مجرد مباراة انهزم فيها الأهلي ، مباراة كان فيها جميع لاعبي الفريق في حالة شديدة من السوء ، ولم يكن الأهلي يواجه فيها منافسا متواضعا يستطيع الفوز عليه بأقل مجهود ، والأدهى أنها هزيمة جاءت عقب 55 مباراة متتالية لم يعرف فيها الفريق طعم الخسارة ، لكن الصحافة في مصر تسير بقاعدة "معاهم معاهم .. عليهم عليهم".
لقد قام هذا الإعلام بتمجيد الأهلي والتهليل له بعد كل مباراة يفوز بها ، حتى لو كانت أمام أضعف فرق الدوري الممتاز ، وحتى لو كان أداء الفريق سيئا ، وبنفس المنطق تم ذبح الفريق وجهازه الفني لمجرد خسارة مباراة.
هل خسارة مباراة بعد 55 مباراة بلا هزيمة كافية لوصف الأهلي بـ"المحلي" ، وهل هذه الخسارة تثبت أن مانويل جوزيه مدرب "محظوظ"؟
أخطأ جوزيه في الدفع بأحمد أبومسلم ، ولم يستطع إخراج فريقه من الحالة المتردية التي ظهر عليها في الشوط الثاني ، لكن ذلك لا يعني على الاطلاق أنه فريق "محلي" لمجرد خسارة مباراة كانت آتية لا محالة ، فليس هناك أحد يفوز دائما!
المدرب نفسه قاد الأهلي للفوز بالدوري الممتاز الموسم الماضي دون هزيمة ، وفاز في 24 مباراة من أصل 26 ، وقاد الفريق أيضا إلى الفوز بدوري أبطال أفريقيا بعدما خاض 14 مباراة دون هزيمة ، تخطى خلالها فرق اتحاد العاصمة وإنيمبا والرجاء والزمالك والنجم الساحلي ، وهلل الجميع له ووصفه بـ"الساحر" ، لكن مع أول هزيمة أصبح مدرب "محظوظ" ، والأهلي فريق "محلي" ، لدرجة أنني ظننت أن الجميع كان ينتظر هزيمة الأهلي بفارغ الصبر!
الشيء نفسه حدث من قبل من منتخب مصر في مناسبات عديدة ، وكم من المرات التي أضعنا فيها مدربين مميزين بقرارات انفعالية بعد الهزيمة في مباراة ودية مثلا ، وبعدها هجوم صحفي كاسح يتبعه قرار غير مدروس بإقالة فلان ، والأمثلة في ذلك كثيرة.
السؤال الآن ، هل نملك بالفعل إعلاما رياضيا ونقدا سليما ، أم مجرد بعض الجهلاء الذين يركبون الموجة ، إذا فاز الأهلي هللوا له ، وبعد أن يخسر مباراة ، وهي بالفعل مجرد مباراة حتى لو كانت تسببت في إقصاء الفريق من المنافسة في كأس العالم ، يبدأون في "التقطيع"!
لقد نال الأهلي حقه من الاهتمام الإعلامي الذي يستحقه بسبب تطوره وقوته "وزيادة كمان" لأنه كان يفوز على طول الخط ، ولم ينظر أحد إلى السلبيات ، الموجودة بالتأكيد ، مما تسبب في حالة من الثقة الزائدة التي أراها سببا في الحالة المتردية التي ظهر عليها الفريق أمام الاتحاد بعدما ظن الجميع أن الأهلي "رايح يجيب الكاس وراجع" ، لكن قبل أن يبدأ الجميع في "التقطيع" بهذا الشكل عقب الهزيمة في مباراة ، عليهم أن يتذكروا ماذا فعل هذا الفريق خلال ما يقرب من عامين ليصل إلى اليابان ، هل ذهب إلى هناك لأنه بطل مصر "المحلي" ، أم لأنه صال وجال في أفريقيا "ولا ده كمان محلي"؟!
ويتكرر الأمر الآن مع الزمالك الذي يمر بفترة من أسوأ فتراته ، فعندما يفوز يبدأ الجميع في التهليل دون النظر إلى مستوى الفريق ، ويعيش الجميع في وهم استعادة الروح والثقة والكلام المصري المعروف ، ليفيق الجميع بعدها على هزيمة مخجلة.
وسيتكرر الأمر في الفترة القادمة مع المنتخب الوطني ، طالما أن الإعلام الرياضي في مصر يسير بهذه الطريقة ، إذا فزنا ، حتى لو في مباراة ودية ، يبدأ التهويل في الفرحة ، ولو انهزمنا في مباراة ودية أيضا ، يطالب الجميع برأس المدرب واللاعبين!