وسر حزني هو أن إخفاقات منتخب اليد غريبة ومحيرة ، ليس فقط لأنها بلا مبرر واضح ، وإنما لأنه يتخللها إنجازات غير مسبوقة ، فالإخفاق الكبير للمنتخب في دورة الألعاب الأوليمبية بأثينا أعقبه فوز المنتخب نفسه ببطولة كأس العالم لكرة اليد الشاطئية ، هذا الاهتزاز العجيب في مستوى اللاعبين فى رأيي الشخصى راجع إلى التغيير المستمر فى الجهاز الفنى والإدارى للفريق في الآونة الأخيرة ، فما إن يعتاد اللاعبون على نظام وأسلوب محدد وواضح إلا وتبدأ عملية التغيير.
وقد يظهر هذا التغيير للبعض مسألة بسيطة ، إلا أنه شديد التأثير على اللاعبين ، وخاصة في لعبة جماعية تعتمد على التجانس والنظام والاستقرار مثل اليد ، فما إن يعتاد اللاعب على نظام وأسلوب تدريبى محدد إلا ويجد نفسه مطالباً بتغيير كل هذا تماشياً مع النظام الجديد، كما أن المدرب نفسه يجد نفسه مطالباً بالقيام بدور "علاء الدين" وهو يحاول بين يوم وليلة تحويل اللاعبين الموجودين معه إلى أمهر وأفضل من لعب كرة اليد على الإطلاق ، ليكتسح من يحاول الوقوف فى طريقه ، وهذا الشعور فى حد ذاته يجعل المدرب يشعر بأنه يقف على أرض مهتزة معرضة للانهيار في أي وقت ، مما يعمق شعوره بعدم الانتماء للفريق الذي يقوده.
ولكن كل ما أقوله هذا لا ينفي الخطأ عن لاعبينا ، فعليهم يقع العبء الأكبر وراء ما حدث في تونس ، فمنذ حصول مصر على المركز الرابع فى كأس العالم بفرنسا عام 2001 ، وجد اللاعبون أنفسهم وسط دائرة الضوء قبل تنظيم مصر لبطولة كأس العالم عام 1999 ، وجدوا أنهم فجأة أصبحوا ينافسون مشاهير كرة القدم فى الإعلانات التجارية وفي برامج الحوارات التليفزيونية ، وبدأوا يهتمون أكثر بهذه الأضواء ، وهو ما نتج عنه وقتها حصول المنتخب في هذه البطولة على المركز الثاني عشر بعد أن كان المركز السادس هو أسوأ ما حصل عليه هذا المنتخب منذ زمن بعيد.
ولم يتمكن المنتخب المصرى لكرة اليد من الخروج من هذه الدائرة حتى يومنا هذا ، فما زال الكثير من اللاعبين غير قادرين على مواجهة الأضواء والضغط الجماهيري ، في الوقت الذي وجدنا فيه أن الجمهور التونسي كان عاملا مؤثرا في صالح فريقه وليس عائقا ضده كما زعم البعض عندنا في مونديال القاهرة 99 ، وظهر أن المسألى ليست مسألة جمهور بالنسبة لنا ، ولكنها مسألة نظام وإعداد ولاعبين ، وكانت النتيجة هو ما حدص لهم في تونس.
وعند بداية متابعتى لهذه المباريات ، افتقدت منذ اللحظة الأولى – بحكم معرفتي باللعبة بوصفي ممارسة لها بشكل رسمي – افتقدت إلى ما يمكن أن نسميه "روح الفريق" فى هذه المباريات ، فما شاهدته كان من البداية عبارة عن بعض اللاعبين الذين يعتمدون بصورة رئيسية على مهاراتهم الفردية فى إحراز أو صد الأهداف ، والدليل على ذلك أن مباريات عديدة سهلة كادت أن تفلت من بين أيدينا رغم سهولتها ، مثل مباراتي يوجوسلافيا (صربيا والجبل الأسود) والبرازيل ، بينما خسرنا من ألمانيا والنرويج ، رغم أنهما فريقان تم تجديدهما مؤخرا ، ويفترض أن يخسرا أمامنا بالفعل إذا كنا نحن أفضل منهما.
أنا لا أشكك فى أن المهارات الفردية هى أهم مقومات لاعب كرة اليد الجيد، فلولا المهارات الفردية لحسن يسرى وبعض الوجوه الشابة أمثال هاني الفخرانى وأحمد الأحمر لما تمكن فريقنا من اجتياز المباريات التي فزنا فيها في هذا المونديال ، ولكن ما أذهلنى هو أن يكون هذا هو الأساس الوحيد الذي بني عليه تشكيل المنتخب ، هذا بالإضافة الى الأخطاء الفردية أيضاً التى لا يصح لفريق يلعب في كأس العالم لليد أن يقع فيها ، بل وبعضها يستحق أن يوضع في موسوعة تخصص لغرائب وعجائب كرة اليد فى العالم!
كل هذا "كوم" ، وهذا التحول العجيب في مستوى نجم المنتخب حسين زكي "كوم آخر" ، فلا خلاف على أن مستواه فى هبوط مستمر ، ولكن المدهش أن ثقته بنفسه في تصاعد دائم!
فبعد ما قرأته عن الحوار الذى أجري مع اللاعب عبر بعض وسائل الإعلام المصرية وعلقنا عليه هنا في مقال سابق Filgoal.com وجدت نفسى أحاول أن أجد لمثلي الأعلى في ملاعب اليد عذراً يبرر غروره الواضح ، ويبدو أنني قتلت نفسى بحثاً عن هذا المبرر ، لأنني بالفعل تمكنت من اكتشاف الأسباب.
فحسين زكي منذ حصوله على لقب أحسن لاعب فى بطولة كأس العالم للشباب بقطر التى حصل فيها المنتخب المصرى على المركز الثالث ، شعر بأنه منذ ذلك الحين أصبح – أو يفترض فيه كذلك فعلا - هو أمل الجميع