كتب : نصري عصمت | الثلاثاء، 16 مايو 2006 - 17:17

إريكسون "باع القضية"

سأل الصحفيون السويدي زفين جوران إريكسون مدرب إنجلترا بعد إعلانه تشكيلة فريقه المشاركة في المونديال : "هل شاهدت المهاجم الشاب ثيو والكوت؟" .. فأجاب بـ"لا" ، فعادوا للتساؤل : "إذن، لماذا ضممته لتشكيلة فريقك؟" فرد قائلا :"لأنه سريع!".

إريكسون فسر اختياره لوالكوت مهاجم أرسنال البالغ من العمر 17 عاما بأنه "مقامرة" رغم أن اختياره لواين روني المصاب بكسر في قدمه يعد مخاطرة أخرى تكفي لإشباع روحه للمقامرة بما يكفي.

مدرب إنجلترا يصطحب معه لألمانيا أربعة مهاجمين ، أحدهم مصاب بكسر (روني) ، وأخر عائد لتوه من إصابة عنيفة (أوين) ، وإثنين يبلغ مجموع مشاركاتهما الدولية ستة مباريات وفي رصيدهما هدف دولي واحد (كراوتش ووالكوت) ، على حساب جيرمين ديفوه مهاجم توتنهام الذي سجل هدفا ثمينا في مرمى بولندا خلال التصفيات في وارسو ، ودارين بنت صاحب 16 هدفا في الدوري الإنجليزي هذا الموسم ، وداريوس فاسيل صاحب الخبرة.

قبل إصابة روني كان إريكسون يدرك جيدا أن فريقه يملك فرصة كبيرة في الفوز بالمونديال ولا يملك منتخب أخر عناصر على ذات المستوى من الكفاءة إلا البرازيل.

لكن بعد إصابة مهاجم مانشستر يونايتد الرائع تعرض المدرب السويدي لحالة إحباط لدرجة جعلته يتصرف بطفولية شديدة ويتمسك بضم روني حتى لو كان مصابا وحتى إذا لم يلعب إلا المباراة النهائية ، دون أن يسأل نفسه : "كيف سأصل للمباراة النهائية إذا كانت تشكيلتي من المصابين والناشئين؟".

إنجلترا تستطيع الوصول لنهائي كأس العالم بروني أو والكوت أو حتى دونهما ، لأنها تملك لاعبيّن من أبرز نجوم العالم حاليا هما فرانك لامبارد وستيفن جيرارد ، فالأول لاعب وسط سجل وصنع أهدافا في الدوري الإنجليزي هذا الموسم أكثر مما فعل روني ويدخل المونديال حاملا لقب ثاني أفضل لاعبي العالم ، أما الثاني فكان أداءه في نهائي كأس إنجلترا مع ليفربول خير شاهد على قدراته المذهلة والمسئولية التي يتحملها مع ناديه.

ولو استطاع إريكسون توظيف قدراتهما الهجومية فسيكون هذا المونديال هو الأفضل للإنجليز منذ 1966 ، ولو تابع المدرب مباراة نهائي الكأس جيدا لربما فضل ضم دين أشتون مهاجم وست هام الذي تلاعب بدفاع ليفربول وسجل 17 هدفا هذا الموسم ويعيد أسلوبه إلى أذهان طريقة لعب ألان شيرار بدلا من والكوت.

ولا يقتصر الأمر على جيرارد ولامبارد بل تضم إنجلترا جون تيري وديفيد بيكام -أفضل صانع أهداف في الدوري الإسباني وليس زوج فيكتوريا أدامز بالطبع- وجو كول ، وحتى الوافدين الجدد مثل أرون لينون وستيوارت داونينج ومايكل كاريك قدموا موسما ممتازا مع توتنهام وميدلسبره.

وجود كل هؤلاء النجوم يعني أن لا داعي لقلق إريكسون و"بكائه" المتواصل في وسائل الإعلام لإصابة روني ، وإصراره على اصطحاب اللاعب محملا إياه ضغوطا عصبية هائلة قد تضعف من قواه كثيرا حتى لو شفي قبل نهاية المونديال ، ولا داعي لتكرار الموقف ذاته مع والكوت الموهوب الذي لم يخاطر مدربه أرسين فينجر بالدفع به في أي مباراة رسمية.

وهناك حلول تكتيكية عديدة لتوظيف اللاعبين في غياب روني أبرزها استخدام لاعب الوسط جو كول كمهاجم متأخر خلف أوين ، أو اللعب بخمسة في خط الوسط بصورة تسمح بالاستفادة من قدرات لامبارد وجيرارد في مساندة رأس الحربة دون الانشغال بالمهام الدفاعية ، وخطط أخرى قد يسمح المجال بشرحها لاحقا.

لكن اختيارات إريكسون جاءت على طريقة المثل البلدي "يا صابت يا اتنين عور" و هو أسلوب يعكس مشاعر مدير فني يعلم جيدا أنه سيترك منصبه عقب المونديال بسبب خلافه مع الاتحاد سواء فاز باللقب العالمي أو خرج من الدور الأول ، بمعنى أصح مدرب "باع القضية".

وأي مدرب يملك مستقبلا مع فريقه سيفكر ألف مرة قبل اصطحاب لاعب لم يسبق له المشاركة في أي مباراة رسمية مع ناديه إلى المونديال ، لأنه سيحسب عواقب قراراته وماذا سيكون تفسيرها المنطقي أمام مسئولي الاتحاد ووسائل الإعلام والجماهير.

إريكسون ليس مهملا ، بل أنه أكثر شخص في بريطانيا يحلم بالفوز بكأس العالم ، وذلك ليس للعودة بالكأس إلى قصر باكنجهام وإهدائه إلى الملكة ، ولكن من أجل مجده الشخصي قبل كل شيء.

ورغم اليقين بأن حساب هذه القرارات تقيد رغبات المدربين وتحرمهم أحيانا من مخاطرات مطلوبة لدرجة تصل بهم إلى الجبن ، لكن المؤكد أن إريكسون وصل إلى مرحلة جنونية من المقامرة مما قد يهدر فرص إنجلترا في المونديال ويحرمنا من متابعة منتخب إنجليزي ممتع في كأس العالم.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات