لم يكن غضبي سببه الأداء الهزيل لمنتخب مصر أمام فريق ضعيف فنيا ، أو بسبب غياب الحلول الهجومية الفعالة برغم وجود نخبة من أفضل مهاجمي مصر ضمن تشكيل المنتخب ، ولكن ما أثار حفيظتي قد يبدو للبعض أمرا "تافها" ، لكنه في الحقيقة يدل على مدى الجهل الرياضي والاستهتار الذي وصلنا إليه.
فقد خرج علينا معلق القناة الثانية "الهمام" وهو يشير إلى لقطة ظهر فيها مساعد مدرب منتخب الإمارات على أنه المدير الفني الهولندي ديك أدفوكات والذي لم يظهر في الأساس خلال الشوط الأول من المباراة لسبب ما!
ولم يكن خطأ السيد المعلق من طراز "سقط سهوا" ، فالخطأ وارد ، ومن منا لا يخطيء أو يندفع ، بل إنه ظل يشير إلى مساعد مدرب الإمارات على أنه أدفوكات ، وذلك في أكثر من مناسبة!
كيف يمكن للتليفزيون المصري أن يسمح لشخص محدود المعرفة الكروية أن يخرج علينا ويعطينا معلومات خاطئة أو يحرج نفسه ويحرج الإعلام المصري بأخطاء سخيفة يلاحظها أصغر طفل متابع لكرة القدم.. هية ناقصه؟!
هل لكم أن تتخيلوا مدرسا يمد طلابه بمعلومات خاطئة أو مذيع نشرة أخبار يسرد الأكاذيب؟
أنا لا أقارن كرة القدم بالتعليم أو ما إلى ذلك لأن في النهاية هي رياضة ، لكنها مسألة مبدأ!
فنحن مقبلون على مرحلة مهمة وهي كأس الأمم الأفريقية 2006 ، وآخر ما نريده هو أن نحرج أنفسنا بسبب مثل هذه الأشياء ، وقد يكون هذا الأقرب من الواقع في ظل ما نشهده من تخبط في الإعلام الرياضي ، وخير دليل على ذلك كمية الأخطاء التي يقع فيها معلقونا الرياضيين من معلومات وحقائق ونطق للكلمات والأسماء الأجنبية ، وحتى آراؤهم تكون غالبا غير منطقية ، فبعضهم يجامل دون داع ، والبعض الآخر يسخر من الفريق الضيف وكأنه من دولة معادية.
ويكفي أن أقول لكم أني ظللت طوال فترة طفولتي وأنا أعتقد بأن بطولة أمريكا المفتوحة للتنس تسمى "فلاشنج ميدو" أي تنطق مثل اسم اللاعب أحمد حسام "ميدو" وهي في الحقيقة تنطق "فلاشنج مدوز" بكسر الميم ، وحتى كلمة فلاشنج تنطق بطريقة غير التي نسمعها .. لكن أقول إيه... منه لله اللي كان السبب!
وقد قرأت منذ فترة قريبة في إحدى الصحف القومية أن التليفزيون المصري أرسل وفدا لحضور إحدى مباريات فريق ليفربول في الدوري الإنجليزي للاطلاع على "أحدث تقنيات التصوير والإخراج" ، وتم تخصيص مبلغ من ملايين الدولارات لشراء أحدث كاميرات التصوير لاستخدامها في كأس الأمم.
وضحكت عند قرأتي للخبر لعدة أسباب : أولها وصف تقنيات التصوير والإخراج الإنجليزية على أنها "الأحدث".. نحن في القرن الـ21 يا جماعة ، وهذه التقنيات موجوده منذ سنوات وتستخدمها دول أقل منا بكثير ، ثانيا : مجرد التفكير في أن متابعة مباراة أو اثنتين ستعطينا الخبرة اللازمة لاستخدام هذه الأجهزة مسألة تثير الضحك ، وتذكرني بالطالب "البليد" الذي لا يدرس حتى ليلة الامتحان ظنا منه أنه "ح يذاكر في ليلتها ويقفل الامتحان"!
ثم نأتي إلى الملايين "المزعومة" التي ستنفق على أجهزة - ما زلنا نبحث عنها - ونحن في الأصل نحتاج إلى مواهب تجيد استعمال هذه الأجهزة ، كيف نصرف هذه الأموال - العامة – ونحن نعلم أن عددا لا بأس به من مخرجينا ومصورينا "الكرويين" باتوا أشبه بمخرجي ومصوري الأفراح والمسلسلات!
العجيب في الأمر أن مذيعي المباريات يظلون في كل مباراة يهتفون ويهللون ويشكرون الوحدة الـ16 والـ19 والـ42 وكل العاملين بها من أول المخرج وحتى "عم سيد" بتاع الشاي والقهوة حين يتم استخدام "جرافيك" بسيط لإيضاح اسم لاعب أو فريق إلى ذلك – وعادة تكون المعلومة أو الإسم خطأ أصلا - أو عندما تظهر الكاميرا زاوية جديدة وكأنه إنجاز تاريخي لم يسبقه مثيل بينما هو في الحقيقة شيء بسيط ومستخدم في كل دول العالم المحترمة وغير المحترمة كرويا أحيانا.
ومؤخرا استمعت إلى وصف مباراة المقاولون ودولفين النيجيري من نيجيريا في إذاعة الشباب والرياضة ، وللأسف مجهود الإذاعة في نقل هذه المباراة ضاع بسبب مذيع لا يعرف كيف يعلق على مباراة في الإذاعة ، وكيف يشرح أين الكرة ولمن الهجمة ، ومن سجل الأهداف ، طب تصدقوا بإيه .. أنا ما كنتش عارف مين إللي جاب الجون التاني بتاع دولفين لغاية ما فاتت تلات أربع دقايق على الأقل!
إلى متى سنظل نضحك على أنفسنا و"ندفن رأسنا في التراب" ونهييء لأنفسنا أننا رواد في الرياضة والإعلام؟ ألا ترون ما تفعله كافة القنوات الفضائية والأرضية؟ الناس تشاهد كل شيء الآن .. إن الريادة الحقيقة تأتي من الإبتكار والتطوير ، ونحن لانملك لا هذا ولا ذاك ، وكل ما