.

هذا هو الجوهري الذي هتفنا له " جوهرااااي .. جوهري " وصفقنا له بحرارة وحملناه على الأعناق وحاول البعض إعادته لقيادة منتخب مصر في المرحلة المقبلة .. لكنه ــ والعهدة على الراوي ــ رفض بإصرار والسبب كما يقول "الراوي" وهو مسئول كبير في وزارة الشباب طلب عدم ذكر اسمه أن أسرة الجوهري تخشى عليه من تدهور صحته ليس بسبب الانفعال مع اللعب أو التأثر بنتائج المباريات بل بسبب هتافات الجماهير والهجوم الإعلامي.

رفضي لعودة الجوهري ليس طبعا تقليلا من مكانته أو انجازاته وليس خوفا عليه من هجوم النقاد أو هتافات الجماهير .. بل لأن الجوهري ليس الرجل المناسب لهذه المرحلة التي نحلم فيها بالمستحيل وهو التأهل لمونديال 2006 ونهفو إلى الفوز بكأس أمم أفريقيا 2006 لأنه لا يمكن أن نقبل خسارة البطولة على أرضنا.

الجوهري من أفضل مدربي العالم في التعامل النفسي مع اللاعبين وتحديدا بعض النجوم مثل حسام حسن مثلا ولكن كل لاعبي المنتخب في حاجة للعلاج النمفسي تقريبا وتلك أزمة لا تتمشى مع طبيعة الجوهري الذي يتعامل أفضل مع النجوم الذين يصنعهم أو يشارك في صنع نجوميتهم لذلك يكون من الصعب أن يجيد التعامل مع البجيل الجديد من النجوم ولعلنا لم ننس بعد كيف أرهق نفسه مع إبراهيم سعيد وميدو ولم يصنع معهم شيئا !!.

الجوهري أيضا يعرف جيدا امكانيات اللاعب المصري ويعرف أن هؤلاء اللاعبين يحتاجون جهدا خرافيا ليستحقوا شرف ارتداء فانلة منتخب مصر فنيا ونفسيا ومعنويا وبدنيا ووطنيا وهذا الجهد لا يقدر عليه " جوهري 2004 " ففارق كبير بين الجوهري الآن و"جوهري 1990 " .. امكانيات الجوهري الصحية وخبراته وفكره ترشحه ليكون مديرا للكرة المصرية أو مستشارا للكرة والمنتخبات كلها ومديرا فنيا لاتحاد الكرة يعطي من تاريخه وجهده وفكره للكرة المصرية الكثير.

وتبقى نقطة مهمة : هل ستظل الكرة المصرية أسيرة لأسماء وأشخاص بأعينهم حتى نقضي على كل الأجيال التالية ؟ .. إذا لم يحصل جيل طخ بصري وحسن شحاته وأنور سلامة وغيرهم على فرصتهم الآن فمتى سيحصلون عليها ؟ إننا مع تواصل الأجيال وليس صراع الأجيال .. ولا بد أن يسلم الجوهري الراية لمن بعده بشرط ألا نحكم عليه بالبتعاد بل أن يستمر بقوة في المكان الذي يليق به وبمكانته وخبرته حتى نظل دائما نهتف له " جوهاري جوهراااي جوهري"