و"النفس الطويل" الذي أتحدث عنه ليس له علاقة بـ"الشيشة والمعسل والولعة" التي يفقه فيها بعض لاعبينا ممن نشاهدهم على "القهاوي والكافيهات" حتى ساعات متأخرة من الليل ، إنما تتعلق بالإرادة الصلبة والروح القتالية و"الغيرة" على الفوز وهي الصفات التي نفتقر إليها عندما نتحدث عن كرة القدم في مصر.
لقد أثبت لاعبو ليفربول أنه لا مكان للاستسلام في كرة القدم ، فقد حولوا تأخرهم بثلاثة أهداف إلى فوز تاريخي على ميلان الصلب والعريق بضربات الترجيح ، ولم يقتصر هذا الأمر على الفريق الإنجليزي في بطولة أوروبا ، إنما كانت حكاية عدم الاستسلام هذه سمة لكل البطولات المحلية الكبرى هذا الموسم ، على خلاف الدوري المصري.
فبينما أحرز الزمالك بطولة الدوري العام في الموسم الماضي دون منازع وتبعه الأهلي هذا الموسم بتحقيق أرقام قياسية فلكية لا تدل بصدق على مستوى عال للكرة في بلدنا ولا يفتخر بها أي شخص "غير أهلاوي" لأنها لا تعطي انطباعا عن قوة الأهلي بقدر ما تعبر عن ضعف المنافسة ، فقد كانت هناك منافسات شرسه مستمرة حتى المراحل الأخيرة في أغلب "دوريات" العالم ، وليس قبل سبعة أسابيع من عمر البطولة "زي عندنا".
ففي إنجلترا ، ظل ألأرسنال يحاول اللحاق بركب تشيلسي المتصدر رغم فارق النقاط غير القليل بين المتصدر والوصيف ، حتى أن الفرنسي أرسين فينجر المدير الفني للأرسنال صرح بأن فريقه سيستمر في ملاحقة "الزرق" حتى تصبح المسألة منتهية حسابيا.
وفي إيطاليا استمرت المنافسة بين اليوفنتوس وميلان مشتعلة ولايفصلما إلا هدف "يتيم" حتى أسبوعين من نهاية المنافسة ، كما استغل ريال مدريد كبوة بسيطة من برشلونة وقلص الفارق بينهما إلى خمس نقاط بعد أن كان خارج نطاق المنافسة ، ونفس الشيء بالنسبة لفريق شالكه الألماني المغمور الذي "ضيق الخناق" على العملاق بايرن ميونيخ ، حتى أنه اختطف منه الصداره في وقت من الأوقات.
وهكذا كان الحال في الدوري الهولندي والبرتغالي والتونسي ، وربما الدوري المنغولي أيضا ، إلا الدوري المصري ، ومعه الفرنسي الذي احتكره نادي ليون ، وحتى كلنا يعرف المستوى المتدني الذي وصل اليه منتخب فرنسا وأغلب الفرق الفرنسية في البطولات الكبرى.
أما بالنسبة لمصر ، فحدث ولاحرج .. فالدوري "حالته كرب" ، وفي الموسمين الماضيين سيطر عليه فريق واحد دون أدنى محاولة من الأهلي للحاق بالزمالك ، وحدث العكس في هذا الموسم بين الأهلي المتصدر وباقي الفرق المستسلمة ، حتى إن جماهير الأهلي ظلت طوال هذا الموسم تتساءل : "فاضل كام نقطة ونحسم الدوري"؟.
وحتى المنافسة على المركز الثاني ما كان لها من أثر لو كان الزمالك والإسماعيلي في نصف قوتهما ، وهذا ليس تقليلا من مستوى إنبي وحرس الحدود وأسمنت السويس ، لكننا جميعا نعرف فارق المستوى الحقيقي بين هذه الفرق والأهلي .. و"خلوا الطابق مستور".
أما على مستوى بطولة دوري أبطال العرب فقد خرج الزمالك بشكل سيء من دور الثمانية بعد التعادل مع الصفاقسي والمولودية والكويت الكويتي ، والحمد لله أن كونكورد الموريتاني لم يكن في المجموعة ، أما الإسماعيلي فخرج "بزفة بلدي" برغم كل المساعدة التحكيمية الذي تلقاها في مباراة أهلي جدة ، إلا ان عمرو فهيم و"اخواته" فضلوا "البلطجه".
وفي أفريقيا خرج "الثلاثي المرح" الأهلي والزمالك والإسماعيلي من بطولتي العام الماضي "بلا حمص" ، وهذا الموسم تأهل الأهلي لدور الثمانية "بطلوع الروح" أمام اتحاد العاصمة ، مع جزيل الشكر للحارس عصام الحضري "بتاع البطيخة" ، كما تأهل الزمالك بعد الفوز على فرق "نص كم" مثل تاسكر الكيني وأتليتيكو أفياكاو بتاع الكابتن "لوبيا" ، أما الإسماعيلي فتأهل بدعاء الوالدين بعد انسحاب النادي الجنوب أفريقي واحتفالات رواندا بذكرى الحرب الأهلية ، و"سبوع" الفريق البوركيني!
ونأتي للمنتخب الذي "والشهادة لله" منذ أن تولى تدريبه القدير حسن شحاته وهو في تحسن مستمر ، وأنا أدعو الله ألا يعود لاعبوه إلى ما كانوا عليه أيام طيب الذكر الكابتن تارديللي ، حيث كان لاعبوا المنتخب يخافون عند سماع اسم "اللهم احفظنا" دروجبا ، ويشمون رائحة التائب ويستيقظون على "كابوس" إيتو الذي أحرز هدفين في مرمانا في دقيقة!
إنني أخشى على مستوى الكرة في مصر من الاستهتار والتسيب ، وعلى صحة المشجعين المخلصين الذين يعانون من الضغط والسكر وتصلب الشرايين بسبب اللا مبالاة لدى لاعبينا "السوبر" الذي أصبح ثمن كل واحد فيهم أكثر من مليون جنيه ، "ده كده لو ضربه السلك"! والأهم من ذلك أننا ننهزم بسرعة ، فنخسر مباراة ، ونعتبر أن الدينا قد انتهت