طلب غريب ومرفوض تماما ، وهو لا يسعى إلا لمصلحة الأندية التي هبطت الى الدرجة الثانية ، والتي تريد اللعب في الدوري الممتاز بـ "العافية" ، ومعها بعض الفرق التي فشلت في الصعود في اللحظة الأخيرة مثل طنطا ، بالاضافة الى بعض الفرق التي لا ناقة لها ولا جمل مثل منتخب السويس وجولدي ومالية كفر الزيات والرباط وأنوار السفن ، والتي لا أعتقد أنها حتى سوف تستفيد بالصعود في حالة اقرار مثل هذا النظام "المدمر" ، ولا أعلم لماذا تطلب مثل هذا الطلب!
ويتحجج مقدمو هذا الطلب بهبوط أندية جماهيرية ، وصعود أندية شركات بدلا منها الى الدوري الممتاز ، وهو بالفعل سبب في غاية الاستفزاز.
هل رأى أحد من قبل أي لاعب من صفوف البلدية أو المنصورة أو الترسانة في صفوف منتخب مصر من قبل ، على الأقل خلال الـ 15 سنة الأخيرة ؟ ولو افترضنا أن هذه الأندية من أصحاب الجماهير الغفيرة ، أين هم هؤلاء الجماهير ؟
البلدية جمهوره قليل جدا بسبب انتماء الغالبية العظمى من جماهير مدينة المحلة الى فريق غزل المحلة ، وجمهور المنصورة لا أراه إلا في مباريات الأهلي والزمالك ، وفي باقي مباريات الدوري تكون المدرجات خاوية ، علما بأن ستاد المنصورة سعته االقصوى نحو 20 ألف متفرج فقط ، أما الترسانة ، فقد انتهى عصره الذهبي منذ سبعينات القرن الماضي ، ولا أعتقد أنه من الممكن احتسابه الآن ضمن الأندية الجماهيرية ، مع كامل احترامي لمشجعيه.
في المقابل ، ارتفع مستوى الدوري لأول مرة منذ فترات طويلة بوجود إنبي وحرس الحدود وأسمنت السويس ، ورأينا نجوم جدد تظهر في تلك الأندية ، بل إن منتخب مصر أصبح يوجد به لاعبون من إنبي والحدود ، بعدما ظل مقتصرا على لاعبي الأهلي والزمالك والإسماعيلي لفترات طويلة.
كما أن الجماهير المصرية في الأصل لا تقبل على مشاهدة المباريات في الملعب باستثناء مباريات الأهلي والزمالك لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن ، بمعنى أن في مباراة المنصورة مع البلدية لا نجد الملعب ممتلئ عن آخره لمشاهدة "دربي" الدلتا!
الخلاصة ، الدوري الممتاز ارتفع مستواه بوجود فرق مثل إنبي والحدود وأسمنت السويس ، ومن قبل المقاولون العرب ، ولا أعتقد أن شعبية البطولة ستتأثر بهبوط تلك الأندية ، أو صعود طنطا ومالية كفر الزيات ، فهل تريد تلك الأندية أن تكافئ على هبوطها ؟
لقد كنت أفكر في كتابة مقال حول تخفيض عدد أندية الدرجة الثانية من أكثر من 90 ناد الى 20 مثلا ، والدرجة الثالثة 22 ناد ، وانشاء دوري للهواة للذين لا يملكون امكانيات مجاراة عصر الاحتراف الذي نعيشه الآن ، مثل جميع الدور "المحترمة" كرويا ، فإذ بي أفاجأ بهذا الطلب الكارثي من تلك الأندية بجعل الدوري من مجموعتين ، وهو ما ينسف مفهوم "الدوري" من الأساس ، ويعود بنا عقود طويلة الى الوراء من التخلف الكروي "والعملية أصلا مش ناقصة".
كان يجب على مسئولي تلك الأندية أن تبحث عن سبل مواجهة الامكانيات المادية الكبيرة للأندية التابعة للشركات ، وايجاد مصادر للتمويل ، وهي أمور ليست مستحيلة ، بدلا من التفكير على الفور في تغيير نظام الدوري بتبريرات واهية ، ليس لرفع مستواه ، ولكن لمصلحة هؤلاء المسئولين الشخصية.
الشئ الذي يدعو الى الدهشة الشديدة هو مساندة نادي الزمالك لتلك الأندية ، وهو ما لم أجد له تفسيرا منطقيا ، فلا أعتقد أن الزمالك سوف يستفيد من تحويل الدوري الى مجموعتين ، ولا أظن أن رئيس الزمالك يريد تدمير الكرة المصرية بهذا الشكل!
السبب الوحيد برأيي لهذه المساندة الغريبة من الزمالك للأندية التي تريد افساد الكرة المصرية هو حصول النادي الأبيض على تأييد تلك الأندية في مواقف مستقبلية ، أو لضم لاعبين يريدهم الزمالك دون معارضة ، وإن كنت لا أدري ماذا سيستفيد الزمالك من ناد مثل مالية كفر الزيات أو الرباط والأنوار!
أتمنى من مسئولي اتحاد الكرة ووزارة الشباب عدم الالتفات من الأصل لهذا الطلب ، الذي من شأنه أن يقذف بنا سنوات طويلة الى الوراء ، ونحن في الأصل لا نتقدم الى الأمام!