ويبدو أن تساؤلا كهذا سهل الإجابة ، فالأهلي كان أفضل الفرق المشاركة منذ البداية وسبقته سمعته بما حققه في الدوري المصري في الموسم الماضي ، فكان المرشح الأول طبقا لكل الصحف المهتمة بكرة القدم الأفريقية ، ربما باستثناء الاتحاد الدولي لكرة القدم والذي استثنى الأهلي من تصويته لبطل القارة ، وهاهو الأهلي يفوز بلقب هو الأحلى طعما من بين ألقابه الثمانية ، وببطولة هي الأقوى في رأيي بعدما ضمت معظم عمالقة القارة السمراء لأول مرة.
وكيف لا تكون أقوى نسخ البطولة وقد ضمت فرق عمالقة مثل الأهلي والزمالك من مصر والنجم والترجي من تونس وإنيمبا النيجيري حامل اللقب عامين متتاليين ، بالإضافة إلى الرجاء المغربي وأسيك أبيدجان الإيفواري ، وقبلهم اتحاد العاصمة الجزائري وآخرين من أعتى الفرق الأفريقية ، بعد أن طبق الكاف النظام المتبع في دوري أبطال أوروبا بمشاركة أكثر من فريق من دولة واحدة ، فأخرج ذلك بطولة متميزة لكل الجماهير الأفريقية التي استمتعت بها حتى مباراتها النهائية.
وإذا تحدثنا عن المباراة كمباراة للنهائي ، فقد جاءت تليق بنهائي لبطولة قارية مثل دوري الأبطال من الناحية التكتيكية والفنية أيضا ، ففريق النجم لعب بطريقته المعهودة في الدفاع المنظم أمام مرماه ، ثم محاولة إحراز هدف عن طريق هجمة مرتدة أو من كرة ثابتة ، وبالفعل لم تأت أهداف الأهلي م أخطاء دفاعية ، بل هدفين منها من تسديدات بعيدة المدى ، وثالث بضربة رأس رائعة استغلالا كرة عرضية متقنة نادرة ، وهو من الأهداف النادرة التي يحرزها الأهلي من كرات عرضية.
أما الأهلي ومدربه البرتغالي مانويل جوزيه ، فقد أثبت أنه مدرب متميز بالفعل ، ليس لأنه حقق الفوز بالمباراة أو بالبطولة ، ولكن لأنه تعامل مع مباراتي الذهاب والإياب بواقعية شديدة ، فلم يغامر خلال مباراة الذهاب بالهجوم غير المجدي والذي كان من الممكن أن يكلف الأهلي خسارة تعقد موقفه في مباراة العودة ، وإنما وافق على الطلب الضمني من محمد بازادريفيتش بتأجيل الحسم إلى مباراة العودة ، ولكن ما نسيه بازادريفيتش أن جوزيه مدرب يعرف كيف يصحح أخطائه أثناء سير المباراة ، فما بالك بمباراة أخرى كاملة على ملعب الأهلي وبين جماهيره التي لا تعرف الرحمة؟
فجوزيه فضل البدء بأسامة حسني النشيط للغاية في خط الهجوم على حساب بركات ولا أقول إسلام الشاطر ، لأن بركات عندما يلعب كظهير وجناح تقل خطورته كثيرا عما إذا لعب حرا في وسط الملعب. لكن هذه المرة تألق بركات بشدة في هذا المركز رغم واجباته الدفاعية ، ونجح رهان جوزيه في أن وجود بركات في الجهة اليمنى ، ومن خلفه أحمد السيد أو وائل جمعة يغطيان تقدمه ، سيعطي الأهلي تفوقا ساحقا في تلك الجبهة ، بالإضافة إلى أنه سيبعد مدافعا واحدا على الأقل عن وسط الملعب ، وهو ما أعطى الأهلي السيطرة الميدانية على وسط الملعب وجعل أبو تريكة يصول ويجول بحرية بعد تفرغ النجم لمراقبة بركات باعتباره أخطر لاعبي الأهلي ، وبالفعل جاء الهدف الأول بتمريرة من بركات إلى أبو تريكة الذي سدد "براحته" من جراء انشغال الرقابة بتحركات بركات.
ولو أن هدف الأهلي تغير لرأينا تغييرات تكتيكية من مدربه ، لكن تغييره الأول كان اضطراريا لتجدد إصابة جيلبرتو التي تعرض لها قبل المباراة ، وبالرغم من ذلك فقد تألق بشدة وبدا كما لو أنه يلعب منذ البداية ، فصنع الهدف الثاني بعرضية نادرة الإتقان والثالث بتمريرة قصيرة لبركات ، وحتى عندما حاول النجم الضغط على الجبهة اليسرى للأهلي ، كان عبد الوهاب له بالمرصاد.
وجاء أسلوب لعب الأهلي عقب هدفه الأول تكتيكيا من الدرجة الأولى ، فلم يعط الفرصة لمنافسه لفرض سيطرته على وسط الملعب ، بل واصل الأهلي سيطرته وامتلاكه للكرة محاولا اختراق الدفاع التونسي الصلب من أجل الإنهاء على آماله بهدف ثان ، وهو الهدف الذي لم يتأخر إلا ست دقائق من انطلاق صافرة الشوط الثاني.
ويستحق جوزيه الإشادة بتعامله المتميز مع فريقه عقب الهدف الثاني ، فبعدما اطمأن نسبيا على الفوز بدأ في تغيير خطته بإشراك إسلام الشاطر بدلا من المتألق أسامة حسني ، ليلعب ببركات حرا دون واجبات دفاعية ، وذلك رغبة منه في استغلال الهجمات المرتدة التي ستنتج عن تخلي النجم عن حذره الزائد ، وهو ما حدث بالفعل ، فأضاع الأهلي ثلاثة أهداف مؤكدة خلال ربع الساعة الأخير من المباراة ، قبل أن يضيف بركات الهدف الثالث.
وإذا كنت أتخذ على المدرب