هاني عسل

إحلال وتبديل إيه بس؟!

أخطر شيء في البني آدم أن يكون فاقدا للبصيرة ، وأن يجيد إطلاق الأحكام الجازمة اعتباطا واستعباطا ، وهذا بالفعل هو مضمون "غالبية" التعليقات التي استمعت إليها من مسئولين وجماهير وأصحاب أقلام بعد مباراة الأهلي والزمالك "المضحكة" في نهائي كأس مصر.
السبت، 17 يونيو 2006 - 16:03
أخطر شيء في البني آدم أن يكون فاقدا للبصيرة ، وأن يجيد إطلاق الأحكام الجازمة اعتباطا واستعباطا ، وهذا بالفعل هو مضمون "غالبية" التعليقات التي استمعت إليها من مسئولين وجماهير وأصحاب أقلام بعد مباراة الأهلي والزمالك "المضحكة" في نهائي كأس مصر.

فعندما نقول إن الأهلي أفضل من الزمالك ومن باقي الفرق المصرية في المواسم الثلاثة الأخيرة فهذه حقيقة مؤكدة وليست مجاملة للأهلي ، تماما كأن نقول إن الشمس تشرق من المشرق وتغرب في الغرب ، ولكن أن يأتي أحد ليقول لنا إن الزمالك هو الأفضل بس لولاش التحكيم ، أو إن الإسماعيلي هو إللي لازم يكسب الدوري لولاش بس الحكومة أهلاوية ، فهذا معناه أن هناك بالفعل خللا كبيرا لدى من يتكلم لا أقول في طريقة الحكم على الأشياء فقط ، ولكن ربما خلل في التركيبة النفسية لمن يتكلم ، أو مشكلة في نوعية التعليم التي حصل عليها من الأساس!!

هناك أمور تحتمل الاختلاف في وجهات النظر ، ولكن ليس كل الأمور تقديرية ، فضربة الجزاء التي احتسبها الحكم النرويجي للأهلي في مباراة نهائي الكأس قرار تقديري في النهاية ، ولكنها صحيحة بنسبة لا تقل عن 90% ، وكذلك الهدف الثاني الذي أحرزه الأهلي ، هدف غير صحيح بنسبة 90% أيضا لأن هناك خطأ ارتكبه محمد شوقي على عبد المنصف قبل أن يسدد عماد النحاس الكرة في المرمى ، ونفس الشيء بالنسبة لقرار طرد محمود محمود ، فقد كان ممكنا أن يكون مساعد الحكم لم ير اللعبة جيدا ، وكان من الممكن أن يمر خطأ محمود دون عقاب ، فهذا جائز ، ولكن أن تضرب لاعبا بالبوكس أمام مساعد الحكم وبعد كدة تقول : "أصله استفزني من الأول" فهذا معناه أنك ولا مؤاخذة انضحك عليك وشربت الكارت الأحمر ، هذا على افتراض أن متعب استفز محمود بالفعل كما يقول ، وقد يكون محقا!

وهناك قرارات تحكيمية غير صحيحة ، بعضها تقديري تختلف فيها الآراء أحيانا لتكون بنسبة 50 إلى 50% ، وقلنا مرارا إن الحل الوحيد في مثل هذه المواقف هو ألا تشكو ، بل الأفضل أن تتقبل قرار الحكم حتى ولو كان خاطئا ، لأن المدرب الفاشل فقط هو الذي يشكو من التحكيم ، واللاعب التعبان فقط هو الذي يعترض على التحكيم أو يحاول التحايل عليه للحصول على ركلات جزاء وضربات حرة.

وخدوها مني قاعدة : "لا يوجد حكم في الدنيا كلها قادر على هزيمة فريق يستحق الفوز" ، وهذا الكلام قلته لصديق من الإسماعيلية كان يقول لي إن التحكيم دايما بيكسب الأهلي ، فقلت له إن الإسماعيلي فاز بالدوري من قبل عندما كان قويا بحق ، ولم نسمع وقتها أي شكوى من التحكيم ، ثم قال لي أيضا إن الأهلي بيشتري لعيبة الأندية كلها بفلوسه ، فقلت له : طبيعي ، أي فريق عاوز يكسب بطولة لازم يكون عنده صف تاني وتالت ، والأهلي فاز بالدوري لأنه عندما أصيب شوقي لعب حسن مصطفى ، وعندما غاب حسن مصطفى لعب أكوتي ، وهكذا ، أما إذا كانت شكواك من ارتفاع أسعار اللاعبين فهذه مردود عليها بالقول إن الإسماعيلي حقق بطولتي دوري في السنوات العشرين الأخيرة بلاعبين اشتراهم من النجوع والأقاليم وكان من بينهم أيمن رجب وبشير عبد الصمد وغيرهما ، والباقون كانوا من ناشئي النادي ، ونفس الشيء حدث مع جيل بركات والشاطر والنحاس .. فبكم اشترى الإسماعيلي وقتها هؤلاء اللاعبين؟!

المشكلة في العين التي تختار ، وفي الإدارة التي تقرر ، فلو افتقدت هذه العين وهذه الإدارة إلى البصيرة التي نتكلم عنها لاختارت اللاعب السيء ، وهذا ما يحدث بالفعل ، والدليل على هذا نادي الزمالك الذي يملك رئيسه المال اللازم لشراء لاعبين بأغلى الأسعار ، ولكن هل رأيتم النتيجة؟! حتى اللاعبين الجيدين في الزمالك لم يفعلوا شيئا مهما قيل عن إن هذا كويس وهذا شكله مش وحش .. هذا رأيي .. لا يوجد في الزمالك لاعب يلفت النظر!

وفي الإسماعيلي ، لا أحد يدرك حتى الآن أن مشكلة الإسماعيلي الرئيسية هي في حراسة المرمى .. ومع ذلك ، فالإدارات المتعاقبة التي تولت المسئولية في النادي خلال العامين الأخيرين ما زالت تمتعنا بصبحي وفتحي!!

هل تصدقون أنني سمعت مسئولا في الزمالك يقول بعد مباراة الأهلي في الكأس إن ما يحدث في الزمالك هو مرحلة إحلال وتبديل طبيعية؟!

إحلال وتبديل إيه بس؟ لا يا عزيزي ، ما يحدث في الزمالك ليس إحلالا ولا تبديلا ، بل هو انهيار .. وسيكون الانهيار أكبر وأفدح في الموسم القادم لو سارت الأمور على هذا النحو ، لأن هناك منافسين للزمالك الآن أفضل منه فنيا وأكثر منه استقرارا وتنظيما ، وهذا شيء مؤسف حقا!

وما يحدث في الإسماعيلي ليس انهيارا والحمد لله حتى الآن ، ولكنه تخبط ، وأتمنى أن ينتهي قريبا ، وتحديدا هذا الشهر حتى يستطيع النادي أن يتعاقد مع مدرب جديد ويحضروا له ما يشاء من لاعبين وليس من يشاءون هم ، وفي المراكز التي يحتاج إليها ويعرفها الجميع ، وبأبخس الأثمان ، والم