بعضهم قال : "أصل صالح سليم بيتكلم وهوة مرتاح ، وإللي إيده في المية مش زي إللي إيده في النار" ، والبعض الآخر قال "ما إحنا لو كنا هاجمنا هولندا كان دفاعنا ها ينفتح وكنا ها نشيل تلاتة أربعة" ، والبعض الآخر قال : "صالح أصله مش طايق الجوهري ولازم يطلعه غلط"!
ومن يوميها ، وإحنا سلو بلدنا كدة ، ندافع ثم ندافع ثم ندافع ، نلعب بواحد ليبرو وقدامه تلاتة أو أربعة "ستوبرز"! وظهيري جنب لا يهاجمان ، وعندك اتنين لاعبين خط وسط مدافع ، وتيجي تدور على مهاجمين ما تلاقيش فيه لعيبة خلاص ، حتى على أرضنا ، اتغلبنا من "طوب الأرض".
الدفاع هو البطولة ، وإضاعة الفرص أصبحت في حد ذاتها بطولة ، حتى في الفترات التي جاء فيها مدربون أجانب وحاولوا اللعب بدون ليبرو ، وبطريقة 4-4-2 أو بفكر هجومي ، تجد أنه مع أول هزيمة تثور ثورة الثائرين ، ويطالبون بالعودة إلى الليبرو ، وبالعودة إلى تأمين الدفاع ، علما بأن أي فريق يدافع لابد أن تكون لديه قدرة على القيام بهجمات مرتدة سريعة ، ولكننا كنا ندافع وبس!
وفي مباراة مثل مباراة مصر والكاميرون في كأس الأمم الأفريقية الماضية بتونس ، دخلنا المباراة ونحن ندافع ، ولم نفعل شيئا إلا الدفاع ، رغم أنه لم يكن أمامنا إلا الفوز ، وأن الكاميرون كانت "واقعة" باعتراف مدربهم ، ولهذا خرجنا متعادلين بدون أهداف!
وكانت نتيجة هذا الفكر أننا خسرنا بطولات ومباريات ، وتراجعت كرة البلد كلها على مستوى الأندية والمنتخبات ، رغم حدوث بعض الاستثناءات ، وهذا من فضل الله وحده!
وهذه الأيام ، أظنكم تتفقون معي في أن الكرة المصرية لم تشهد في أي فترة من فتراتها هذا الكم الهائل من المهاجمين والهدافين القادرين على قيادة خط هجوم "محترم" لمنتخب مصر ، بعد أن عشنا سنوات طويلة من القحط لم يكن فيها سوى حسام حسن ، الذي كنا نضطر - إن غاب - إلى أحد خيارين : إما إشراكه مصابا ، أو الإضطرار إلى الدفع به وهو في حالة فنية يرثى لها ، أو اللعب بدون مهاجمين أصلا بحجة الاعتماد على "القادمين من الخلف" ، وهو ما جعلنا نخسر "الجلد والسقط"!
وبعيدا عن حسام حسن الذي لم يعد في المنتخب ، لدينا الآن - والكلام عن رأس الحربة الصريح وليس عن لاعب الوسط المهاجم - كل من ميدو وعماد متعب وعمرو زكي وأسامة حسني وعبد الحليم علي ومحمد محسن أبو جريشة ومجدي عبد العاطي ومحمد اليماني ، هؤلاء يكفون ، فأي اثنين منهم يقدران على قيادة خط هجوم المنتخب ، وبعضهم موجود بالفعل في معسكر الإعداد لمباراة ليبيا ، وبعضهم لن يشارك إما للإصابة أم للاستبعاد.
وما أقوله ليس باختراع ، وليس شيئا خفيا لا يعرفه أحد ، فنتيجته المنطقية والطبيعية ظهرت من خلال الفاعلية الهجومية التي بدا عليها منتخبنا في مبارياته الودية الأخيرة أمام كل من السعودية وبلجيكا وكوريا الجنوبية ، ساعد على ذلك أن جميع لاعبي الخطوط الخلفية بلا استثناء هم من اللاعبين شديدي الإيجابية على المرمى ، فجميعهم هدافون ، بداية من وائل جمعة وعبد الظاهر السقا ومرورا بطارق السيد وإسلام الشاطر ، ونهاية بأبو تريكة وبركات وطارق السعيد وسمير صبري وحسن مصطفى.
ومما يعزز هذه "الإيجابية" الهجومية ، هو أن فكر حسن شحاتة نفسه ، ومن قبله تارديللي والحق يقال ، كان فكرا هجوميا صريحا ، حتى إننا بدأنا نشعر بأن الفريق المصري أصبح - وللمرة الأولى منذ فترة طويلة - يلعب كرة جميلة تستحق التصفيق والتشجيع والإعجاب من قبل الجماهير المنافسة ذاتها!
إذن ما الذي يمنعنا من أن نهاجم؟ هل سنهاجم فقط في مباريات ليبيا وبنين والسودان في القاهرة ، ثم نتوجه إلى كوت ديفوار والكاميرون للدفاع من جديد؟! هل سننافس على كأس الأمم الأفريقية القادمة على أرضنا ونحن ندافع؟
وليس مطلوبا منا أن نهاجم فحسب ، ولكن الأهم من ذلك هو أن نحرص على شيئين : الأول هو الإقلال من الأخطاء الدفاعية الساذجة التي كلفتنا خمسة أهداف في مباراة فرنسا الودية وهدفين في مباراة الكاميرون ، وثلاثة أمام بنين ، واثنين أمام ليبيا ، أما ثانيا فهو ضرورة الإقلال من إهدار الفرص السهلة أمام المرمى ، لأنني بصراحة بدأت أتشاءم من أي مباراة لأي فريق مصري يبدؤها بإضاعة أكثر من فرصة سهلة ، لأنني أستشعر وقتها سريعا أن المباراة "هاتضيع من إيدينا" بسبب هذه الفرص!
وبعض لاعبينا لديه مرض إسمه "هوس الفرص الضائعة" ، وأعتقد أن هناك لاعبين يستمتعون بإضاعة الفرصة أكثر من استمتاعهم بالهدف نفسه ، يمكن لأنه "كدة