للوهلة الأولى ، سيتبادر إلى أذهان القاريء أن محرر رويترز هذا "راجل مفتري" وأنه حاقد على مصر وكاره لشعبها ولم يشرب من نيلها وغير هذا من الكلام الفارغ الذي يردده بعضنا ، ولا تقلقوا ، فأنا شخصيا أكاد أشم من بعيد رائحة أي إعلامي يكره مصر أو يريد التقليل من شأنها ، والدليل على ذلك مقالي السابق "أنا وليلى" ، ولكني بالتأكيد أشعر بالخجل من نفسي ومن أشياء أخرى كثيرة عندما يتحدث كاتب مثل توماس فريدمان في حواره مع حافظ المرازي مذيع "الجزيرة" الشهير - المصري الجنسية - ويقول إن المصريين فشلوا حتى الآن في صناعة فانوس رمضان واستوردوه من الصين ، فيرد عليه المذيع بأن العلم الأمريكي نفسه مصنوع في الصين ، فيرد عليه فريدمان بكل "لماضة" قائلا إن أمريكا استوردت أعلامها من الصين ولكنها تصنع أشياء أخرى عظيمة كالبرمجيات وصواريخ الفضاء ولكنكم لم تصنعوا شيئا!
فهنا ، لا داعي لأن أسارع وأصف فريدمان بأنه يكره مصر ، بل إنني يجب أن أستمع إلى ما يقوله وأشعر بالخجل من نفسي أولا قبل أن أتهم أحدا بهذه الاتهامات البوليسية!
المهم أن تقرير رويترز الذي أعده محررها بارنابي تشيسترمان كان واقعيا ، وأي مصري يقرأه يكاد يستشعر منذ اللحظة الأولى أن هذه الأحداث والمهازل تجري بالفعل في مصر وليس في أي بلد آخر ، ولو افترضنا أن المحرر بث الخبر بدون كتابة اسم البلد المقصود ، لعرف كل مصري أن البلد المقصود هو مصر ، وليس أي بلد آخر ، أقول هذا وأنا أيضا أشعر بالخجل!
ومن بين ما قاله التقرير أن "الدول المشاركة في البطولة قدمت الأزياء الرياضية الخاصة بفرقها إلى الاتحاد المصري المنظم للبطولة ليمكن تثبيت شارات عليها تبين أسماء الدول وفئات الأوزان ، لكن رئيس الاتحاد الفرنسي للجودو جان لوك روج قال إنه حين أعيد زي فريق إحدى الدول كانت الملابس مغطاة بزيت أسود وغير قابلة للاستعمال"!
ويمضي التقرير يقول : "وفي اليوم الأول من البطولة لم يقدم ماء يكفي للرياضيين ، في حين كانت منطقة الإحماء التي يستعد فيها اللاعبون للمنازلات تقع في مكان قذر يشبه جراج السيارات ، كما وصل الصحفيون إلى المكان المخصص لهم ليتبينوا عدم وجود مقابس كهرباء ونادرا ما يستمر الاتصال بالإنترنت أكثر من دقيقة أو اثنتين قبل الانقطاع".
طبعا أضيف هنا أنه لا يوجد أي ملعب كرة في مصر يوجد به أي مقاعد مخصصة للصحفيين أصلا ، وأكاد أشك بنسبة 88,6% في أن استادات كأس الأمم الأفريقية ستكون بها أجهزة كمبيوتر متصلة بالإنترنت!
الجملة الأخيرة هذه من عندي بالطبع ، ولكن تقرير رويترز يمضي قائلا : "ويعاني الصحفيون أيضا من ندرة المعلومات ، ولا يوجد مدير صحفي أو إعلامي للاتصال به حين تظهر مشاكل ، وزاد الأمر سوءا أن التليفزيون المصري نقل بثا دون بيانات توضيحية ، مما يعني أن اللقطات التليفزيونية نقلت في أنحاء العالم دون معلومات عن طرفي المباراة".
تعليق من عندي أيضا : "أظن دي ما حدش يقدر ينكرها طبعا"!
ويتحول تقرير رويترز إلى صورة تراجيدية حقا عندما يقول : "والشيء المذهل هو أن الاستاد لم ينظف منذ بدأت المسابقة يوم الخميس ، كما أثار الراقصون في الحفل الافتتاحي غضب ياسوهيرو ياماشيتا الشخصية الكبيرة في عالم الجودو ومدير التدريب بالاتحاد الدولي للجودو ، لأنهم كانوا يؤدون حركاتهم على بساط الجودو مرتدين الأحذية رغم أنه ليس مسموحا بارتداء الأحذية على تلك الأبسطة لأسباب تتعلق بالصحة والنظافة"!!
واختتم التقرير نفسه بالقول : "كل هذا والمتحدث الرسمي باسم الاتحاد المصري للجودو يؤكد أن كل شيء يسير على ما يرام"!
انتهى التقرير ، والذي حرصنا على نشره في موقع Filgoal.com بالحرف رغم أنه أثار الاستياء بالفعل ، ولكن ما أثار رغبتنا في نشره هو خوفنا الشديد مما يمكن أن يحدث في بطولة الأمم الأفريقية لو حضر جوزيف بلاتر المباراة الافتتتاحية وتعرض للضرب من عساكر الأمن المركزي الراكبين للخيول مثلما حدث مع سامارانش من قبل في افتتاح دورة الألعاب الأفريقية عام 1991 بالقاهرة!
نشرناه بسبب خوفنا من أن يشتكى أي لاعب من سوء أرض الملعب مثلما شكا لاعبو ريال مدريد عندما زاروا القاهرة ولعبوا مباراتهم الشهيرة أمام الأهلي واتهمناهم وقتها بأنهم "بيتلككوا"!
نشرناه لأننا نخشى من أن يشكو أحد كبار الزوار من عدم نظافة الحمامات أو انسداد أحواض دورات المياه في أي من الاستادات التي ستقام عليها البطولة.
نشرناه لأننا نخشى أن يدخ