نصري عصمت

فيرجسون .. في الشارع!

لم أستطع إخفاء دهشتي الشديدة من التصريحات الأخيرة لديفيد جيل المدير التنفيذي لمانشستر يونايتد التي ألمح خلالها إلى إمكانية إقالة السير أليكس فيرجسون من منصبه كمدير فني للفريق ، وتسألت : هل حان الوقت حقا لإنهاء مسيرة الرجل مع "الشياطين الحمر".
الخميس، 31 مارس 2005 - 16:31
لم أستطع إخفاء دهشتي الشديدة من التصريحات الأخيرة لديفيد جيل المدير التنفيذي لمانشستر يونايتد التي ألمح خلالها إلى إمكانية إقالة السير أليكس فيرجسون من منصبه كمدير فني للفريق ، وتسألت : هل حان الوقت حقا لإنهاء مسيرة الرجل مع "الشياطين الحمر".

ورغم تراجع جيل عن تصريحاته ، فإن دهشتي تعود إلى أن التلويح بإقالة الرجل يعكس تحولا مثيرا وغير مسبوق في سياسة الإدارة التي كانت تعتبر مدربها الأسطوري الثابت في موقعه منذ عام 1986 أحد ثوابت مانشستر تماما مثل ملعب أولد ترافورد أو "الشيطان الأصفر" المطبوع على شعار الفريق.

وللإجابة على التساؤل ينبغي أن يدرك الجميع أن هذا التصريح صدر بعد ساعات قليلة من إعلان تراجع أرباح النادي بنسبة 54 بالمائة عن الموسم الماضي ، كنتيجة طبيعية للخروج المبكر من دوري أبطال أوروبا والفشل في الفوز بالدوري الإنجليزي مرتين متتاليتين.

وكشفت تصريحات جيل أن إدارة مانشستر كمجلس إدارة مثل أي شركة تجارية ، لا يعنيها شيئا عن فوز الفريق ببطولات من عدمه بقدر ما يقلقهم بشدة أن تتراجع أرباحهم ، وهو ما يتناقض حسب اعتقادي مع الهدف الذي يدعم المشجعون بسببه الفريق ، وهو الرغبة في الفوز والمتعة بمشاهدة الأداء ، وإلا فلماذا لم يلحظ مجلس الإدارة الخسائر المخزية والعروض المملة التي قدمها الفريق منذ فترة طويلة.

وأزعم أن فيرجسون سيفقد الهالة المضيئة من حوله كمدرب "غير قابل للمس" من الموسم المقبل ، وسيجد نفسه كأي مدرب مبتدىء موضوع تحت ضغط عقب كل مباراة ينتظر الإقالة في حال عدم تحقيق النتائج المطلوبة ، وذلك لأن الإدارة لن تتقبل مزيدا من الخسائر المالية ، وقد يجد نفسه "في الشارع" مع نهاية الموسم إذا لم يفز بالدوري مهما نفت إدارة "الشياطين" هذا الاحتمال هذه الأيام.

وقد لا تنفق جميعا مع أسلوب إدارة مانشستر في التعامل مع فيرجسون والتي يتم تقييمه فيها حسب أرباح النادي ، لكن الرجل ارتكب أخطاء لا تغتفر خلال العامين الماضيين خاصة في أسلوب إنفاقه على أموال صفقات بيع وشراء اللاعبين.

فيكفي أن مانشستر كان في مقدوره أن يجمع ثلاثة من أبرز لاعبي العالم حاليا ضمن تشكيلته وفقدهم جميعا بسذاجة بالغة ، وهم قائده السابق ديفيد بيكام ولاعب الوسط الأرجنتيني خوان سباستيان فيرون والساحر البرازيلي رونالدينيو الذي خطفه برشلونة ، وأيا كانت الانتقادات التي وجهت إليهم ، فهم بالتأكيد أفضل من الكاميروني دجيمبا دجيمبا ودارين فليتشر وفيليب نيفيل وكليبرسون.

لقد صار الفريق فارغا من النجوم ما عدا رموز العصر الذهبي مثل جيجز وسكولز وكين ، وأعلن فيرجسون عن سياسة جديدة لضم نجوم شباب لا يختلف أحد حول موهبتهم مثل كريستيانو رونالدو وواين روني وقال المدرب : انتظرونا بعد خمسة سنوات.

ولم يسع فيرجسون لوضع حل حقيقي لأزمة حارس المرمى في الفريق منذ اعتزال الحارس الأسطوري بيتر شمايكل ورحيل فابيان بارتيز ، وظل يعتمد منذ موسمين على حارسين إسماهما روي كارول وتيم هوارد ، وربما الأخير منضم لأسباب تسويقية لبيع منتجات النادي في الولايات المتحدة.

ولم يسأل فيرجسون نفسه لماذا يجب على الإدارة والجماهير أن تنتظر خلاصة هذه التجارب ، ولماذا دفع مبالغ قياسية لضم هؤلاء الشباب فيما كان بوسعه ضم نجوما كبار اكتمل نضجهم بذات المقابل المادي أو أقل .. وقد طرح هذه النقطة على وجه الخصوص أحد كتاب صحيفة التايمز حينما أشار إلى أن فريق مثل ميلان استطاع بمدافعين تعدوا الخامسة والثلاثين مثل مالديني وكوستاكورتا وكافو أن يهزم شباب مانشستر.

ونجح الإيطاليين بفريق يضم لاعبين من أصحاب الخبرة كسيدورف وستام في "بهدلة" كرامة مانشستر ذهابا وإيابا ، كما أذل تشيلسي ناصية "الشياطين الحمر" طوال الموسم الحالي أكثر من مرة ، ولذلك كان من الطبيعي ان يغادر الفريق دوري أبطال أوروبا ويبتعد عن المنافسة عن البطولات.

أما جيل مدير النادي فقد أضحك الأوروبيين كما أضحكنا عندما طالب بتغيير نظام دوري ابطال اوروبا ليكون "على مقاس" فريقه واتهم قرعة البطولة بظلم فريقه ووضعه في مواجهة ميلان "الجبار" ، متناسيا أن حلوله ثانيا في مجموعته بعد ليون هو سبب وضعه المحرج.

ودعا جيل الأندية الكبرى للوقوف مع مانشستر وحاول تحريض ميلان على استخدام نفوذ الأندية الكبرى لتحقيق هدفه ، وهو ما يفقد البطولة أبسط معاني التنافس الرياضي ، ويفقدنا كمشاهدين أيضا متعة المشاهدة.

وفي النهاية أعتقد أن الموسم المقبل سيحمل الكثير لعشاق مانشستر ، وقد يشهد إقالة فيرجسون الأسطورة الحية من منصبه ، ربما لانخفاض مبيعات الأكواب المطبوع عليها شعار النادي في متاجر جنوب العاصمة الصينية بكين.