فبالفعل أثبتت الأيام أن "شحاتيللي زي الحاج تارديللي" ومثل الجوهري ومحسن صالح وراوتر ورادوليسكو وجيلي وغيرهم وغيرهم من مدربي المنتخب الوطني الذين فشلوا في قيادته للتأهل إلى كأس العالم ، وذلك منذ المشهد التاريخي الذي لا ينساه أبناء جيلي عندما شاهدنا علم مصر يرفرف بين أيادي رجال البحرية المصرية في ملاعب إيطاليا عام 90.
كل هؤلاء المدربين وقعوا في نفس الأخطاء ، فأخطاء 94 هي أخطاء 98 وهي أخطاء 2002 و2006 ، وستكون هي نفسها أخطاء 2010 ، رغم اختلاف مدارس المدربين وتنوعها من مصرية إلى رومانية إلى هولندية إلى فرنسية إلى إيطالية ، كل هذا وأسباب الإخفاق واحدة ، ولا يزال اللاعبون النجوم في بلادهم يرعبون لاعبينا ويسببون لهم مشاكل لا تنتهي إلا بإحراز هدف الفوز وإقصاء المنتخب المصري ، الذي يجري لاعبوه بمجرد أن تنتهي المباراة إلى اللاعب النجم سعيا وراء الحصول على توقيعه في "أوتوجرافتهم" الأنيقة.
لن أطيل الحديث في هذه النقطة ، لأنني سبق وتناولتها في مقال سابق بعنوان "يعني أنزل أنا أمسك التايب" ، وأنتقل إلى خطأ آخر دائم التكرر من مدربي المنتخب ، وهو الحذر التكتيكي المبالغ فيه في وقت يكون المنتخب أحوج ما يكون للفوز دون سواه ، فهاهو حسن شحاتة ارتكب خطأ من سبقوه في الحذر الدفاعي ، ولعب برأس حربة واحد في مباراة لا ينقذه فيها إلا الفوز ، ويا ليته أحسن اختيار هذا المهاجم ، فبدأ بعبد الحليم علي الذي تفرغ لتحدي دروجبا في مباراة "ستريت فايتر" ، وأبقى على مقعد البدلاء عمرو زكي السريع والقوي على المستوى البدني وميدو العائد بقوة قبل أيام من إصابته ، وبالفعل نجح ميدو في إحراز هدف لم يحتسبه الحكم لسبب غير معلوم حتى لحظة كتابة هذه السطور.
وبدلا من أن يفكر شحاتة في مصر وفرصتها الأخيرة بالتأهل إلى كأس العالم ويلعب بتشكيل هجومي متوازن وبعناصر الخبرة والكفاءة منذ البداية ، فضل أن يفكر في نفسه وفي منصبه سعيا وراء تعادل "شكله حلو" أو حتى هزيمة مشرفة ، فكانت النتيجة هزيمة كادت أن تكون قاسية لولا العناية الإلهية وتكاسل لاعبي كوت ديفوار عن إضافة الأهداف ربما لضمانهم نتيجة المباراة قبل مرور ساعة من وقتها الأصلي.
إن منتخب مصر لم يحقق فوزا واحدا على أي من منافسيه المباشرين في التأهل إلى كأس العالم منذ أن عمل بنظام المجموعات ، بل أنه نادرا ما حقق التعادل على أقل تقدير ، ففي 94 خسرنا من زيمبابوي على ملعبها ، و98 خسرنا من تونس وليبيريا ، و2002 خسرنا من المغرب وتعادلنا مع السنغال قبل أن نعرف أنها ستكون منافسا على التأهل ، وها نحن نخسر من كوت ديفوار "رايح جاي" لنترك "الأسود" تتصارع مع "الأفيال" بمعرفتها ، بينما نحن نحاول أن نعرف لماذا باتت لعنة الفراعنة لا تصيب أحدا سوانا؟!
ويثير مستوى معظم لاعبي الفريق العديد من التساؤلات حول مصير هذا المنتخب حاليا وفي المستقبل القريب ، فبشير التابعي ظهر بمستوى متواضع للغاية مواصلا سلسلة عروضه الضعيفة ، وأتمنى أن تختفي أخبار انتقاله من الأهلي أو الزمالك أو حتى مركز شباب منخفض القطارة ، وطارق "شمشون" لا يزال يبحث عن شعره الذي يبدو أنه مصدر قوته في السنوات الأخيرة ، وعبد الحليم علي الذي لم يثبت نفسه أمام أي منتخب كبير حتى الآن.
أما ثلاثي الأهلي أبو تريكة وبركات ووائل جمعة ، فقد أثبت أن فوز الأهلي بالدوري الموسم الماضي لم يكن إلا بسبب ضعف المنافسين ، فالأول لم يظهر بمستواه دوليا منذ مباراة ليبيا في أكتوبر من العام الماضي ، والثاني لم يلعب مباراة واحدة جيدة مع منتخب مصر باستثناء مباراة الجزائر في تصفيات 2002 ، أما الثالث فمستواه في تراجع مستمر وكان واضحا أنه سيظهر بهذا المستوى منذ مباراة السودان.
حقيقة أن الصورة ليست بهذه القتامة إذا كنا نرغب في الفوز على السودان وليبيا وبنين على ملعبنا فقط ، أما إذا كنا نرغب في الارتقاء بالكرة المصرية والمنافسة الحقيقية على التأهل إلى كأس العالم وكأس الأمم الأفريقية التي لم يتبق عليها سوى أشهر معدودة ، فالصورة مظلمة بالفعل والمنتخب أمامه مجهودا كبيرا ليبذله وجرأة لا متناهية يتحلى بها والكثير جدا من التضحية الحقيقية ، وليس من خلال التصريحات فقط!
إننا لم نطلب من شحاتة أن يحقق المعجزات وأن يصعد بنا إلى كأس العالم بعد أن يسحق الكاميرون وكوت ديفوار على ملعبيهما ، لكننا كنا نطلب منه أن يتعامل مع أحلامنا بشيء من الاحترام والجرأة ، لا أن أتحدث