واللعبة لمن خانته الذاكرة كانت عبارة عن كرة مشتركة بين متعب وأحد مدافعي "الأفيال" لعبها متعب "لوب" لترتطم بالعارضة وترتد للعميد المتابع الذي وجد نفسه وجها لوجه أمام الحارس والفرصة سانحة له تماما لهز الشباك ودخول التاريخ بتسجيله أول أهدافه في البطولة ، ولكنه لعب كرة ضعيفة للغاية برأسه ، ليدخل متعب المنطلق من الخلف ويضعها في المرمى ليكون الهدف الثالث للفراعنة.
وأثناء احتفال مهاجم الأهلي الشاب بثاني أهدافه في المباراة والبطولة فوجيء الجميع وأنا منهم بالعميد يمسك رأسه بيديه تعبيرا عن حزنه الشديد لتسجيل متعب للهدف – وهذا ما تصورته في باديء الأمر - لكن الأكيد أن حسام كان حزينا لعدم تسجيل هذا الهدف بنفسه رغم سهولة الفرصة والتي أكد متعب نفسه فيما بعد أنه لم يتصور أن يضيع العميد هذه الفرصة السهلة ولولا التوفيق لما تابعها حتى سجل الهدف.
ومنذ هذا الوقت وأنا ناقم على حسام حسن لهذا التصرف الذي لا يتناسب اطلاقا مع لاعب في حجمه وتاريخه مع المنتخب تحديدا ، فتاريخ حسام مع المنتخب لا يمكن لأحد سواء يحبه أو يكرهه أن يتجاهله ولا مجال لنا الأن لذكر انجازات هذا العجوز الشاب مع الفراعنة.
غضبي من حسام بقدر حبي له ، فلم أتصور للحظة أن يحب شخص نفسه لهذه الدرجة التي جعلته يتمنى أن يسجل هدفا لبلاده بدلا من أن يسجله زميل له ، خاصة أن المباراة كانت صعبة للغاية والفوز بنتيجتها كان طريقنا الوحيد للتأهل لدور الثمانية ، لذا لا يهم على الإطلاق من يسجل هدف الفوز حتى لو كان أحد لاعبي كوت ديفوار أو حتى الحضري.
ولكن عندما شاهدت النجم الهولندي مارك فان بومل لاعب وسط برشلونة يفعل ما فعله حسام "بالضبط" في مباراة فريقه الأخيرة أمام ريال سوسيداد بالدوري المحلي عندما انفرد بالمرمى ولعب كرة رائعة ارتدت من العارضة ، لتجد إيتو المتابع يودعها في الشباك الخالية ويزيد من رصيد أهدافه في الليجا ، تيقنت تماما كم كنت قاسيا على العميد.
وأدركت حينها أن هذا شعور كل لاعبي العالم ، وخاصة من يمر بظروف حسام وفان بوميل الصعبة ، حيث كان العميد في أمس الحاجة لتسجيل ولو هدف في بطولة كبيرة مثل كأس أفريقيا يؤكد به قدرته على العطاء رغم سنه الذي قارب الأربعين ، وقد مٌن الله عليه به في مباراة الكونجو الديمقراطية عندما سجل هدفا ولا أروع.
ولقد مر وما زال يمر فان بومل بنفس تلك الظروف ، حيث يعاني منذ قدومه للبارسا في بداية الموسم الحالي من الجلوس على مقاعد البدلاء بشكل مستمر رغم أنه كان قائدا لإيندهوفن الهولندي وهدافه الأول ونجمه المتوج ، وكان هدف سوسيداد بمثابة طوق النجاة أو لنقل المركب التي سيعبر بها إلى التشكيلة الأساسية لبرشلونة ومن ثم ضمان البقاء في إسبانيا الموسم القادم وعدم الرحيل إلى أي ناد آخر أو حتى العودة لإيندهوفن بخفي حنين!
فعلا .. ظلمتك يا "عميد"!