قل لي ما هدفك أو مشروعك ، أقل لك ما الذي ستحققه ، وطالما أنك لا تملك هدفا محددا ، وليس لديك أي طموح في أي شيء ، أو أنك تخطط لتحقيق هدف تافه لا أهمية له ولا طائل منه ، فلن تنجز شيئا يستحق ، وهذا هو سر الفوز الكبير الذي حققه الأهلي .. بالقمة .. وبالدوري.
بداية ، دخل الأهلي لقاء القمة الـ95 ، مع كامل تحفظي على مسمى القمة هذا ، وهو يضع نصب عينيه هدفا رئيسيا واضحا هو إعلان جدارته بالفوز بالدوري فعليا وواقعيا وعمليا ، وخطط لاستكمال القضاء على جميع منافسه "بالقاضية" ، ولإسعاد جماهيره "الرائعة" بعد ثلاث سنوات عجاف ، وفي النهاية ، حقق كل ما يصبو إليه.
إذن ، كان الهدف أكبر بكثير من مجرد الفوز بمباراة ، وأبعد بكثير من مجرد "العكننة" على منافس ، وأغلى وأهم بكثير من مجرد ترقيص لاعب أو عمل "سبعة" أو "كوبري" أو غيره ، فماذا كان هدف الزمالك من المباراة إذن؟!
دخل الزمالك هذه المباراة وليس في ذهن لاعبيه وجهازهم الفني ومجلس إدارته إلا "العكننة" و"النكد" على فريق يستحق الفوز بالدوري وعلى جماهير وفية لا يملك مثلها ولا حتى ربعها.
دخل لاعبو الزمالك المباراة وكل لاعب فيهم يفكر في كيفية إثبات أنه الأفضل من نظيره في الفريق الأحمر ، معظمهم كان له هدف شخصي بحت ، عبد الواحد يريد أن يثبت أنه الأفضل من الحضري ، إبراهيم سعيد يريد أن يثبت أن الأهلي "بيقطع هدومه من غيره" ، رغم أنه كانت أمامه فرصة ذهبية لتحقيق ذلك ، عبد الحليم علي يريد أن يثبت أنه الأجدر من متعب بلقب هداف الدوري ، تامر عبد الحميد يرى أيضا أنه أفضل من شوقي ، ومدحت عبد الهادي ينظر إلى مكانه في المنتخب الذي ضاع بسبب تألق وائل جمعة وعماد النحاس ، ورمزي يرى أنه أعظم من جوزيه ، حتى مجلس إدارة الزمالك ، كل عضو منهم لم يكن في ذهنه إلا الانتخابات القادمة.
كل هذه الأهداف كانت ستبدو مشروعة وطبيعية لو كان هذا النادي الأبيض يملك إدارة قوية واعية لا تفكر بعقليات جماهير الدرجة الثالثة ، إدارة قادرة على صهر كل هذه الأهداف الفردية في بوتقة واحدة منذ بداية الموسم وليس في مباراة الأهلي وحدها ، ولكن لأن مشكلة الزمالك أساسا في الإدارة التي أصبحت "نقمة" عليه ، وليست في كابرال ولا في اللاعبين ، فقد حدث ما حدث ، وتلقى أبناء ميت عقبة لطمة عنيفة أتمنى أن تكون قد أفاقتهم وأثبتت لهم أن الحظ لا يقف مع الكسالى ، وأن مفاجآت لقاءات القمة وحساباتها الخاصة ليس لها مكان في مباراة بين فريقين أحدهما ينهار ، والآخر يزداد ثقة في إمكانياته يوما بعد آخر ولديه طموحات أكبر بكثير من مجرد الفوز على الزمالك.
والفرصتان اللتان أضاعهما عبد الحليم علي في الشوط الأول كانت خير دليل على ما أقول ، فقد كان الزمالك أفضل نسبيا في هذا الشوط ، وكانت فرصه أكثر خطورة ، وكان قادرا على إحراز هدف مبكر على الأقل ، ولكن الحظ لم يخدمه ، ولا القائم أيضا ، بل وقف مع الأهلي المجتهد في الشوط الثاني ، خاصة وأن الأهلي لم يبدأ اجتهاده في هذا الشوط فحسب ، بل بدأه من الموسم الماضي عندما تعاقد مع أبو تريكة وحسن مصطفى ، وأعاد جوزيه ، ثم ضم النحاس وبركات ، وخطط لاستعادة الدرع المفقود ، وبث الروح في نفوس لاعبيه وجماهيره ، بل إنني أكاد أجزم بأن كرة عبد الحليم لو كانت دخلت المرمى ولم ترتطم بالقائم ، لكان الأهلي قد أحرز هدفين وثلاثة أيضا ، لأن الهدف موجود ، والطموح موجود ، والروح موجودة.
ولكن الذي حدث أن الأهلي بادر بالتسجيل ، وبهدف متعب الأول ، أفاق لاعبو الزمالك من سباتهم ، ووجدوا أنفسهم ، ولا مؤاخذة "مش متغطيين كويس" ، فحدث ما حدث ، ودخل الثاني والثالث ، وكان من الممكن أن يضيف الأهلي الرابع والخامس ، لولا "الروح الرياضية" على رأي الكابتن حمادة إمام معلق المباراة!
مبروك للأهلي الدوري ، فمن يستحقه غيره ، ومبروك الفوز الكبير على الزمالك ، و"هارد لك" للاعبي الفريق الأبيض على هذه الهزيمة ، فهي رغم بشاعتها لم تخرجهم عن شعورهم كما اعتادوا في مباريات سابقة محليا وعربيا ، بل تقبلوا النتيجة بصدر رحب ، وخرجوا من الملعب ليصافحوا زملاءهم وليصفقوا لجماهير الأهلي ، ربما من فرط شعورهم أنهم لا يملكون مثل هذه "النعمة"!
ومرة أخرى ، أكرر ما ذكرته في مقال سابق : فوز الأهلي بالدوري ليس إنجازا ، فالتاريخ يؤكد أن هذا هو الواقع ، وفوزه بالثلاثة أو حتى بالعشرة على فريق "أبيض" كالذي شاهدناه يوم السبت لا يختلف كثيرا عن فوزه على البلدية "المكافح" أو الأسمنت