ويبدو أن السحابة السوداء بضبابها أصابت الكرة المصرية أيضا فقضت على شفافيتها المفترضة ، فأصبحت معرفة الحقيقة في أي أزمة بالكرة المصرية المسكينة ضربا من ضروب الخيال ، والباحث عنها كمن يبحث عن إبرة وسط كوم من القش ، وهذا ما حدث من قبل في أزمة شيكابالا مع الزمالك ويحدث حاليا في أزمة جيلبرتو مع الأهلي.
وقبل توجيه إتهامات جزافية لأي طرف من أطراف الأزمة لابد من التعرف على حقيقة الأزمة ، أو على الأقل طرحها من زواياها المختلفة ، وروايتها منذ الدقيقة الأولى لبدايتها ، وهي تفاصيل ربما لا يعرفها مسئولو الأهلي أنفسهم ، حصلت عليها من مصادر مختلفة لكنها مؤكدة ، لكنني سأحتفظ هنا بحقي كصحفي في الحفاظ على سرية مصادري.
الحكاية بدأت مع بداية فترة الانتقالات الحالية عندما طلب مونشنجلادباخ الألماني ضم البلجيكي فيليب ديمس الظهير الأيسر لجينشلربيرليجي التركي ، فقرر النادي التركي البحث عن بديل له يكون على نفس المستوى إن لم يكن أفضل ، وبالفعل وجد ضالته في الكاميروني بيير وومي لاعب إسبانيول الإسباني ، لكن مدير أعمال اللاعب الكاميروني اتصل به في اللحظة الأخيرة وأخبره أن نادي فرايبورج الألماني يرغب في ضمه بمقابل مادي أفضل كثيرا من العرض التركي ، ليطير اللاعب من بين أيدي الأتراك.
عاد جينشلر لرحلة البحث عن ظهير أيسر التي لم تطل هذه المرة ، ففي العاشر من شهر يناير الجاري عرض أحد وكلاء اللاعبين الأتراك الذي يملك مكتبا في مصر على النادي التركي جيلبرتو بعد أن تحدث مع ماريو سيلفا صديق جيلبرتو الشخصي ومدير العلاقات العامة بسفارة أنجولا الذي خاطب بدوره محامي اللاعب ، وهو أشهر محاميي اللاعبين في أنجولا وأخرج معظم لاعبي أنجولا المحترفين في أوروبا ، وعرف منه أن عقد اللاعب سينتهي في شهر يونيو المقبل.
وبالفعل قام جيلبرتو يوم الأربعاء الماضي بتوقيع عقدا مع جينشلربيرليجي لمدة ثلاثة مواسم مقابل مليون دولار بعدما تأكد الطرفان من أن اللاعب يتبق على عقده أقل من ستة أشهر ، وتحديدا في التاسع والعشرين من شهر مايو القادم ، ليصبح اللاعب من حق النادي التركي رسميا خلال الموسم المقبل 2005-2006.
وبعد أن تيقن جينشلر من ضم جيلبرتو بدأ مفاوضات مع الأهلي لضم اللاعب على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم مقابل مبلغ رمزي لا يتجاوز 150 ألف دولارا ، وفوجئ مسئولو الأهلي بوكيل أعمال اللاعب ، الذي وكله النادي التركي ، يفجر المفاجأة في وجوههم ويعلمهم بأن جيلبرتو سيرحل عن الفريق مع نهاية الموسم الحالي ، وأن أكثر فائدة يمكن أن يحصل عليها الأهلي تتمثل في 150 ألف دولار في حالة موافقته على الاستغناء عن اللاعب ، فأعطى مسئولو الأهلي فرصة لمندوبي النادي التركي حتى يوم السبت للرد النهائي عليهم.
إن رحيل جيلبرتو ضربة قوية للنادي الأهلي ، الذي لم يحرز هدفا واحد من الجبهة اليسرى منذ غياب جيلبرتو بعد مباراة غزل المحلة في الكأس ، بل لم يلعب كرة عرضية صحيحة واحدة من الجهة اليسرى ، وأصبح الأهلي "مكسور الجناح الأيسر" في ظل المستوى الضعيف لأبو مسلم وعبد الوهاب ، وهو ما دعى جوزيه في معظم المباريات التي تأزم فيها موقف الفريق إلى إخراج الظهير الأيسر له واللعب بجبهة واحدة هي الجبهة اليمنى.
وأظهر تغيير البرتغالي مانويل جوزيه لجيلبرتو ، قبل نهاية الشوط الأول من مباراته أمام البلدية وبعد التقدم بهدف ، نيته في الاستغناء عن لاعبه المتميز والاستفادة بالمقابل المادي الزهيد ، خاصة وأنه لم يشركه في الجهة اليسرى وفضل إشراك أبو مسلم الذي أصبح الاختيار الأول في الجهة اليسرى ، وهو ليس اختيارا بالمعنى المفهوم وإنما أقرب منه إلى الإجبار.
ورغم محاولة مسئولي الأهلي من تهوين رحيل جيلبرتو ، فإنه من المؤكد أن الأهلي خسر فنيا وماديا من رحيل واحد من أفضل لاعبيه في السنوات الماضية والموسم الحالي أيضا ، فمن الناحية الفنية هو أفضل لاعب على الجانب الأيسر هذا الموسم ، كما أن مستواه ثابت دائما ، وهو أكثر لاعبي الأهلي امتلاكا للعقلية الاحترافية ، ولا انسى ما قاله عنه جوزيه في 2003 عندما خسر الأهلي أمام المريخ السوداني 3-1 في السودان ، عندما قال إن جيلبرتو هو اللاعب الوحيد في صفوف فريقه الذي أدى بكل جدية طوال المباراة وإنه اللاعب الوحيد الذي يلعب دائما بكل جدية أيا كان مستوى الخصم.
أما من الناحية المادية ، فالأهلي تعاقد مع إيفيلينو وجيلبرتو من بيترو أتليتيكو مقابل 1،5 مل